النفط السعودي

أشار مستشار اقتصادي متخصص،  في الوقت الذي تراجع حجم الاحتياطي العام لأول مرة في المملكة العربية السعودية بعد ارتفاع استمر نحو خمس سنوات، إلى أنه كان من المتوقع تراجع الاحتياطي العام مع الانخفاض الحاد الذي تعرضت له أسعار النفط التي انخفضت بنسبة تفوق 20 في المئة عن المتوسط المستهدف.

وأشار في حديثة لصحيفة "الرياض" إلى أنه من الأهمية التعامل مع انخفاض الدخل بطريقة احترافية؛ تعتمد خلق التوازن بين الإيرادات والنفقات قدر المستطاع؛ وهذا يستدعي من الحكومة تغيير نهجها الإنفاقي وضبطه بشكل كبير.

وحول قيام المملكة بسحب 50 مليار ريال من الاحتياطي العام لها لأول مرة منذ 2009 قال المستشار الاقتصادي فضل البوعينين إن المملكة تعتمد في تمويل موازنتها على إيرادات النفط؛ وبالتالي تحدث تغيرات أسعار النفط؛ سلبا وإيجابا؛ أثرا بالغا في الإيرادات.

وأفاد بأنه خلال الأعوام الماضية رأينا تسجيل فوائض مالية متتالية تم تحويلها إلى الاحتياطيات التي وصلت مستويات قياسية غير مسبوقة، ومن أهم أسباب بناء الاحتياطيات هو تحقيق التوازن المالي؛ وتوفير مصدرا بديلا لتمويل عجز الموازنة في حال انخفاض أسعار النفط؛ وهذا ما حدث بالفعل، لافتا إلى أن انخفاض أسعار النفط إلى مستوى 80 دولارا أثر في حجم الإيرادات المالية؛ وأسهم في السحب من الاحتياطيات؛ وهذا أمر طبيعي؛ إلا أن المخاطر تكمن في استمرار السحب كنتيجة مباشرة لتهاوي أسعار النفط مستقبلا.

ومن جهة أخرى قد يكون للتدفقات النقدية دورا في السحب من الاحتياطيات؛ وهو ما يعني أن يكون هناك التزامات مالية عاجلة؛ مقابل مستحقات مالية قادمة في المستقبل؛ في السنة المالية نفسها؛ ما قد يخلق فجوة في التدفقات تستدعي السحب من الاحتياطيات مؤقتا؛ ومن ثم إعادتها حين استلام التدفقات المالية الداخلة.

وتابع "لذا من المهم التعامل مع انخفاض الدخل بطريقة احترافية؛ تعتمد خلق التوازن بين الإيرادات والنفقات قدر المستطاع؛ وهذا يستدعي من الحكومة تغيير نهجها الإنفاقي وضبطه بشكل كبير؛ خاصة وأن الحكومة لديها من المشروعات المرصودة ميزانياتها الكثير؛ وهي مشروعات لم تنجز بعد؛ وهذا قد يساعد في ضبط الإنفاق مستقبلا.

وقال البوعينين إن هناك جانبا مهما ينبغي الإشارة له؛ وهو أن المملكة اعتادت أن تستغل الفوائض المالية لتمويل بعض المشروعات الطارئة والملحة من خارج الموازنة؛ لذا نجد في نهاية كل عام ارتفاع الإنفاق الحكومي عن الإنفاق المعتمد في الموازنة؛ وربما يكون لهذا الجانب طرفا في موضوع السحب من الاحتياطيات الأخير.

وحول تفسيره لتراجع الاحتياطي العام لأول مرة بعد ارتفاع استمر نحو خمس سنوات أشار البوعينين إلى أنه كان من المتوقع تراجع الإحتياطي العام مع الانخفاض الحاد الذي تعرضت له أسعار النفط التي انخفضت بنسبة تفوق 20 في المئة عن المتوسط المستهدف.

وقال إن هذا يؤدي إلى انخفاض الدخل بشكل كبير وبالتالي التأثير السلبي على الاحتياطيات من جانبين؛ الأول اضطرار الحكومة للسحب من الاحتياطيات وهذا يؤثر في حجمها؛ والثاني توقف التغذية للاحتياطيات بسبب توقف الفوائض المالية وتحولها إلى التوازن؛ وربما العجز النسبي، متى عادت أسعار النفط لسابق عهدها فسنرى نموا في الاحتياطيات الحكومية.

ويرى البوعينين أن هناك جانبا مهما وهو أن آلية استثمار الاحتياطيات العامة تسببت في تقليص فرص نموها أيضا؛ بسبب ضعف العوائد عليها؛ ومن هنا نقول أن الصناديق السيادية قد تسهم في دعم الموازنة من العوائد الاستثمارية في الوقت الذي تضطر فيه الحكومة إلى السحب من احتياطياتها شبه الجامدة؛ وبالتالي يكون التعويض أقل بشكل لافت.

ولفت إلى أن الصندوق السيادي يسهم في تعظيم الاحتياطيات وتحقيق نسبة جيدة من النمو تفوق بكثير ما يتحقق من السندات الأميركية، مشيرا إلى أن هناك بعض المخاطر المحيطة؛ ولكن الإدارة الكفؤة قادرة على تجاوزها؛ كما يحدث في صندوق النرويج السيادي الذي يحقق عوائد ضخمة ويحتل المركز الأول عالميا.