جدة – العرب اليوم
كثرت الروايات حول مقبرة الخواجات بجدة، حافظة أسرار الـ200 عام، وعلى الرغم من تباين الحكايات حولها، تبقى الأساطير التي حامت حولها أكبر من الحقيقة، خاصة فيما يرويه البعض عن مذابح القناصل..
"المصادر" وقفت على المقبرة، حيث انتابني شعور بالهيبة، والرغبة معًا، هيبة الموت والقبور، والرغبة بكشف أسرار تزيد عن 200 عام، سور المقبرة ارتفاعه يزيد عن المترين، وبجوارها صخب سوق عارم لا يهدأ إلاَّ آخر الليل، أو بساعات الصباح الباكر جدًّا!! بحثنا عن مدخل المقبرة، وكانت كلُّ الأبواب مؤصدة، وكأنَّها لم تفتح منذ مئة عام، وبعد تجوّلنا حول هذه المقبرة، وجدنا باب غرفة الحارس، والمفارقة أنَّنا ما أن اقتربنا من باب المقبرة التي يدفن بها غير المسلمين، إلاَّ وصوت القرآن الكريم يتعالى من داخلها، اقشعرَّ بدني، لم أتوقع سماع هذه الأصوات من داخل مقبرة للنصارى، وغير المسلمين عمومًا يومًا، طرقت الباب، عدَّة مرَّات، لم يجب أحد، أصررت على الدخول، وبعد دقائق معدودات إذا برجل طويل، أسمر البشرة، يقف بجواري، صرخ بوجهي: ماذا تريد؟، أخبرته أنَّني صحافي، أرغب بمعرفة المزيد عن ما خلف هذه الأسوار. قلت له بصوت به رهبة: مَن أنت؟ وكأنَّي أرى الموت أمامي، قال: أنا أبو يونس، حارس هذه المقبرة من عقدين، وأكثر، تردد بقبول دخولي لها بعد أن فتح أبوابها داخلاً، أخيرًا قبِل أبو يونس وهو رجل إفريقي أسمر، يعمل لدى القنصليَّات المتناوبة على هذه المقبرة سنويًّا، كما أخبرني، وأنا أخطو خطواتي الأولى باتجاه داخل المقبرة سألته: هل تخاف وأنت تنام هنا؟ هل هناك "جنٌّ"، وصرخات، وأحداث علِقت بالأذهان عن هذه المقابر؟ نظر إليَّ وقال: "هذه حديقة بالنسبة لي، إنَّني أنام بين ممرات القبور أحيانًا"، ازداد خوفي منه، ولكن شغفي دفعني إلى البقاء معه لمعرفة المزيد عن هذه المقبرة، وأسرار الـ200 عام.