محمد كمال المصري، الشهير بـ"شرفنطح"

ولدَ محمد كمال المصري، الشهير بـ"شرفنطح" في أغسطس/ىب 1886، داخل حارة جانبيّة متفرعة من شارع محمد علي، تُسمى حارة "ألماظ"، لأب عمل كمعلم في الأزهر نهارًا، وعمل آخر ليلًا حتى يوفر حياة عادلة لأبنائه، فألحق ابنه بمدرسة الحلمية الأميرية، حيثُ اكتشف موهبته هناك، والتحق بفرقة التمثيل، وأدى أول أدواره كبائع أحذيةكان يظهر شرفنطح بوجهٍ نحيف، وملامح صارمة لا توحي بأي موجات كوميديّة قادمة، على شاشة السينما في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، يؤدي أدورًا كوميديّة بخفة بالغة، ربمّا لم يعرف أي منا اسمه الحقيقي، دائمًا ما نعرفهُ بـ "شرفنطح"، إنه الممثل مصريّ الهوى والنشأة، محمد كمال المصري.

التحق "شرفنطح" بعدها بمسارح الهواة، مقلدًا الشيخ سلامة حجازي في البداية، حتى أطلقوا عليه سلامة حجازي الصغير، أما هو فأطلق على نفسه "شرفنطح"، الاسم الذي اختاره من خلال إحدى الشخصيات التي جسدّها على المسرح.

يُعرّف معجم لغة الحياة اليومية كلمة "شرفنطح" بأنها "نطاط الأرض، الفرقع لوز، الذى لا يستقر في مكان»، فيُقال مثلًا "كنت فين؟"، وتكون الإجابة "عايش شرفنطح"، ومثلما يشرح المعجم، عاش الفنان محمد كمال المصري، حياته مثل اسمه تمامًا، واقتصره المخرجون في دور شخص ضعيف هزيل نحيف ماكِر.

وانتقل "شرفنطح" إلى فرقة سيد درويش، بعد اشتراكه في فرقة سلامة حجازي ثُم فرقة نجيب الريحاني، وشارك في عدد كبير من المسرحيات، أشهرها"مملكة الحُب، المحظوظ، آه من النسوان، ياسمينة، ونجمة الصباح».

و أدى ,أدورًا مهمة في فيلم "سلامة في خير"الذي أُنتج عام 1937، و"سي عُمر" 1941، و"أبو حلمو"، وذلك بالإضافة إلى مشاركتُه فيما يقارب 50 عمل سينمائي وفنّي، وفقًا لـ "دراسات في السينما المصرية، عن ملف الأشرار

وقال عن الحياة الشخصيّة لـ "شرفنطح السينما المصرية"، إن حياته لم تتسّم بالسعادة، فبعد أن تزوج، لم يُنجب أبناء وعاش مع زوجته فقط، كما كان يقول "لقد عشت حياتي معذبًا مثقلًا بالهموم والمتاعب، فلم أجد معنى لأن أقدم بيدي ضحايا جديدة للحياة, لم أشأ أن أقذف بنفوس جديدة في بحر الحياة تعاني مثلي الهموم والأحزان، وأضاف "هذا جناه أبي عليّ.. وما جنيت على أحد».

وقال الناقد الفني محمود عبد الشكور في كتابه "وجوه لا تُنسى"،إن "شرفنطح" كان لا يُريد أن يعرف أحدًا شيئًا عن حياته الخاصة، ولكن كان من المعروف إنه مكث 8 سنوات في المنزل قبل رحيله.

وأوضح أن وجه "شرفنطح لم يُنس، حتى ولم يعرفهُ أحد، لكن يُقال إن عقب عودته من أداء مناسك الحج، قرر اعتزال الفن، تحديدًا عقب عرض آخر أفلامه "حسن ومرقص وكوهين" 1954، حيث توسّط اسمه على أفيش الفيلم مكانًا بين عبدالفتاح القصري واستيفان روستي.

وكان هُناك مأساة منعت "شرفنطح" من استكمال مسيرتهُ الفنية، حيثُ عانى من مرض الربو، ولم يجد حق العلاج، واستقر في بيته القديم الذىيولد به في حارة "ألماظ" وظلّ من دون دخل، حتى علمت نقابة المهن التمثيلية بحالته وخصصت له مبلغ 10 جنيهات كراتب شهري، بالكاد كان يكفي حق الدواء، بعدها صدر لبيته أمر إزالة، فانتقل ليعيش بغرفة صغيرة في حي القلعة، وبدأت حالته في التدهور.

و تضائل حجم "شرفنطح" بحيث أصبح لا يمثل ولا ينطَح، وكان يقول عن مأساته "أنا كما ترون.. وحيد متعطل مريض بالربو مثقل بالشيخوخة ولم يعد لدي مال.. أنفقت ما أملك على الدواء وليته أجداني، فإن الربو لم يبرح مكانه صدري.. إن الربو عنيد لا يتزحزح، لقد أقعدني وأعجزني عن العمل، وقال لي الأطباء إنني سأموت إذا غامرت بالعمل والربو في صدري».

ظلّ "شرفنطح" نحيلًا وحيدًا حتى توفي في هدوء، 25 أكتوبر/تشرين الأول 1966، ولم يعلم أحدًا بوفاته إلا حينما أتى موظف النقابة لتسليمه المعاش، وحين طرق بابه ولم يفتح خرج الجيران ليقولوا له: البقية في حياتك عم شرفنطح مات