المنامة ـ بنا
صدر حديثا عن معهد البحرين للتنمية السياسية كتاب جديد بعنوان "مهارات اتصالية"، وتناول عبر دراسة مفهوم الاتصال وأهميته وآلياته المختلفة، النجاحات التي حققها معهد البحرين للتنمية السياسية لتنمية مهارات الاتصال لدى أبناء المجتمع البحريني، والجهد الذي بذله في توظيف المنصات الإعلامية المختلفة، التقليدية منها والمستحدثة، في تحقيق الاتصال الفعال والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور.
وأشار مؤلف الكتاب "خالد فياض"، الخبير بالمعهد، إلى أن مهارة الاتصال تعد من المهارات التي لا غنى عنها لأي مهتم بالشأن العام، وذلك باعتبارها وسيلته الرئيسية للاقتراب من الجماهير والتفاهم معهم وإقناعهم، مؤكدا أنه من المهم تعميق علاقات التعاون والاتصال بين أبناء المجتمع الواحد، وبين هذا المجتمع والعالم الخارجي بالشكل الذي يسمح بقدر كبير من التفاهم والتطور، وبهدف تجسير الفجوة بين النخبة والمجتمع.
وذكر أن مفهوم الاتصال مثله مثل أي مفهوم اجتماعي آخر تتعدد تعريفاته وتتشابك نظراً لتعدد الرؤى التي تناولته بالدراسة وتعدد البيئات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ينطلق منها كل صاحب رؤية في تعريفه، وخلص إلى أن الاتصال "عملية ديناميكية يتم من خلالها تبادل مجموعة من الرموز والمفاهيم والأدوار بين أطراف عملية الاتصال، وهذه العملية تبدأ من اتصال الفرد بذاته إلى الاتصال الجماهيري، وأن الاتصال يتم بشكل قصدي أو غير قصد بغرض تكوين أنواع من العلاقات تختلف كل منها باختلاف حجم وزمان ومحتوى الموقف الاتصالي، وهي تتأثر كذلك بالبيئة الاتصالية وتؤثر فيها".
وأضاف أن هناك ضرورة للتفريق بين الاتصال من جانب والإعلام من جانب آخر، حيث يرتكز المفهوم الأخير على مهمة توجيه الرسائل من المرسل إلى المستقبل، أما الاتصال فهو عملية متكاملة الأركان، كلا الطرفين يلعبان فيها دورا محدداً، فالمرسل ليس بمرسل دائم بل إنه قد يتحول إلى مستقبل أثناء العملية الاتصالية ذاتها والعكس صحيح بالنسبة للمستقبل، موضحا أنه في ظل ثورة المعلومات والتطور السريع في وسائل الإعلام اقترب مفهوم الإعلام كثيراً من الاتصال، حيث أصبح ذي اتجاهين، لا يقتصر على إبلاغ الرسائل بل يتجاوز ذلك إلى مهام التعليم والتعلم والترفيه واسترجاع المعلومات، ويشمل أيضا التراسل عبر البريد الاليكتروني والتحاور والتسامر من خلال حلقات النقاش وعقد المؤتمرات عن بعد.
وقال إن وسائل الاتصال أصبحت بالنسبة للعالم اليوم ضرورة لا غنى عنها، بل وصارت سلاحا ذا حدين، الأول: قوة ايجابية داخل المجتمع تعمل على تماسكه وتدعيم بنائه، وتعبر عن قضاياه وتكشف عن مواطن الضعف فيه، وتساهم في دفع عجلة التنمية، والثاني: فهو سلبي ويتعزز أثره إذا أسيء استخدام هذا السلاح بهدف تخريب وتقويض المجتمعات، مشيرا إلى أن من أبرز وظائف عملية الاتصال بشكل عام، هي: الإعلام الشامل والتنشئة والتوعية والدعاية والإعلان والتكامل، فضلا عن التسلية والترفيه.
وتابع قائلا إن مكونات عملية الاتصال تتعدد بتعدد آليات تحليل هذه العملية، وتتفاوت أهميتها بتفاوت دورها داخل العملية الاتصاليه ذاتها، ومن أبرز هذه المكونات: المرسل الذي لابد أن يكون موضع ثقة وتتوفر لديه مهارات اتصالية عالية ويكون مقتنعا ومؤمنا برسالته وغير ذلك، ثم الرسالة ذاتها من حيث الفحوى والمضمون باعتبارها محور العملية الاتصالية وأهم مكوناتها، والتي لا بد أن تخضع لعدة قواعد فنية ودلالية ونفسية كي تحظى بالنجاح المطلوب، ثم القناة أو الوسيلة التي من خلالها يتم نقل الرسالة إلى الطرف الآخر أثناء عملية الاتصال، ثم المُستقبِل، وأخيرا التغذية المرتدة التي تتم بين هذا الأخير ومرسل الرسالة.
وأوضح أن مهارات الاتصال تتعدد وتتشعب هي الأخرى بالشكل الذي جعل من كل مهارة منها أمراً مستقلا بذاته له سماته وخصائصه وآلياته التي تميزه عن باقي المهارات، منبها إلى أن هناك نوعين من مهارات الاتصال الفعال، الأولى: مهارات الاستماع والانصات، والتي تتضمن معلومات من الآخرين يمكن لمرسل الرسالة أن يستخدمها ليحصل على معلومات عن سلوك واعتقادات ومشاعر ومقاصد الطرف الآخر، الثانية: المهارات التعبيرية، وأبرزها مهارة التحدث، أو قدرة الشخص على اكتساب المواقف الإيجابية عند الاتصال بالآخرين سواء عبر الحوار أو الخطابة أو الاقناع أو التفاوض، والتي لكل منها سماتها وخصائصها ومراحل عملها، والتي لابد أن تتوفر فيها هي الأخرى المقومات اللازمة حتى يمكن أن تكلل عملية الاتصال بالنجاح المطلوب.
وختم الباحث دراسته بالقول إن اتقان مهارات الاتصال يعتبر ضرورة ملحة في هذا العصر الذي تتدفق فيه المعلومات وتتربص به السماوات المفتوحة وتنفتح فيه المجتمعات على بعضها البعض، مشيرا إلى أن نجاح التطوير في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والإدارية والسياسية لا بد أن يواكبه إستثمار لطاقات البشر في مجال تطوير مهارات الاتصال لديهم في كافة القطاعات الادارية والانتاجية والتعليمية.