دمشق ـ سانا
يسعى المؤلف سيمون فيلدمان في كتابه سيناريو روائي سيناريو وثائقي لوضع بعض المبادئ التوجيهية لكتابة السيناريو معتمدا في ذلك على تجربة مهنية وممارسة طويلة في الإخراج إضافة إلى سلسلة من الكتب الأكاديمية في الفن السابع والتي لاقت نجاحا وقبولا كبيرا لدى القراء ولاسيما منها المتعلق بإنجاز النصوص والسيناريوهات السينمائية والتي تشترك مع هذا الكتاب بنفس الغاية وهي وضع مقدمة وإطار لرؤية محددة للسيناريو بشقيه الروائي والوثائقي. ويطرح فيلدمان أمام القارئ الأسئلة الخمسة المتعلقة بالسيناريو كاستهلال منطقي يهدف للتعريف بماهية السيناريو ولماذا يستعمل وكيف يكتب... وما حدوده وهل بالإمكان تعلم تكنيكه... مؤكدا أنه لا يوجد وصفات جاهزة حيث تعمل الموهبة على إنجاح النص أو إفشاله بالدرجة الأولى دون أن يعني ذلك أن تعلم بعض التقنيات الأساسية يفيد بشكل كبير في التأسيس لسيناريو ناجح. ويوضح المؤلف أهمية تحديد أهداف ومحتويات النص إضافة إلى تحديد الأهداف الجزئية التي ستوصل في النهاية إلى الهدف الكلي لأن ذلك سيشكل القاعدة الأساسية في تغيير مسار الكتابة السينمائية من حيث انها ستصبح منتمية إلى القص الروائي أو القص الوثائقي وفيما إذا كانت صالحة للسينما أم انها ستندرج ضمن السيناريوهات التلفزيونية يضاف إلى ذلك ضرورة تبيان ملامح الأحداث والشخصيات على حد سواء عن طريق الفعل. كما يبين الكتاب حامل الرقم 201 ضمن سلسلة الفن السابع التي تصدرها وزارة الثقافة السورية كيفية التنسيق البنيوي للسيناريو بحيث يتبع سياقا تصاعديا مع تطوير الأحداث والأفعال الدرامية والصراعات وعليه أن يتصف أيضا بالمرونة والقدرة على التحرك ضمن أكثر من بنية بحيث لا يعيق حرية تعبير المؤلف عما يريد قوله فليس من الضروري الاتكاء على بنية واحدة في السرد السينمائي بل يمكن التشكيل بين أكثر من بنية. ويقسم فيلدمان تطور الصراع إلى أربع مراحل تبدأ بمرحلة توضيحية التي تفتتح السرد مبينة طبيعة الصراع الذي سيتطور عبر السيناريو مع إيضاح سلوك الشخصيات وأسبابه أما المرحلة الثانية فهي نمو ومفصلة الصراع التي تصف تطور الأحداث والشخصيات في سعيها للوصل إلى أهدافها لنصل بعدها إلى ذروة الصراع وهي اللحظة التي تحدد فشل أو نجاح الهدف الموضوع من كل شخصية أو الأحداث بما يشمله من توتر درامي وصراع عاطفي. أما المرحلة الرابعة والأخيرة في تطور الصراع كما يوصفها فيلدمان فهي حل العقدة التي ترسم ملامح مرحلة جديدة في العلاقة بين عناصر القصة ومحتوياتها بعد التوتر الشديد الحاصل في الذروة ويعطي الكاتب مجموعة من الأمثلة التي توضح فكرته عن ذاك التطور في الأفلام الروائية والوثائقية. ويوصف الكاتب في مؤلفه الذي ترجمه علاء شنانة طريقة إغناء شريط الصوت مبينا أن الحوارات كعنصر أساسي في الفيلم لا ينبغي أن تجعل السيناريست أسيرا لها فهناك الكثير من التقنيات الجديدة التي تقتل الروتين في الشريط الصوتي وفي الوقت ذاته قد تضيف عنصرا معلوماتيا مهما يضاف إلى صيرورة الأفعال الدرامية الأخرى بحيث لا يحتل الصوت الدرجة الثانية أو الثالثة من الأهمية فهو عنصر سينمائي أساسي وليس مكملا وقد يكون حاسما في بعض الأحيان. ويطرح فيلدمان مجموعة من الأمثلة التي تغني ذهن القارئ بمجموعة من الوسائل المعينة في كتابة السيناريو كما يقدم في فصل /معلومات إضافية/ إثراء علميا للتعرف على أرضية المشهد وكيفية تحليل الأفلام مبينا أن السيناريو يجب ألا يبقى مجرد وصف مكتوب للقصة أو للحدث الذي نريد توثيقه وإن ما ينبغي استغلال كل الإمكانيات الإبداعية المتاحة للغة المرئية والصوتية أثناء الحدث.