ميشيل المصري

«يُصر دائمًا المُبدعون والطيبون على تغيير عناوينهم» ليرحلوا عن دُنيانا مُتخذين من العالم الآخر سكنًا بعيدًا عن زخم الحياة وقسوتها، خاصة أمثال ميشيل المصري مُرهفين الحِس وأصحاب المشاعر الجياشه الذين يفضلوا شُهرة أعمالهم الموسيقية عن شهرتهم أنفسهم، أعداد قليلة من جماهير الوطن العربي تعرف أسم ميشيل المصري، لكن حفظة أعماله وعشاقها والمُستمتعين بها كُثر، خاصة مع الأجيال الجديدة الذي يشكل ميشيل المصري معهم «نوستالجيا» كبيرة بأعمال شهيرة قدمها تربينا عليها في الصغر مثل ليالي الحلمية ومين ميحبش فاطمة وعائلة الحاج متولي.

ذكرت صحيفة "التحرير" أن المُطرب محمد الحلو أعلن عبر صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، منذ قليل، رحيل الموسيقار الكبير ميشيل المصري، عن عمر يناهز 85 سنة، والذى يعد أشهر عازفي الكمان؛ فهو صاحب أكثر من مائة عمل فني بين موسيقى تصويرية وتترات مسلسلات، من أهمها «مين اللي ميحبش فاطمة»، «ليالى الحلمية»، «عائلة الحاج متولى»، «عم آدم»، إلى جانب أغاني وأفلام وأوبريتات ومؤلفات موسيقية عديدة.

 سر تسميته بالمصري
 بعد مرحلة التعليم الأساسي ألتحق ميشيل بمدرسة الفنون الجميلة الإيطالية بالقاهرة عام 1947 وكان هو المصري الوحيد الذي يدرس بها، وكان باقي الطلبة في المدرسة من الإيطاليين والأرمن فكانوا ينادونه بـ «المصري» واصبح هذا اسمه لدى الجميع.

 عاشق للكمان منعه المرض منها 
 يقول ميشيل المصري أن الكمان تاج الأوركسترا وكان دائمًا ما يلقبها بـ سيدة الأوركسترا، وبدأ عزف الكمان في كازينو بديعة مصابني، وعانى كثيرًا لشراء أول كمان له والتي قام بشرائها من عازف أنجليزي حينما كانت أنجلترا مُحتله مصر، إلى أن أهداه فيما بعد الملك فاروق واحدة، وأصبح لدية مجموعة كبيرة من الآلات في منزله، لكن نظرًا لأنه كان مُصاب بمرض في عينية تطور بعد ذلك وأصبح نظرة ضعيفًا للغاية كان يخاف أن يستعمل تِلك الآلات كي لا يأذيها أو يتم كسرها فقرر التوقف عن العزف.

الموسيقى العربية
 المنطقة عامل مُهم في حياة وموسيقى المصري، فالموسيقى التي يصنعها للمدينة تختلف عن الموسيقى التي يقدمها لعمل فني يتناول حياة البسطاء والفلاحين، أختلفت موسيقاه أيضًا حينما قدمها في دول الخليج والمنطقة العربية، ولميشل المصرية رحلة طويلة في البلاد العربية نرصدها لكم. 

الكويت
 ذهب الموسيقار الكبير ميشيل المصري إلى دولة الكويت عام  1959 وقتها لم تكن الكويت دولة وكانت مُجرد إمارة صغيرة ولم يكن لها عُملة بل كانت تستخدم الروبية الهندية في تِلك الفترة، وقام وقتها بتأسيس الأوركسترا الإذاعي في للكويت، وفي عام 2009 احتفلت به الكويت كمؤسس للمزيكا هُناك في حفل حرص هو على حضوره، يقول ميشيل المصري أن فترة وجوده في الكويت أستفاد منها كثيرًا من خلال اطلاعه على شخصيات وشعوب مُختلفة لديهم الموسيقى الخاصة بهم مثل الشعوب الإيرانية والخليجية.  

السعودية 
بعد محطة الكويت والتي أخذت من ميشيل وقت كبير، ذهب إلى المملكة العربية السعودية ومكث هُناك سنوات قليلة، ليعود مصر بعد ذلك بعدد المواهب الشابة السعودية لتدريبهم في مصر أصبحوا فيما بعد من أشهر الشخصيات الفنية في السعودية والخليج، من بينهم طلال مداح وفنان العرب محمد عبده

لبنان والرحابنة 
 من بين المراحل الهامة والعلامات الفارقة في حياة المصري كانت «لبنان» التي ذهب لها بعد مرحلة الكويت لاستكمال مشواره الفني وهناك عمل مع فرقة الرحابنة وفرقة عصفورة الشرق «فيروز»، لبنان هي الدولة التي شهدت مولد أبناءه وتزوج من لبنانية، ومكث مع فرقة الرحابنة عامين كاملين،  زوجته كانت من بين أصدقاء فيروز وجارتها في الحي التي كانت تسكُنه فيروز. العمل مع فيروز جاء كهدية قدمها له صديقة عبود عبد العال نقيب الموسيقيين هُناك الذي قرر مُهاداته بعدما علم بأنه سوف يستقر في لبنان، فقام بتقديم طلب للرحابنة لكي يعمل المصري معهم وبالفعل تحقق. 

عبد الحليم حافظ 
لم يتعرف ميشيل على عبد الحليم حافظ في مصر إنما التقى به في الكويت عام 1965 وقدم معه عدد من الأغنيات هُناك في حفل قدمه عبد الحليم وقتها، وأثناء تحضيره لأغنية قارئة الفنجان استعان بي لمساعدة محمد الموجي في تلحين القصيدة، وكان الموجي متعثر في مُقدمتها وبعد ساعات كثيرة جمعته بالموجي وصلا إلى المُقدمة المعروفة، ومع ذلك حينما كان يظهر ميشيل للإعلام كان يرفض التصريح بأنه صاحب مُقدمة قارئة الفنجان إنما ساعد الموجي فيها ووضعة على الطريق الصحيح لها. 

علاقته بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
 في العشرين عامًا الأخيرة في حياة محمد عبد الوهاب استعان بـ ميشيل المصري لتنفيذ كُل أعماله توزيعًا وكتابة موسيقى وقيادة الأوركيسترا وكان دائمًا ما يستشيرة في تِلك الأعمال، وقال المصري في حوار صحفي له أن محمد عبده كان يرسل إليه كثيرًا حينما كان في فرنسا للاستعانة به أثناء تسجيل أعماله.

 أم كلثوم انتظرته 25 عامًا
 ظل المصري 25 عامًا يعمل مع كبار النجوم عدا أم كلثوم، خوفًا منها نظرًا لما سمعه عنها بأنها تُهين الموسيقيين وهو شخص عزيز النفس وله خصوصيته في التعامل ولا يحب أن يتخطى شخص حدوده في التعامل معه، أم كلثوم أرسلت له أكثر من مرة لكنه كان يرفض الذهاب لها خوفًا من أن تتغير وجه نظره فيها من تعاملها معه لأنها كان عاشقًا لها، لكن بعد رحلته في الدول العربية أستقر في مصر وسمع لنصائح و إلحاح أصدقاءة مثل أحمد الحفناوي ومحمد القصبجي بالذهاب لأم كلثوم لأنها تريده للعمل معها، فطلبت منهم أن أكون أكبر أجر في الموسيقيين لترفض هي فوجدتها وافقت، وحينما ذهبت لها في الأستوديو صافحتني بحفاوة وقالت لي: ميشيل المصري ننتظرك منذ 25 سنة ومسحت كل ما كان في ذهني تجاهها، وكانت كل فترة تسأله: هل انت مرتاح معنا يا ميشيل؟، وقال أنه كان يشعر معها وكأنه في حضن امه وقدم معها عددا من الأغنيات منها القلب يعشق كل جميل ويا مسهرني وليلة حب·