بدأت السلطات النقدية في مصر مؤخرًا الموجة الثانية لتعويم العملة بعد 10 سنوات من الموجة الأولى التي حدثت عام 2003، بهدف مواجهة المضاربين في السوق السوداء والذين تسببوا في تراجع قوي لسعر العملة المصرية. ويتبع البنك المركزي المصري آلية جديدة لبيع وشراء الدولار في مزاد يومي عند الحادية عشرة والنصف صباح كل يوم، وهي الآلية المعروفة باسم fx- ACUION لتمثل بداية سياسة جديدة لتعويم الجنيه المصري، لتتحدد أسعاره وفق آليات العرض والطلب اليومي. ويسعى البنك المركزي من وراء هذه الخطوة إلى مواجهة عمليات مضاربة واسعة النطاق جرت على سعر الدولار في مصر على مدار الأسابيع الماضية، مما هدد بخلق سوق موازية تعيد عصر وجود أكثر من سعر للعملات الأجنبية في سوق الصرف المصرية، إلى جانب تحديد حجم الطلب الحقيقي على الدولار، خصوصاً الطلب المشروع لتحديد الأسعار بناء على حجم الطلب وقدرة البنوك على تلبيته من مواردها الذاتية. كما تأتي هذه الخطوة، في إطار إجراءات تمهيدية بدأت الحكومة المصرية في اتخاذها لإظهار الجدية في الالتزام ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعهدت به مع صندوق النقد الدولي، حيث ينطوي البرنامج على خفض تدريجي لسعر صرف الجنيه، والتوقف عن سياسة حماية العملة المصرية التي اتبعها البنك المركزي على مدار عامين، وتسببت حسب رؤية الصندوق في تبديد نحو 20 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، من دون أن تسفر عن حماية حقيقية للجنيه. ولهذا السبب، طلب صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية السماح بخفض الجنيه، بهدف تحسين الوضع التنافسي للصادرات المصرية في الأسواق الدولية، إلى جانب تعظيم عوائد السياحة ورسوم المرور في قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وتعد هذه الخطوة بمثابة التعويم الثاني للجنيه المصري خلال أقل من عشر سنوات، حيث جرت عملية التعويم الأولى في 27 كانون الثاني/يناير 2003 في عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد، وترتب عليها تراجع الجنيه بنسبة 60% خلال 24 ساعة، وشارف سعر صرف الدولار حينذاك على7 جنيهات، قبل أن يعود إلى التراجع ليستقر عند 585 قرشا لفترة طويلة بلغت عدة سنوات.