محكمة الاستئناف الإدارية في منطقة مكة المكرمة

أيدت محكمة الاستئناف الإدارية في منطقة مكة المكرمة حكم المحكمة الإدارية بمكة المكرمة القاضي بإلزام وزارة الحج بتنفيذ مقتضى الأمر السامي بتاريخ 10/‏4/‏1424هـ، المتضمن أحقية أرباب الطوائف في المبالغ المتراكمة التي استقطعت من عوائدهم والتي تمثل الوفر المتراكم في حساب وزارة الحج لدى مؤسسة النقد العربي السعودي وإعادتها بالطريقة التي يتفق عليها بين وزارة الحج وأرباب الطوائف حتى نهاية موسم عام 1422هـ.

وكانت المحكمة قد خلصت إلى أن وزارة الحج جانبت الصواب وخالفت نص الأمر السامي ما جعل قرارها مشتملا على عيب من عيوب القرار المتمثل في عيب المخالفة السلبية والامتناع عن تنفيذ نص أمر سام ملزم

وأكد الحكم على نسخة منه أن قرار وزارة الحج بوجوب الاستثمار لتلك المبالغ ـ دون أخذ موافقة أرباب الطوائف ـ تجاوز صريح لما أمرها به المقام السامي الكريم ولا ينال من ذلك دفع وزارة الحج بأنها اتفقت مع رؤساء مؤسسات الطوافة على الاستثمار وفقا للمحضر التوثيقي المؤرخ في 26/‏8/‏1430هـ، وبذلك فإنها تكون منسجمة مع ما قضى به الأمر السامي ذلك أنه وبالنظر في ذلك المحضر يتبين الآتي:ـ

أولًا: أن المحضر عبارة عن إبلاغ وتأكيد لمؤسسات الطوافة بوجوب التأكيد على مساهميها بأن تلك المبالغ هي خاصة بتطوير أعمال المؤسسات أي بالاستثمار وفقا لما هو مدون في سبب الاجتماع.

ثانيًا: أن هذا المحضر لاحق لقرار وزير الحج بتاريخ: 21/‏3/‏1430هـ المتضمن أن تلك المبالغ مخصصة للصرف على المشروعات الاستثمارية، فالقرار تم اتخاذه قبل الاجتماع وهو مخالف لنص الأمر السامي فالمتعين أن يصدر القرار إثر الاجتماع لا قبله وبمدة زمنية طويلة.

ثالثًا: أن المحضر خالٍ تمامًا من أي بند يدل على وجود اتفاق على الطريقة التي يتم بها إعادة تلك المبالغ بل هو وفي كل بنوده توجيه وتأكيد على قرارات المدعي عليها ـ وزارة الحج ـ بوجود الاستثمار وتبليغ المساهمين على أن الأمر السامي إنما هو خاص بالصرف على المشروعات الاستثمارية من تلك المبالغ إثر الجدل والنقاش من قبل المساهمين الذي أعقب قرار وزير الحج باستثمار تلك المبالغ.

رابعًا: أن الأمر السامي نص على إعادة المبالغ بناءً على الطريقة التي يتم الاتفاق عليها والاتفاق على أمر معين يعني باللزوم تقابل الإرادات بين الأطراف المتفقة لا الإذعان إلى إرادة أحد الطرفين والبيِّن من المحضر أنه إذعان وتنفيذ لقرار المدعي عليها ـ وزارة الحج ـ بالاستثمار لتلك المبالغ، كما أن البندين الأول والثالث وغيرها تدل على أن المحضر لا يمكن وصفه البتة بأنه محضر اتفاق بل هو محضر تبليغ بالقرارات الطعنية.

خامسًا: وعلى أي حال كان الأمر فإن الاستناد إلى المحضر للدلالة على الاتفاق معيب ذلك أن تلك المبالغ إنما هي حق لأرباب الطوائف ويجب على كل مؤسسة أن تعقد جمعيتها العمومية لتقرر بالأغلبية مآل تلك المبالغ لا أن ينفرد رئيس المؤسسة باتخاذ القرار فيها إلا إذا فوض من قبلهم بذلك ووفقا لمبدأ الأغلبية كذلك.

وأشارت المحكمة الإدارية في حكمها إلى أنه لا ينال من ذلك أيضا الدفع بأن وزير الحج هو المرجع في كل ما يتعلق بأمور وشؤون الطوائف ذلك أنه دفع لا نزاع فيه إذ لا يعني كونه المرجع أن يصدر قرارا بالمجاوزة الصريحة للأمر السامي فيصدره بإرادة منفردة دون الاتفاق مع أرباب الطوائف.

وأشار الحكم إلى أن قرار وزير الحج الذي صدر بتاريخ 21/‏3/‏1430 هـ ففضلاً عن كونه مخالفا للأمر السامي من وجوب الاتفاق مع أرباب الطوائف، إلا أن تأخر تنفيذ الأمر السامي كل تلك المدة مخالف للأمر السامي الكريم بتاريخ 11/‏11/‏1421هـ المعمم على كل أجهزة ومؤسسات الدولة، ونص على: إن أمانة أولانا الله إياها تجاه شعب المملكة العربية السعودية وتجاه مصالح وطننا نحمل ثقلها أمامه تعالى ثم أمام ولي أمر المسلمين وإن كثيرا من المعاملات الصادر فيها أوامر سامية لا تأخذ طريقها للتنفيذ بشكل عاجل يحفظ الحقوق ويصونها، وبالتالي تكثر الشكاوى والتظلمات وإن في مجملها إضرارا بسمعة الدولة ومصالح الوطن وحقوق المواطنين، وهو أمر لا يرضي الله ولا نسمح به ولا تقبل الأعذار حوله فكل مسؤول مؤتمن وكل مؤتمن محاسب فدولة قامت على إنفاذ شرع الله لا يصونها من العبث إلا العدل وإحقاقه والإخلاص وإتمامه فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالله الله في صون الذمم فهو القائل جل جلاله "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" وليكن نبراسكم قول الحق تعالى "ولا تبخسوا الناس أشياءهم".

وخلصت حيثيات الحكم إلى أن وزارة الحج جانبت الصواب وخالفت نص الأمر السامي ما جعل قرارها مشتملا على عيب من عيوب القرار المتمثل في عيب المخالفة السلبية والامتناع عن تنفيذ نص سام ملزم.