بغداد - نجلاء الطائي
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء، في تقريرها العالمي 2016، قوات الأمن العراقية و"الميليشيات الموالية" للحكومة بارتكاب جرائم حرب محتملة خلال 2015 في حربها ضد داعش، من خلال "هدم المباني بطريقة غير شرعية في المناطق التي أعادت السيطرة عليها، وتنفيذ عمليات إخفاء قسري في حق السكان".
وذكرت المنظمة في تقرير لها، أن إيران والولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، وغيرها من البلدان، قدمت دعمًا عسكريًا للحكومة العراقية "على الرغم من استمرار غياب مساءلة ذات مصداقية للمسؤولين عن هذه الجرائم". وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ترتكب كل من الميليشيات التابعة للحكومة العراقية وداعش فظائع ضد المدنيين بدعم واضح من قادتهم. ولكن ما يجعل الأمور تسوء أكثر هو أن نظام العدالة العراقي لا يتوفر على أي شكل من أشكال المساءلة".
وتستعرض المنظمة في تقريرها العالمي الصادر في 659 صفحة، في طبعته الـ 26، ممارسات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة. وفي المقال التمهيدي، يتناول المدير التنفيذي كينيث روث انتشار الهجمات الإرهابية خارج الشرق الأوسط وتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة بسبب القمع والنزاعات، ما نتج عنه تضييق على الحقوق من قبل عديد الحكومات في جهود مغلوطة يُعتقد أنها ستحمي أمنها. وشنّت حكومات استبدادية في شتى أنحاء العالم ـ بسبب خوفها من المعارضة السلمية التي كثيرا ما تضخمها وسائل التواصل الاجتماعي ـ أشرس حملة ضدّ المنظمات المستقلة في الآونة الأخيرة.
وأعلن داعش مسؤوليته عن تفجيرين مدمرين أسفرا عن مقتل أكثر من 115 شخصًا في خان بني سعد شمال بغداد، في 17 يوليو/تموز، و67 شخصا في سوق جميلة في مدينة الصدر ببغداد، في 13 أغسطس/آب. وكثيرا ما أعدم داعش أشخاصا بأساليب قاسية ومؤلمة للغاية مثل الحرق والاغراق والصعق بالكهرباء والرجم. وأفادت تقارير أن داعش يُجند الأطفال لتنفيذ عمليات انتحارية وإعدامات.
وذكر التقرير ايضا "نفذت ميليشيات، أغلبها شيعية، تقاتل داعش بدعم من الحكومة العراقية، مثل "فيلق بدر"، و"عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله" انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لا سيما من خلال هدم المنازل والمحلات التجارية في المناطق السنية المستعادة". وأضاف "بعد استعادة تكريت في مارس/آذار 2015، أحرقت وفجرت قوات الميليشيا مئات المباني، ودمرت أجزاء كبيرة من أحياء الدور، وأبو عجيل، وجنوب العلم.
كما اختطفت الميليشيات قسريا نحو 200 رجل وطفل. وجندت الميليشيات الشيعية أيضا، ودربت، واستخدمت أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما".
وقال بيان المنظمة إن "قوات البيشمركة في حكومة اقليم كردستان نفذت أيضا ـ أو فشلت في منع ـ عميات هدم لمنازل سكان عرب، ونهبت المتاجر في المناطق التي استعادتها من داعش". وأضافت "لم تحقق المحاكم العراقية سوى قدر ضعيف من المساءلة، بل وفرت حصانة لأشخاص مسؤولين عن عمليات اغتيال واختفاء وانتهاكات جسيمة لقوانين الحرب. في يوليو/تموز، حاكمت المحكمة الجنائية المركزية في العراق 28 شخصا لمشاركتهم في مجزرة داعش، في يونيو/حزيران 2014، في حق 1700 طالب عسكري شيعي. بعد المحاكمة، التي استمرت بضع ساعات فقط، حكمت المحكمة على 24 منهم بالإعدام، على الرغم من أن المتهمين قالوا إن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت التعذيب، وأنهم لم يستطيعوا اختيار محامي الدفاع."
وقالت "في حالة واحدة، حاسبت المحاكم ميليشيات شيعية، وحكمت على عدد غير معلوم من المتهمين بالإعدام بسبب مذبحة 30 مصليًا سنيًا في أغسطس/آب". تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف، مشيرة إلى أن "إيران قدمت مستشارين وأسلحة للقتال في العراق. وظلت الولايات المتحدة أكبر مزوّد للمعدات العسكرية للعراق، كما دعمت بغداد بالتدريب والاستخبارات والمستشارين. واستخدمت الميليشيات العراقية المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان أسلحة الولايات المتحدة وإيران في عملياتها. ويشدد قانون إقرار الدفاع الوطني الأميركي "FY16″ على التزامات وزارة الدفاع بأن تقدم تقارير عن المساعدات الأمنية للحكومة العراقية".
وأشار الاتحاد الأوروبي في تقريره السنوي حول الرقابة على الصادرات لعام 2014 إلى 3 حالات رُفض فيها منح تراخيص للعراق على أساس قلق بشأن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دون تقديم مزيد من المعلومات. وقال جو ستورك "من واجب الحكومات التأكد من أنه لا يتسبب الدعم العسكري الذي تقدمه في انتهاكات لحقوق الإنسان. وعلى الحكومة أن تكون شفافة في ضمان عدم استخدام هذا الدعم في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في العراق".