القاهرة ـ بنا
صدر عن العربى للنشر والتوزيع كتاباً جديداً بعنوان "التجربة الأفريقية .. نيلسون مانديلا والمصالحة الوطنية" للمؤلف محمد صادق إسماعيل . واكد الكتاب أن نيلسون مانديلا واحد من أكثر الشخصيات التى حظيت بالاحترام والتقدير على مستوى العالم، ليس فقط لكونه قاد كفاح مواطنيه السود لإلغاء نظام الفصل العنصرى الذى طبق بمنتهى القسوة فى جنوب إفريقيا وتسبب ذلك فى سجنه لمدة 27 عاما، رفض خلالها أن يقايض حريته بمبادئه التى آمن بها، ولكن لكونه استطاع أن يقود بلاده نحو التحول لدولة ديمقراطية متعددة الأعراق، وفى سبيل إنجاح هذا التحول دفع بكل جهده نحو عملية مصالحة اعتبرت الأنجح على مستوى العالم، ونموذجا يحتذى به عند الحديث عن تجارب التحول الديمقراطى، الأمر الذى أسهم بعد ذلك فى جعل بلاده تتربع على عرش القارة اقتصاديا طبقا للتقديرات الدولية . وخلال فترة رئاسته واجه مانديلا أزمة طاحنة عندما تولى الرئاسة عام 1994، واشتد عليه الضغط الشعبى ليحاسب كل من ظلم واستبد وارتكب جرائم ضد المواطنين السود الأبرياء، لكنه استطاع عبور الأزمة وحسم الأمر تماما عن طريق تكوين ما سمى بلجنة الحقيقة والمصالحة، وتقوم فكرتها على اعتراف رجال السلطة بجرائمهم مقابل طلب العفو عنهم . وقد وضع بالاشتراك مع القس ديزموند توتو مواطنيه أمام خيارين إما التعلق بالماضى أو النظر للمستقبل، وقد فضل مانديلا المصارحة والمصالحة على المحاكمات والمصادرات والمصادمات الدامية، وكانت اللجنة عبارة عن هيئة لاستعادة العدالة وبموجبها فإن الشهود الذين كانوا ضحايا لانتهاكات سافرة لحقوق الإنسان تمت دعوتهم للإدلاء بشهادتهم واختير بعضهم لجلسات عامة، وفى نفس الوقت فإن مرتكبى أعمال العنف كان بإمكانهم طلب العفو من الملاحقة الجنائية والمدنية ، وكان من سلطات اللجنة منح هذا العفو، وكذلك منح التعويضات للضحايا وورثتهم، وبدلا من تقديم مرتكبى هذه الانتهاكات للمحاكم اعتمدت اللجنة جلبهم للاعتراف بأخطائهم وطلب الصفح من الضحايا حيث حقق عمل اللجنة نجاحا واسعا، دفع مانديلا لمطالبة ثوار مصر وتونس باتباع نهج بلاده فيما يخص المصالحة، قائلا إنهم لو كانوا تفرغوا للماضى لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع قصص النجاح الإنسانى .