في الاعتصام و الاختلاف

في الاعتصام و الاختلاف

في الاعتصام و الاختلاف

 تونس اليوم -

في الاعتصام و الاختلاف

يسـر توفيق فرج

في مسألة الأقاليم والفدرالية وما سواه من الأمور الخلافية أو التي لم ينضج بها رأي غالب موحد والتي اختلف  أو يمكن اختلاف  المعتصمين بشأنها  . و نظراً لكون التظاهرات واحد من أهم فعاليات النشاط (الحراك) الشعبي وأحد مظاهره ومن أهم وأخطر أدوات الديمقراطية التي تنقل الإرادة الشعبية وتعبر عنها وأحد أخطر أسلحة الصراع السياسي الديمقراطي لذا لابد من الحرص على ديمومتها وديمومة زخمها والحرص الشديد على وحدتها وتقديم وحدة الصف على كل ما سوى ذلك؛ وأن من أهم ضرورات نجاح التظاهرات السلمية أنها تظم كافة القوى الاجتماعية والشعبية والسياسية و تمثل القاعدة الكبيرة لمجتمع التظاهر وكلما زاد حجمها كانت أكثر تأثيراً وأبلغ إقناعاً وأعظم حجة ؛ وإن توحدها على مطالب محددة (قانونية) تجبر الدولة بموجب فوانيين الصراع السياسي الديمقراطي بالاستجابة لها والمعارضة بالتعاطف معها وإسنادها وكذلك تجبر المحيط الإقليمي والدولي و الأممي بسماعها ومنحها الشرعية الأممية وهذا هو مغزى توحد الأمة بإرادة واحدة وهذا هو المعنى الحقيقي لسلمية التظاهرات والاحتجاجات؛ وأي تكسر في إرادة الأمة يحجب عنها شرعيتها الجماهيرية المؤثرة وينقلها إلى خانة الصراعات الحزبية والسياسية داخل الأمة الواحدة أو داخل مجتمع التظاهر حتى تفرز في النهاية رأي موحد تتفق عليه الأمة من جديد؛ وهذا ما حدث وتوحد أهل السنة بكل أشكالهم ومشاربهم في العراق على أنهم { ظلموا وتحركوا لإعادة التوازن ورفع الضيم وإيقاف التعسف المروع بحقهم }.  وليس من مصلحة الأمة  نقل الإرادات الجماهيرية في مواجهة إرادات سياسية وحزبية وحكومية وسلطوية مضادة إلى إرادات شعبية أو حزبية متضادة ومتنازعة داخل صف الأمة وهذا لا يعني فرض وحدة الفكر و الثقافة بل يعني وبكل وضوح أن ميدان التظاهر ليس هو المنتدى الثقافي أو الفكري الذي تدور فيه الحوارات الفكرية والعقائدية والثقافية بل هو ميدان للدفاع عن حقوق الأمة والتعبير عن إرادتها التي لا تقبل التأجيل والمساومة ( هناك محاولات متعددة لفتح صراعات هامشية مع مكونات عراقية " شيعية كردية" لتشكيك في أصل التحرك الشعبي ولفتح جبهات أخرى بعيداً عن أصل الصراع ونقله بعيداً عن مطالب المتظاهرين المحددة) كل هذا يستدعي التمسك الشديد بوحدة الأهداف والمطالب و وحدة التظاهر والتعبير الصادق عن ضمير الأمة  والابتعاد تماماً عن أي أمر يمكن أن يقسم المتظاهرين أو يفتح جبهات جديدة في غنى عنها في الوقت الحاضر فهي أشبه بواجب الوقت.  لذا لابد من الأخذ بنظر الاعتبار عند دراسة أي هدف يقترح لرفعه في  التظاهرات ومن خلالها يمكن أن يقع في دائرة "المختلفات" ولا يتمتع بالاتفاق التام عليه "المشتركات" (كموضوع الفدرالية على وجه الخصوص) والشعارات والرايات التي يرفعها المتظاهرون  الأمور الآتية:ـ ١ . هل الصف بما فيه قياداته الدينية والاجتماعية و السياسية ( التي لها تأثير مباشر على قيادات التظاهرات إضافة إلى تأثيراتهم الأخرى )  جاهزة لاتخاذ قرار موحد بهذا الشأن أو على الأقل الغالبية العظمى منهم وهل تم مناقشة هذا الرأي على مختلف المستويات وبشكل كافئ و مطمئن لعدم شق الصف أياً كان القرار ولا يحدث هزة اجتماعية أو فكرية في التظاهر ولا يؤدي إلى زعزعة الصف أو انقسامه وبالتالي يلقي تأثيراته السلبية على قوة و وحدة التظاهرات التي هي العماد الأول لنجاحها لذا لابد من حصول الإجماع على أي طرح أو شعار أو هدف يرفعه المتظاهرون وتأجيل ما سوى ذلك  . ٢.  هل للتظاهرات الحالية علاقة باتخاذ هذا القرار وهل يصب في صالح مطاليب المتظاهرين  والصراع الذي يخوضنه أم بالعكس لا يخدمهم وقد يشتت جهودهم ويشوش على أهدافهم الآنية وقد يؤدي إلى إضعاف التظاهرات ويعكس اتجاهات المعركة السياسية السلمية  إلى داخل الصف ويخلق جبهة صراع جديدة داخلية (هناك بوادر لمثل هذا بدأت بالظهور وسمعت نوعاً من السباب أطلقه البعض من المستعجلون! أتمنى أن يتوقف ويؤجل كل ما لا يخدم وحدة المتظاهرين ).  ٣ . هل  قرار الفدرالية الذي يتنازع عليه الآن (على سبيل المثال) يحتاج (دستوريا) إلى موافقة الحكومة المركزية بالدرجة الأولى؟ أم انه قرار محلي يحتاج إلى إجماع شعبي يمكن اتخاذه بعد إنضاج بعض العوامل الداخلية الأخرى ولا يدخل في اختصاص التظاهرات ولا في دوافعها الحالية ولا حاجة له الآن في موضوع التظاهر لنيل الحقوق الإنسانية والدستورية والقانونية التي تسبق على كل المطالب والحقوق الأخرى ! 4 . هناك "حقوق أساسية" يطالب بها المتظاهرون وهي في ذات الوقت حقوق إنسانية تهم كل الناس من غير المتظاهرين أيضاً ولا يمكن حجبها عن أي إنسان تحت أي ذريعة كانت منها الحق في الآمن والعدالة والمساواة وحرية الرأي والاعتقاد وضمان الموارد العيش ورفع الظلم والحيف ...الخ وهي من ما لا يسع الخلاف عليها ؛ تلك الحقوق لا يمكن التفريط بها أو المساومة عليها ولابد للدولة بكل مكوناتها من ضمانها والحرص عليها وإلا فهي خارج الشرعية الدستورية والقانونية وخارج الشرعية الأممية والدولية وخارج نطاق الإنسانية ومواثيق حقوق الإنسان التي أقرها المجتمع الدولي وأخرجها من حدودها الإقليمية ؛ وهناك "مطالب" تتعلق بالتحسينات والتطبيقات من ما عدى تلك الحقوق أو من متعلقات تحقيقها وتوفيرها كالتعسف في استخدام القوة أو التمييز في تطبيق القوانين أو التحيز في منح التخصيصات والمكافئات والمنح أو المطالبة المستمرة في تحقيق التوازن النسبي ...الخ من ما يقع تحت إمكانية البرمجة والتفاوض. ومن الطبيعي أن يتم التركيز أولاً وبكل قوة التظاهر السلمي على نيل الحقوق قبل المطالب ويمكن تأجيل بعض المطالب ولكن لا يمكن التفريط بالحقوق لعدة اعتبارات أهمها (اعتبارية الدولة والوثوق بها) 5.   يفترض الآن كي نضمن نجاح التظاهرات التركيز فقط على (( المشتركات )) الجماهيرية التي يتفق عليها الصف والحقوق التي نتوحد عندها وتأجيل كل ما سوى ذلك إلى وقت لاحق وبعد نيل الحقوق وعدم الخوض بما قد نختلف عليه في الوقت الحاضر وتأجيله إلى ظروف أحسن و وقت لاحق وهذا يسهل على قيادات التظاهر السيطرة على المتظاهرين وضبط خطابهم . 6. إن قسم كبير من المتظاهرين (إن لم تكن الغالبية العظمى منهم ) غير مأدلجين عقائدياً وغالبيتهم مستقلين لا ينتمون إلى أي جهة حزبية أو سياسية خرجوا للتظاهر مدفوعين بفعل الظلم الذي وقع عليهم و ونفاذ صبرهم وعجزهم عن السكوت على ما لاقوه  وما يعانوه منذ احتلال العراق عام 2003م ولحد الآن تحملهم وطنيتهم وغيرتهم وهم غير مستعدين للسير خلف أي أجندة سياسية خاصة أو حزبية.  7.  لابد من الالتزام بخفض الجناح والحكمة والموعظة الحسنة وبالكلمة الطيبة النصوحة عند أي تحاور أو اختلاف في وجهات النظر خلال التحاور داخل الصف و الخصوصية الأشد في الحوارات العلنية من خلال أجهزة الإعلام المختلفة وان يكون ذلك واجب ملزم اشد الإلزام للجميع ومن المعلوم في علم الاجتماع وعلم الإعلام أن فكرة صناعة رأي عام جمعي تتركز على فكرة واحدة محورية بسيطة الفهم توجه نحوها الأنظار يفرضها الواقع المعاش أو( يصار إلى صناعتها والاتفاق عليها) داخل الصف يجمع عليها وينساق لها المجموع وتحتشد لها القوى ؛  وستنكسر عرى ذلك لحظة ظهور أكثر من خيار وأكثر من طريق و أكثر من رأي . وأخيراً التفاؤل المفرط خطاء واليأس خطاء وكثرة الأهداف خطاء وتشتيت القوى خطاء والتسرع والقفز على المراحل خطاء واختيار الهدف المناسب في الوقت المناسب مطلوب  والحل في تأسيس خطاب جمعي موحد غير مفرق . أما أنا فلست مع أو ضد أي فكرة يمكن طرحها من خلال التظاهر وأنا مع الإجماع أياً كان ومع وحدة القرار و وحدة الصف كيف ما تكون لأن ذلك هو طريق الفوز . {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال46

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الاعتصام و الاختلاف في الاعتصام و الاختلاف



GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:35 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 09:10 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 10:58 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

وذهب.. سوار الذهب!!

GMT 12:24 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia