دمشق ـ سانا
كائن اليقين مجموعة شعرية للشاعرة مرشدة جاويش فيها كثير من الرؤى التي اختلفت حسب وقع الحالات النفسية التي عاشتها وفق تأثرها بما يدور حولها أو بما يعتريها من تحولات وتبدلات نفسية واجتماعية كانت سببا لتلك القصائد. في مجموعة جاويش تبدو العاطفة كبيرة ومتأثرة بمواقف مؤلمة سببها غالبا البعد أو ما هو مترتب خلاله.. فعبرت عن نتائج ذلك البعد بعبارات شعرية ارتبطت بفلسفة الروح والتواصل والوجدان موحدة بين هذه الاشياء بأسلوب حداثوي لا يدخل في إطار الرمز الذي يبعد القصيدة عن المتلقي تقول في قصيدة ايقاعات الرماد .. رأيت .. الحراب المدماة تخرج من جسدينا وتمسكها شهقتي الذائعة رأيت فراش النعاس يحاصرني بتراتيله الفاجعة ويختلف الرثاء عند الشاعرة جاويش عن ذلك الرثاء الذي سلكه الشعراء التقليديون عبر العصور فصورت الموت والرحيل بشكل يؤدي حالة تشكيلية ممزوجة بكثير من الألم والرؤى والواقع ابتعادا عن الشكل التقليدي لقصيدة الرثاء محاولة ان تعطي القصيدة قدر استطاعتها كثير من التجديد تقول في رثاء أمها .. هاانذا ... افتح كل شبابيك الأرق ..على الريح وامسك لحظات العمر ... بذاكرتي ... امسك أشياءك بيدي الباكيتين ... واسجد بالدعوات إليك وتطرح جاويش حالات شعورية جديدة تجسد دور المرأة الإنساني والعاطفي في حياة الأدباء والشعراء وتستعير بهذا التجسيد مفردات من الوجود يحس بها الإنسان ويتمنى أن يتعامل معها فجمعتها الشاعرة في نص مزركش وقدمتها له ليعيش جمالياتها وألوانها ويتلمس معطياتها خلال ذلك الحب الشفيف الذي ينتاب الشعراء تقول في قصيدة مصابيح الغبطة .. كان الوقت هلاما ... والشاعر يتأبط كوكب روحه ... وحريق وجودي .. كنت أنا الملهمة ...اقلب برق جروحي وأشير إليه ... كم تتكسر أمواج البحر عليه. وتدخل الشاعرة في بعض قصائدها دائرة الرمز الذي يبقى في حدود المعقول إلا أنها ترتكز على عبارات مبتكرة وهذه العبارات قريبة من الشقاء والحساب والدمار فيبدو مكنونها التعبيري غريبا ويحتاج إلى تأمل بغية الولوج في المعاني المكونة له مثل قصيدة متراس الألم .. الليل يستبق الصراط إلى جهنم ... هي ساعة الزلزال ... في عز الظهيرة للجحيم ماذا سنقرأ ...في الدمار وفي الحمم ويظهر الأمل عند الشاعرة جاويش برغم حصارات الوجع وبرغم ما ينتابها من هواجس تشكلت عبر حياتها التي كانت بين تقلبات المجتمع وبين عاداته وتقاليده فكانت تتحداه وتسير بطريق تراه يوصلها إلى آمالها والى فرحها المخبأ وراء المجهول تقول في قصيدة بارقات ناعمة دمي .. شعلة للفيافي ... وأنشودة .. في نصوص الشجر دم لانتفاضة طفل الذرا للذين رأوا نارهم تنحني لانتشاء الثمر. ويبدو الهم الوطني والقومي في بعض قصائد جاويش برغم كل ما تقاسيه وما تراه من واقع مؤلم فها هي تشارك الفلسطينيين تطلعاتهم وهمومهم فتبين مدى التخاذل العربي والعالمي أمام قضية هي أشد القضايا أثرا على ضمير الأمة العربية من المحيط إلى الخليج .. تقول في قصيدة الوعد الفلسطيني .. واقصاها الصدى العربي ... أقصاها بحيث تغيب عن وقتي .. وعن لغتي ولكني .. أنا قدسية الكلمات والرؤيا أنا زيتونة الآتي سآتيها تحاول الشاعرة أن تشكل إيقاعا موسيقا تتفرد به وتجعله منسجما مع مفرداتها التي اختلفت من قصيدة إلى أخرى واخذت منحى يمتلك كثيرا من التجديد في الإيقاعات الخاصة المكونة لقصائد واضح أنها مأخوذة من القلب والروح ومحاطة بعفوية ساعة الذهاب لكتابتها. يذكر أن المجموعة من منشورات دار نون للطباعة والنشر والتوزيع تقع في 100 صفحة من القطع المتوسط.