الرياض - العرب اليوم
على الرغم من عدم اعتراف معظم دول العالم بالعملات الافتراضية، وعدم وجود مظلة تنظيمية لها بالسعودية، تظل حمّى الـ "بيتكوين" والعملات المشفرة الأخرى المنتشرة بالعالم ومن أشهرها "ريبل" و"إيثريوم" و"داش" وغيرها الكثير، خطراً يتهدد المستثمرين المغامرين، خاصة الشباب الذين يقبلون عليها لاستكشاف عالم جديد من الأدوات المالية، وهو عالم مليء بالمجازفات والتقلبات شديدة الخطورة، وربما هذا هو السبب الأبرز في منعها بالسعودية ودول المنطقة.
وقال طلعت حافظ، أمين لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية "، إن الحديث عن التداولات الخطرة يشمل مختلف فئات العملات الرقمية المشفرة، ولكن الـ "بيتكوين" اكتسبت شهرة أكثر من غيرها، موضحا أن كثيرا من مخاطر النشاطات المالية غير المرخصة، ومنها العملات المشفرة، تقع على عاتق من يتعامل معها، ناصحا المتعاملين بالشأن المالي بالالتزام بالضوابط والقوانين المالية لحماية أنفسهم من أضرار جسيمة قد تلحق بهم جراء مخالفة القوانين المعمول بها. وكشف حافظ عن 5 جوانب قانونية مهمة في الحوار التالي:
• في حالة حدوث احتيال للتداول بعملة بيتكوين هل يحق للمواطن السعودي إقامة شكوى رغم عدم وجود نشاط مرخص للعملات المشفرة؟
- نعم يحق للمواطن المتضرر من تعاملات البيتكوين رفع شكوى على المؤسسة أو الشركة التي تروج للعملات الرقمية بيتكوين أو غيرها، وإذا كان تعامل الشخص من خلال حساب لشركة لدى بنك سعودي فإن هذه الشركة قد مارست المخالفات الآتية:
1 - مارست عملا مصرفيا واستثماريا دون ترخيص.
2 - إذا كان نتج عن ممارسة هذه الشركة خداع للعملاء فهي قد ارتكبت جريمة احتيال. وتأتي الحلول النظامية بأن يقوم العميل المتضرر بتقديم شكوى لدى الشرطة ضد أصحاب الشخص الاعتباري (الشركة).
• وإذا كانت الجهة خارج السعودية وهي على الأغلب كذلك؟
- إذا كانت مشكلة العميل المستثمر مع شركة خارجية وكان تحويله الأموال بإرادة منه وهو من نفذ الحوالة المالية إلى خارج السعودية، فلن تستطيع السلطات الأمنية استقبال الشكوى، وعلى العميل رفع دعواه في بلد الشركة ولا يستطيع البنك السعودي تقديم أي مساعدة ما عدا إعطاء العميل كشف حساب بنكي لحسابه فقط.
طلعت حافظ، أمين لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية
• هل لدى المصارف السعودية لجنة أو نافذة لتلقي شكاوى الجرائم الإلكترونية؟
- لا يوجد، لأن النظر في شكاوى الجرائم الإلكترونية خارج اختصاص المصارف.
• ما هي المحكمة المختصة لمقاضاة أشخاص يروجون لحسابات مالية تتعلق بعملات رقمية؟
- يفضل الرفع بالشكوى في محاكم البلد موطن الشركة بحكم الخبرة والتخصص، خاصة أن السعودية لا تعترف بالتعامل مع العملات الافتراضية.
• هل تقوم البنوك السعودية بمراقبة أصحاب الحسابات البنكية التي ترد عليها شكاوى تتعلق باستلام مبالغ غير واضحة المقاصد؟
- لدى البنوك السعودية إدارات التزام Compliance Department من بين مهامها متابعة الحسابات المخالفة لقاعدة "اعرف عميلك" والتي يشتبه في حركتها بما لا يتوافق مع طبيعة الحساب والسبب الذي فتح من أجله، وهنا البنوك لا تفرق بين الحسابات سواء كانت لأفراد طبيعيين أم اعتباريين.
أداء العملة المشفرة بيتكوين خلال اليوم
وكانت العملة الرقمية الأشهر بالعالم "بيتكوين" قد صعدت بصورة خيالية من قيمة لا تذكر عند ابتكارها في العام 2009 لتشق طريقها سريعا، وتواصل الصعود إلى دولار واحد ثم مئات الدولارات حتى وصلت ذروتها نهاية العام 2017 فوق 19 ألف دولار، وبقيت تتقلب بشكل متسارع حتى هوت فجأة مرة أخرى إلى مستويات 10 آلاف دولار، ومن ثم هوت أكثر إلى مستويات 5 آلاف دولار قبل يومين لتعود وتستقر اليوم عند مستوى 8 آلاف دولار.
وستظل التكهنات حول هذا الزائر الجديد للأسواق هي العنصر الأهم في تحديد مستقبل هذه الأداة التي اكتسبت شهرة سيئة فتارة يصفها المسؤولون بأنها "احتيال مالي" وتارة يقولون إن مراقبتها قد تكون ممكنة، ما يبقي الباب مفتوحا على كل التوقعات ويزيد من جاذبيتها لأصحاب الفضول.
وفي يوليو الماضي، حذرت مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) على صفحتها بـ "تويتر" من "عواقب سلبية" من تداول العملة الإلكترونية المسماة "بيتكوين"، مؤكدة أن هذا النوع من العملات الافتراضية "لا يعد عملة معتمدة داخل المملكة". وقالت المؤسسة التي تعمل بمثابة البنك المركزي إن "تداول صرف العملات، أو العملة الافتراضية التي يتم تداولها من خلال شبكة الإنترنت، قد حذرت منها المؤسسة، لما لتلك التعاملات من عواقب سلبية مختلفة على المتعاملين"، موضحة أن العملة الافتراضية التي يجري تداولها عبر الشبكة العنكبوتية، تكتسب خطورتها من "كونها خارج المظلة الرقابية داخل المملكة العربية السعودية".
ويشكل الغموض الذي يكتنف تداولات العملة الافتراضية، مصدر القلق الأول للدول من استخدامها في عمليات غير مشروعة، مثل تسهيل عمليات تحويل الأموال للإرهابيين، أو تسهيل عمليات "غسل الأموال" ونقلها بين الدول تحت ذريعة الاستثمار بمثل هذا النوع من الأدوات التي لم تلق بعد رواجاً عاماً بعد أو قبولاً رسمياً لدى الجهات الرقابية بالدول الخليجية والعربية. وبات الوصف الممل لـ "بيتكوين" بأنها عملة رقمية لا وجود فيزيائي لها، يزيد من الغموض الذي تستمده هذه الأداة أو العملة، من غموض مبتكرها، وغموض مصدر إدارة الشبكة المحمية التي توفر "بيتكوين" عبر الإنترنت بمختلف دول العالم.
ومهما شرح خبراء الاقتصاد فإن بيتكوين، ستظل أداة مبتكرة أو ناشئة، تنبئ بعصر جديد من عملات مشفرة تعتمد في حماية قيمتها من التلاعب والتزوير على معادلات رياضية معقدة "لوغارتمات" من أجل حمايتها من التلاعب وربطها بمرجعية محددة تعتمد على معادلات رياضية ولا تخضع للتقديرات العشوائية، لكن الطلب على "بيتكوين" من المهووسين بها يظل هو العامل الأبرز لارتفاعها دون وجود "قيمة حقيقية لها فهي ليست عملة" على رأي جانيت يلين، الرئيسة السابقة للمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
ومع القفزة المهولة التي سجلتها قيمة بيتكوين، ورغم التذبذب السريع لها يظل المدافعون عنها يتأملون وصولها إلى 20 ألف دولار، لكن الكلمة الفصل ستظل لساسة المال ومديري الصناديق والبنوك ومن ورائهم أثرياء العالم الذين ينظر بعض منهم إلى الزائر الجديد بأنه مصدر مختلف لتداول الثروة، بينما يصفها الطرف الآخر بأن قيمتها الحقيقية "صفراً"، ففي الوقت الذي قال عنها أكبر المستثمرين في بورصة نيويوك وارن بافيت بأنها "لن تكون ضمن استثماراته"، توقع مصرف غولدمان ساكس أن تشهد العملات الافتراضية المزيد من التراجعات بعد فقدانها نحو 500 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال الشهر الماضي، كما توقع البنك العالمي أن تكون القيمة الفعلية لـ "بيتكوين" هي "صفراً".