الرئيس الأميركي دونالد ترامب

قد يبدو من المبكر استشفاف ملامح المرحلة القادمة، بعد أن أصبح ترامب رسمياً على قمة هرم الاقتصاد الأول عالميا، غير أن إصرار الرئيس الأميركي الجديد الذي لم يتغير منذ حملته الانتخابية وحتى دخوله إلى البيت الأبيض، على تغيير ملامح الخريطة التجارية في العالم، وإعادة صياغة الاتفاقيات البينية والدولية بالطريقة التي يحاجج بأنها ستعيد "المجد لأميركا"، كل ذلك يجعل المخاوف أكثر هيمنة من تلك المشاعر التي قد تبعث على الاطمئنان في أوساط قطاعات الأعمال، خاصة في اقتصادات الدول التي تعتبر أميركا بضخامتها سوقها الأساسية.

وإن كان الجاران كندا شمالا والمكسيك جنوبا مهددين بنسف Nafta، اتفاقية التجارة مع أميركا التي تعد من بين أهم الاتفاقيات التجارية عالميا، تبقى الصين بارتباطاتها الكبيرة مع السوق الأميركية أكثر عرضة للتهديد، بعدما وصف ترمب الاتفاقيات التجارية المبرمة بين البلدين بأنها مضرة بالمصالح الأميركية.

وفي حال عمدت الإدارة الأميركية الجديدة إلى فرض ضرائب على الصين وفق سياسة الحمائية الموعودة من قبل ترمب، فإن ذلك سيضع شركات الإلكترونيات الصينية تحت ضغوط كبيرة، على رأسها Lenovo وZTE ، وفق ما نقلته "بلومبورغ" عن بنك "كريدي سويس"، في الوقت الذي قد يشكل فيه الأمر فرصة لشركات أميركية محلية لسد الفراغ الذي سيخلقه غياب المنافس الصيني عن السوق الأميركية.

على الجانب الآخر، ستؤدي أي قيود تجارية بين الصين وأميركا إلى تقليص الحصة السوقية لشركات أميركية كبرى بحجم "جنرال إلكتريك" و"فورد" في قطاعي التكنولوجيا وصناعة السيارات، إلى جانب التأثير سلباً على شركات شهيرة مثل Nike و Tiffany & Co في مجال السلع والتجزئة.
وكان ترمب قد لوح بفرض ضريبة تصل إلى 45% على الواردات الصينية، فيما اعتبرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، أن خطاب تنصيب ترمب يؤشر إلى احتمال كبير لشن نزاعات تجارية مستقبلا.

سيناريوهات الخطر
إن حدث ما هدد به ترمب، فإن التوقعات تشير إلى هبوط حاد وسريع في مؤشر MSCI الصيني الذي قد يهوي بما يفوق 30% في حال فرض ضرائب بـ45% على الصادرات من كلا الجانبين، بحسب ما نقلته "بلومبرغ"، فيما من المقدر أن يفقد مؤشر "شانغهاي" المجمع حوالي 10% من مستوياته الحالية.

ويبقى منتجو الإلكترونيات والأجهزة المنزلية والملابس في الصين، من بين أكبر الضحايا المحتملين لأي نزاع تجاري قد يشب بين الاقتصادين الأول والثاني عالميا، وذلك نظراً لأن جزءاً كبيراً من عائداتهم يتم تحصيله من عملاء في أميركا، وفقا لبنك "كريدي سويس".

وهناك شركات صينية تجني 70% من إيراداتها في السوق الأميركية، كشركتي GoerTek Inc المتخصصة في التكنولوجيا و Regina Miracle International في قطاع الأزياء، واللتان تعدان الأكثر انكشافا على السوق الأميركية.

فيما تأتي الشركتان الأميركيتان المنتجتان لأشباه الموصلات Ambarella Inc و Texas Instruments Inc في صدارة تلك الأميركية التي تحقق الجزء الأكبر من مبيعاتها في الصين.

من ناحية أخرى، تعد الصين موطنا لصناعات أميركية على رأسها منتجات Apple، فضغوط ترمب على الشركات الأميركية لإعادة توطين مصانعها سترفع تكاليف شركات كبرى لجأت إلى الصين لتحقيق عائدات أعلى، ما سيجعل منتجاتها أقل تنافسية لجهة الأسعار ويقلص حصصها السوقية ومبيعاتها ليس فقط في الصين بل حول العالم.

ووسط تقاطع النيران هذا، قد يشكل أي نزاع محتمل فرصة لأطراف ثالثة من أجل الاستفادة وخطف الحصة السوقية التي ستخلفها القيود التجارية المحتمل فرضها، فإذا ما عمد الصينيون إلى معاقبة أميركا من خلال مقاطعة منتجاتها، كما حدث مع اليابان في 2012 على خلفية نزاع حدودي، حينها قد تصبح السيارات الألمانية بديلا محتملا عن تلك الأميركية، فيما قد يستبدل الصينيون قمصان وأحذية Nike الأميركية، بمثيلاتها من Adidas.