واشنطن ـ وكالات
تفوق صادرات أميركا من الطائرات والمعدات الثقيلة وارداتها، حيث تتميز البلاد بوفرة في العمالة الماهرة والموردين وبشبكة مترابطة من المواصلات. وربما لا تجيد أميركا صناعة الأجهزة الصغيرة مثل الهواتف الذكية، لكنها رائدة عالمية في مجال بعض المنتجات الكبيرة، مثل شاحنات التعدين التي يصل حجمها إلى بيت من طابقين والتي تقدر حمولة الواحدة منها بنحو 400 طن من الخام. وعلى بعد 80 ميلاً جنوب بيوريا في مدينة ديكاتور، تقوم شركة “كاتربلر”، بصناعة شاحنات التعدين الضخمة أيضاً. وتشكل هذه الشركة التي تحتل المركز الأول حول العالم في هذا النوع من الأسواق بجانب “كوماتسو” التي تحل ثانية، ما يقارب 85% من مبيعات العالم من الشاحنات الضخمة. وخلق حضورهما مجموعة كبيرة من الخبرات والموردين، تصب في مصلحة القطاع ككل. وفي الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون إلى إحياء القطاع الصناعي الأميركي الذي اتسم بتوفير الوظائف، ما زال مجال صناعة المعدات الثقيلة في أميركا، يلعب دوراً هاماً على الصعيد العالمي. يُذكر أن أميركا عانت من عجز في السلع المصنعة يقدر بنحو 509,7 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، نتيجة للعجز الكبير في صناعات استهلاكية مثل الملابس والأجهزة الالكترونية. لكن فاقت صادرات البلاد في قطاعات معينة، مثل الطائرات والمحركات الصناعية والحفارات والسكك الحديدية ومعدات التعدين، وارداتها بنسبة كبيرة للغاية. وتنتج هذه الصناعات أعداداً صغيرة نسبياً من سلع باهظة الأثمان تتطلب عمالة وتقنية متخصصتين. وتكمن ميزة منافستها لحد ما، في الخبرة المكتسبة من الشركات الأميركية في صناعة أسلحة معمرة وعالية التقنية ومعدات عسكرية قابلة للعمل مع منتجات أخرى. ويعتبر تحديد النشاطات التي يمكن لأميركا كسب مقدرات تنافسية فيها، جزءاً من التحدي الخاص بتوفير المزيد من الوظائف الصناعية ذات الأجور العالية، القضية التي توليها إدارة أوباما أولوية اهتمامها والتي تخصص المزيد من الميزانيات المالية للبحوث المتعلقة بالعملية الصناعية. ويرى بعض الخبراء، أنه ليس بمقدور أميركا العودة إلى الفائض في تجارة الصناعة، إلا أنها من الممكن أن تقوم بأداء أفضل في المستقبل. يقول جاري بيسانو، الأستاذ في “جامعة هارفارد” الأميركية “نحن في حاجة إلى زيادة مقدراتنا والمزيد من برامج تدريب المهندسين والعمال الصناعيين من ذوي الخبرات العالية وأن يتحلى المدراء بمنظور استثماري طويل الأجل ودعم حكومي للبحث في المواد المتطورة والتقنية الحيوية والدقيقة”. وتستفيد الشركات الصناعية من العدد الكبير في الموردين والعمال من ذوي الخبرات المتخصصة، ذلك العدد الذي ساعد تايوان في التحول إلى مركز صناعي عالمي لأشباه الموصلات والصين إلى دولة يصعب منافستها على صعيد الهواتف الذكية وبعض الأجهزة المنزلية الأخرى. كما حافظت ولاية إلينوي التي تستضيف شركات عملاقة لصناعة المعدات الثقيلة مثل “كاتربيلر” و”دير”، على خبرتها في صناعة الآليات الضخمة المستخدمة في مجال التعدين والبناء والزراعة. وتقوم شركة “كوماتسو” اليابانية لصناعة المعدات الثقيلة من مقرها في مدينة بيوريا بولاية إلينوي الأميركية، بتصدير معظم إنتاجها من آليات التعدين إلى أميركا الجنوبية وأستراليا وآسيا وأفريقيا. ونجحت الخبرة المحلية في جذب شركات أجنبية مثل “كوماتسو” اليابانية، التي تقوم بصناعة شاحنات التعدين الصغيرة في اليابان، بينما تأتي شاحناتها الكبيرة التي تقدر حمولة بعضها بنحو 360 طنا، من مدينة بيوريا الأميركية. ومن المتوقع أن تبلغ السوق العالمية للشاحنات الكبيرة حمولة 200 طن أو أكثر، بين 1,900 وألفي طن خلال العام الحالي، من واقع 1,590 في العام الماضي.