لندن ـ وكالات
تحتضن لندن العديد من الأقليات العرقية التى تعيش حياتها الخاصة، تتحدث لغتها وتمارس شعائرها الدينية ونمط حياتها. وحسبما ذكر موقع "بى بى سى" أن لندن تحتفى بالثقافة العربية لمدة أسبوعين كل صيف، منذ عام 2011 ضمن مهرجان "شباك" الثقافى، برعاية عمدة لندن، ويدير دورة هذه السنة عمر القطان، مدير مركز "موازييك رومز" الثقافى فى لندن. يتضمن المهرجان معارض وفعاليات موسيقية وأمسيات غنائية وأدبية، من ألمع المغنين المشاركين فى المهرجان مارسيل خليفة وسعاد ماسى ورشيد طه، ومن أبرز العروض المسرحية قراءات من مسرحية "صبرا" للفلسطينى إسماعيل الخالدى و"كوفية صنعت فى الصين" لدالية طه، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الثقافية والفنية الأخرى. ومن الفعاليات الثقافية التى تضمنها المهرجان أقيمت مساء الخميس، أمسية أدبية بمشاركة الروائية اللبنانية جنى الحسن والسعودى محمد حسن علوان، اللذين وصلت روايتاهما "أنا، هى والأخريات" و"القن]s"، على التوالى، إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، التى كثيرا ما يشار إليها باسم "بوكر العربية". فى بداية الندوة التى استضافها مركز "Asia House" أشار المسئول الثقافى للمركز الذى قدم الفعالية إلى حقيقة أن العالم العربى الذى تحتفى لندن بثقافته هو جزء من آسيا، التى التبست حدودها، كما التبست الهوية الجغرافية والثقافية للعالم العربى. أجاب الكاتبان على أسئلة منسقة الندوة، ولاحقا أسئلة الحضور، حول الروايتين وفلسفة الكتابة الروائية عند الكاتبين. هناك سمة مشتركة بين الروايتين وهى حالة الاغتراب التى يعانى منها بطلاهما، عن العائلة والمجتمع والثقافة السائدة، وكذلك الحيرة التى تواجهه الأجيال الشابة فى تحديد هويتها وموقفها من القيم العائلية والاجتماعية السائدة، وهناك صورة نمطية للسعودية دأبت المجتمعات الغربية على تداولها، وهى صورة المجتمع المغلق الذى يلفه الغموض، وقد غذت بعض كتابات الروائيين السعوديين الشبان هذه الصورة من خلال تسليط الأضواء على جانب محدد من الحياة الخاصة للسعوديين، وهو الكبت الجنسى، وقد لاقت بعض هذه الروايات رواجا وحظيت بفرص الترجمة لعدة لغات، مثل رواية رجاء الصانع "بنات الرياض". رواية علوان تخرج عن هذا النمط من حيث إنها تقدم علاقات أسرية تكتنفها الحيرة والاغتراب، وتغوص فى الأعماق الوجدانية للبطل الذى يحاول الإطلال على ثقافته عن بعد، حتى يرى الصورة دون أن يتورط فيها. أما جنى فقد قدمت بدورها صورة مغايرة للصورة النمطية للمجتمع اللبنانى، لعل صورة لبنان فى الوعى الأوروبى تختلف عن صورة دول عربية كثيرة، فهو كان دائما بلدا منفتحا اجتماعيا، مختلطا دينيا، وأبوابه مفتوحة على مصراعيها للسياح. اختارت جنى أن تخدش هذا الصورة السطحية لتغور فى أعماق الأخلاقيات الاجتماعية وازدواجية السلوك الفردى والاجتماعى، الأحلام المكبوتة لفتاة شابة منذ طفولتها وحتى زواجها الفاشل، والتى حاولت، فى الخيال، خلق عالم مواز تمارس فيه انعتاقها، تصوغ قوانينها الخاصة وتسير فى دروب لا تؤدى بها إلى متاهات. صورة العالم العربى فى الوعى الأوروبى يطغى عليها التعميم والنمطية، فى هذه الأمسية نجحت جنى ومحمد إلى حد بعيد فى مفاجأة الحاضرين بأن الصورة أكثر تعقيدا ويصعب تبينها دون الاقتراب الحميم منها، الذى ربما يتاح من خلال قراءة الأدب الروائى العربى.