"العراق سنة صفر"

أكّد الناقد والمؤرخ السينمائي مهدي عباس، إنّ الفيلم الوثائقي الطويل
"وطن.. (العراق سنة صفر)" للمخرج العراقي عباس فاضل، اختارته الصحافة
الفرنسية من أكثر الأفلام اهتماماً ومتابعة على مدى الأوقات .
وأوضح عباس في تصريح خاص: "لقد أبدت كلّ الصحف ووسائل الإعلام اهتماما"
غير عادي بالفيلم، فقد ذكرت صحيفة (لوموند) الفرنسية إنّ الفيلم احتل
المركز الأول بالاهتمام في الإعلام الفرنسي المرئي والمسموع والمكتوب".
والفيلم العراقي الفرنسي المشترك هو وثائقي طويل مدته خمس ساعات ونصف،
يستعرض عاميْن من حياة أسرة في العراق، بجزئين الأول بعنوان: "قبل
السقوط"، فيما جاء الجزء الثاني بعنوان: "بعد المعركة".
ويتناول الفيلم مشاهد بسيطة ومتناهية الروعة والجمالية من الإيقاع اليومي
لحياة هذه الأسرة، أشقاء وشقيقات في علاقة حميمة يضحكون وهم يشاهدون
شريطاً هزليا لـ "مستر بين"، عبر شاشة التلفزيون، أعمام، وجيران،
وأصدقاء، يشربون الشاي، ويقصّون القصص، ويتذكّرون حادثة مضحكة في المسجد،
أو قصة الطبيبة التي تحلب عنزتها لإطعام طفلها. وضمن ثيمة الفيلم يستمر
الهزل ويتواصل في حين تتدهور الأوضاع، وبين نهري دجلة والفرات، تمرّ
أسراب الطيور لتعلن قدوم الأخطار، وتوضع الفرش لغلق النوافذ لرد الهجمات
المحتملة، تحفر آبار بالحدائق للوصول إلى المياه الجوفية استعداداً
لانقطاع مياه الشرب، ويقول أحد الأطفال مازحاً: "أتمنّى أن لا يلجأ
الأميركيون لاستعمال أسلحة الدمار الشامل"، وتبدأ المراوحة بين الفكاهة
والخوف. والفيلم عدّه النقاد رداً قوياً على الدعاية الأميركية.
والمخرج عباس فاضل ناقد سينمائي وكاتب سيناريو عراقي ولد في مدينة
الحلّة، ثمّ انتقل عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً إلى فرنسا، حيث
استقر منذ ذلك الحين ونال شهادة الدكتوراه من جامعة "السوربون" في اختصاص
السينما بعد دراسته تحت إشراف مخرجين كبار مثل اِريك رومر وجان روش. عمل
لسنوات عديدة كمحاضر وناقد سينمائي في الصحافة الفرنسية والعربية،و توجّه
نحو الإخراج التليفزيوني وثم السينمائي.
عاد إلى العراق في كانون الثاني 2002 لتصوير فيلمه الوثائقي "العودة إلى
بابل"، يستعرض فيه المخرج آثار حرب الخليج الأولى والثانية والحصار
المفروض من جانب الأمم المتحدة.
ويعدّ فيلم عباس فاضل "العراق سنة صفر"هو الفيلم العراقي الأكثر مشاركة
في المهرجانات السينمائية الدولية ، فقد شارك في أكثر من 28 مهرجان دولي
في أوروبا واسيا وإفريقيا وأميركا ويعرض حالياً تجارياً في فرنسا في عدّة
دور سينما وسط ترحاب نقدي وجماهيري كبير.