دعا الملك الأردني عبدالله الثاني المجتمع الدولي الى أن لا يترك المملكة وحدها تتحمّل التبعات الإقتصادية والأمنية التي وصفها بـ"الهائلة" جرّاء التعامل مع ما قالها إنها "كارثة" اللاجئين السوريين. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) اليوم السبت، مقالاً كتبه الملك عبدالله الثاني في مجلة (وورلد بوليسي جورنال) الأميركية تحت عنوان "التعددية والوحدة الوطنية: العمود الفقري لأمن الأردن"، قال فيه "علينا أن نؤكد أن الدعم الدولي (للأردن) ضروري أيضاً للتعامل مع كارثة اللاجئين السوريين الآخذة بالإتساع". وأضاف "حتى الآن، بلغت نسبة اللاجئين السوريين 10% من السكان، ومن الممكن لهذه النسبة أن تتضاعف مع حلول نهاية العام". وأوضح أن "أقوى الاقتصاديات في العالم عاجزة عن مواجهة مثل هذه النسب لوحدها، يضاف إلى ذلك حقيقة أن الأردن هو رابع أفقر دولة في العالم في المصادر المائية، ويستورد 96% من احتياجاته من الطاقة و87% من الغذاء". وأضاف أن "المجتمع الدولي يدرك أنه يجب ألا يترك الأردن وحيداً في تحمّل التبعات الاقتصادية والأمنية الهائلة، فقد بات المزيد من الدعم للاجئين حاجة ملحّة". وشدد الملك عبدالله الثاني على ضرورة بذل جهد دبلوماسي نحو عملية انتقال سياسي شامل في سوريا، و"التي تمثل الحل الوحيد القادر على إنهاء إراقة الدماء، والحيلولة دون تفكك هذا البلد ونمو التطرّف، ووقف التداعيات الإقليمية والصراع المذهبي، ومواجهة خطر الأسلحة الكيماوية". وقال "لقد نمت جميع هذه المخاطر، كما حذّرت سابقاً، بسبب طول أمد النزاع واستمراره". وأشار إلى أن "العالم لم يعد بإمكانه أن لا يتوافق على حل سياسي إنتقالي يشمل الجميع في سوريا". وشدد الملك عبدالله الثاني على "ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والذي يعدّ القضية المركزية في إقليمنا، وفتيل إشعال التطرف في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك". وأكد إن الأردن "في مقدمة الداعين لحل الدولتين، الذي تدعمه مبادرة السلام العربية، والذي يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني، بما ينهي احتلالا تجاوز 46 عاماً، ويوفر لإسرائيل الأمن الحقيقي الذي يستطيع السلام فقط أن يضمن استمراره". ورأى أن استئناف المفاوضات (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) في تموز/يوليو الماضي "جاء شهادة على ما يمكن إنجازه بتوافر قيادة أميركية بمساندة إقليمية ودولية واسعة". وقال إن "العملية (عملية استئناف المفاوضات بين الجانبين) ستكون صعبة، لكن البدائل، وبكل صراحة، لا يمكن تصورها، وعلينا أن نتذكر هنا أن الإقليم والعالم سيغدوان أكثر أمناً بتحقيق السلام". وفي الشأن المحلي ، رأى الملك عبدالله الثاني أنه منذ نشأة الأردن "مثّلت منطقة الشرق الأوسط خط المواجهة لصراعات مريرة، ونقطة التقاء للقوى الإقتصادية العالمية". وأضاف أن "ما تتمتع به المملكة من أمن لم يأت نتيجة قوة كبيرة، ولا مصادر طبيعية ضخمة، بل إن أمننا ينبع من قيم أساسية راسخة لشعبنا، جعلت الأردن حصيناً على مدار عقود من التحديات المستمرة والتغيرات، واليوم، تساهم قيم الوحدة والاعتدال والتعددية والاحترام، في إنجاز إصلاح ديمقراطي توافقي يتجاوز الضغوطات الإقليمية والدولية الاستثنائية، وفي الوقت الذي يسير فيه إقليمنا نحو المستقبل، يبرز النموذج الأردني للتحول الديمقراطي، كنموذج جدير بالدعم والاهتمام". وأشار إلى أن "الأردن يسير على طريق يبلور من خلاله نموذجاً ذاتياً يقلب التحديات إلى فرص، وتاريخنا شاهد على منعتنا وقدرتنا، كأردن وكأردنيين وأردنيات، على تجاوز التحديات بمرونة، وعلى حقيقة أننا قادرون على إنجاز الكثير بالقليل، وهذا مسار يستحق دعم المجتمع الدولي برمته". وأضاف الملك عبدالله الثاني إننا "في الأردن نريد إصلاحاً لا رجعة عنه، إصلاحاً مبنياً على التغيير السلمي والمتدرج والتعددية واحترام الآخرين، فمن خلال المضي بشكل حازم نحو خيار الإصلاح، رغم كل التحديات الأمنية المحيطة بنا فعلياً من كل الجهات، وأيضاً عبر إطلاق عملية تحول سياسي غير مسبوقة ترتكز إلى مبادئ إدماج الجميع والمشاركة، تمكنا من تدعيم أسس أمننا القائمة على الوحدة الوطنية".