انطلقت الخميس، في محافظة ورقلة جنوب الجزائر، مليونية للشباب العاطل، للتنديد بما أسموه «تهميش الحكومة لحق السكان في التشغيل»، يرفع خلالها حقوقيون سقف المطالب من إنهاء سياسة التهميش في مجال التوظيف إلى المطالبة برحيل الحكومة. وقالت اللجنة التي تضمّ مجموعة من التنظيمات تمثِّل الشباب العاطل، في بيان لهم الأحد الماضي: «لم نعد نثق في حكومة سلال، وملف التشغيل ما يزال، منذ عشرات السنين يتأرجح، ولا يوجد هناك توزان محلي ولا عدالة اجتماعية ولا يوجد حق للمواطن بالنسبة لسكان الجنوب، والذين يمرّ أنبوب الغاز تحت أرجلهم»، مضيفين: «وعليه نطالب برحيل الحكومة». وتضم محافظة ورقلة إلى جانب عدة محافظات في جنوب الجزائر أهم حقول النفط والغاز التي تمثّل المصدر الرئيسي للدخل القومي للبلاد، حيث يشكّل الوقود ما نسبته 98 في المئة من صادرات الجزائر. ويترافق ذلك مع إعلان البنك المركزي الجزائري في نهاية شباط الماضي عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 190.66 مليار دولار، وتراجع المديونية الخارجية للجزائر إلى أقل من 4 مليار دولار. وأكّد تقرير لصندوق النقد الدولي عام 2012 أنّ الجزائر تعدّ من البلدان الأقل مديونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما إنّها تحتلّ المرتبة الثانية في المنطقة بعد العربية السعودية من حيث احتياطي الصرف الأجنبي. وأشارت تقارير حكومية صدرت بداية آذار الجاري إلى ارتفاع إيرادات الجزائر غير النفطية بنسبة 26 في المئة خلال العام 2012، لتبلغ قيمتها 26 مليار دولار. وبلغت عائدات النفط الجزائري خلال النصف الأول من العام الماضي 2012، نحو 37 مليار دولار. ورغم أنّ مؤشرات الاقتصاد الجزائري تبدو جيدة، إلاّ أنّ الحكومات المتعاقبة ما زالت تعتمد على عائدات النفط، دون تنويع الموارد المالية في ظلّ الأزمات العالمية، وهذا ما حذّر منه محافظ بنك الجزائر المركزي محمد لكصاسي خلال لقائه مع أعضاء البرلمان الجزائري في تشرين الأول. أيضا لم تنعكس هذه المؤشرات على الأوضاع الاجتماعية للحدّ الذي يقبله الجزائريون، حيث كشف بشير مصيطفى كاتب الدولة الجزائري، المكلَّف بالاستشراف والإحصاء، في كانون الثاني الماضي، أنّ معدل البطالة في الجزائر تراجع في نهاية تشرين الثاني الماضي إلى 9.7 في المئة، وهو ما يصل إلى مليون عاطل تقريبا. كما أعلن المسؤول الجزائري أنّ نسبة التضخم بلغت 8.8 في المئة خلال نفس الفترة مُرجِعاً هذه النسبة المرتفعة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل واضح، إضافة إلى عدم التحكم في التوزيع. ويقول مراقبون إنّ عدم توسُّع الجزائر في ضخّ سيولة مناسبة في الاقتصاد الوطني، زاد من حدة الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية. وكان محافظ بنك الجزائر المركزي قد صرّح في تشرين الأول الماضي، أنّ أكبر تحدٍ تواجهه البنوك الجزائرية حالياً هو كيفية تسيير الفائض المالي الذي بلغ 10 مليار يورو (نحو 12.93 مليار دولار). ورغم تراجع الأحوال المعيشية للمواطن الجزائري إلاّ أنّ الجزائر أعلنت نهاية العام الماضي موافقتها رسمياً على دعم صندوق النقد الدولي بمبلغ 5 مليارات دولار للمساهمة في رفع قدراته التمويلية وهو ما انتقده البعض مطالبين بتوجيه هذه الأموال لتحسين المستوى الاقتصادي للشعب الجزائري. وموازاة مع هذا الوضع المالي المريح للجزائر تعرف البلاد خلال السنوات الأخيرة موجة احتجاجات على البطالة والسكن والظروف المعيشية الصعبة، حيث أحصت مديرية الأمن الجزائري خلال عام 2012 حوالي 4536 حركة احتجاجية منها 3029 احتجاجا اتّخذت طابعا عنيفا. ومن ذلك ما تشهد المحافظات الجنوبية للجزائر منذ أشهر من احتجاجات متواصلة للشباب العاطل للمطالبة بالحق في مناصب داخل الشركات النفطية التي تقع بالمنطقة متهمين الحكومة بممارسة «التهميش في حق سكان المنطقة مقابل الاستعانة بيد عاملة من مناطق أخرى بعيدة». وتردّ الحكومة في كل مرّة على هذه الاتهامات بأنّ مناصب العمل في شركات النفط يخضع لمعايير التأهيل والتخصص، وأنّها أطلقت مشاريع تنموية في قطاعات الخدمات والزراعة لاستيعاب اليد العاملة بالمناطق الجنوبية.