عمان ـ العرب اليوم
مندوبا عن الملك عبدالله الثاني، رعى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور في الجامعة الاردنية اليوم الثلاثاء مؤتمر " التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الاردن : 1984 – 2014 " الذي يعقده مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة بمناسبة مرور ثلاثين عاما على صدور الارادة الملكية السامية بتأسيس المركز.
وقال رئيس الوزراء في كلمة افتتح بها اعمال المؤتمر، بحضور رئيس مجلس الاعيان عبدالرؤوف الروابدة وعدد من المسؤولين والمهتمين"ان الثلاثين عاما التي مضت منذ نشوء المركز شهدت احداثا هائلة حيث كانت الحرب العراقية الايرانية وكانت سياستنا واقتصادنا وقوتنا العسكرية والاستراتيجية والاعلامية والثقافي تدور في فلك تلك الحرب".
واضاف ان المعلم الثاني بعد عام 1984 كان فك الارتباط وهو معلم رئيس ذو مساس وعلاقة واضحة مع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة لافتا الى ان فك الارتباط ترك في حياتنا اثرا، وعلينا ان نقدر حجم ذلك الحدث، وليس مناقشة قانونيته ومشروعيته ودستوريته ووجهاته من عكسها، وان نؤرخ لهذين الحدثين، وهما الحرب العراقية الايرانية وفك الارتباط.
ولفت رئيس الوزراء الى ان من الشواهد التي شهدها الاردن النكسة الاقتصادية عامي 88 و 89 مؤكدا انه حدث سياسي واقتصادي واجتماعي كبير يجب تناوله بالتحليل والتفسير.
واكد اهمية ان يتوقف الدارسون الاستراتيجيون عند شاخص عام 1989 الذي شهد العودة الى الحياة البرلمانية واطلاق الحريات والانفراج العام.
واشار الى ان الفترة بين 1984 و 1989 بدأت تحولات اقتصادية مهولة حيث كانت هوية الاقتصاد شبه اشتراكية وتملك الدولة فيها المقدرات وتديرها في جميع شؤون الحياة وفي 1989 بدأت تتعاظم الحريات ولكن بدأت الهوية الاقتصادية تأخذ شكلا آخر.
وزاد النسور: ثم جاءت معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية عام 1994 حيث كان الطرح من كثيرين بان السلام سيجلب السمن والعسل، داعيا الى تأريخ ما جاء به السلام وماذا لم يأت به لافتا الى ان ذلك الشاخص اثر كثيرا على حياتنا سياسيا بالضرورة واقتصاديا واجتماعيا .
ولفت رئيس الوزراء الى انه وبعد ذلك التاريخ بدأت محاولات اطلاق قوى القطاع الخاص بحيث اصبحت الاضواء مسلطة على حق القطاع الخاص ودوره وديناميته في التأثير على الاقتصاد متسائلا هل نجحنا ام فشلنا واين؟ وقال " مرت مرحلة اخرى وهو ما اطلقت عليه في ذلك الوقت فكفكة اجهزة الدولة واضعافها والذي ادى بالضرورة الى اضعاف هيبة الدولة وتخلي الدولة عن مسؤوليتها الى قوى اخرى".
وتابع: ثم جاءت مرحلة الربيع العربي التي نعيشها ونستطيع ان نعيشها ونؤرخها في آن واحد باعتبار ان التاريخ ليس فقط تسجيلا للماضي وتقييمه فقد يشمل تاريخ الحاضر وتقييمه ايضا " داعيا الى ملاحظة التغير في السياسات متسائلا: هل تلحظون مزيدا من فكفكة اجهزة الدولة ام محاولة لملمتها, اضعاف هيبة الدولة او محاولة استعادتها؟ وابدى رئيس الوزراء اعجابه بمركز الدراسات الاستراتيجية مؤكدا الاحترام والمصداقية والاستقلالية التي يحظى بها حيث لا يتلقى اوامر من حكومات ولا من جهات ولا يوحى له باحصاءات وماذا يقدم وماذا يخفي فله كل الحرية والاستقلال مؤكدا ان علاقة هذه الحكومة مع المركز خلال السنتين الفائتتين ليست املاءت من جانب الحكومة على الاطلاق.
وكان رئيس الجامعة الاردنية الدكتور اخليف الطراونة، اكد في كلمته ان تأملا عميقا لواقعنا الاردني الذي لا ينفصل عن واقعه العربي ولا عن واقعه الاقليمي او الدولي يدفعنا الى التساؤل: هل كانت خططنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ناجحة الى حد ما؟ كما اكد ان هناك حاجة ملحة لاجراء تقييم موضوعي ومراجعة شاملة لهذه التحولات رغم علمنا ان هناك ارادات صادقة وجهودا طيبة وقيادة هاشمية حكيمة واصلاحات سياسية واقتصادية وجوانب مضيئة في مسيرة بلدنا.
ولفت الدكتور الطراونة الى ان الوعي الكامل بهذه التحولات يحتم علينا ان نكون قادرين على التعامل مع الواقع الذي تفرضه هذه التغيرات برؤية واضحة لا تقتصر على ردة الفعل الآنية ولا على الانفعالات الجارفة بل على فهم واسع لطبيعة الاحداث والتطورات بابعادها كافة مؤكدا ان التصدي لمعالجة قضايانا وتحقيق رؤية وطنية شاملة على مختلف الصعد واستشراف آفاق المستقبل لم تعد مهمة الحكومات فقط وانما هي مسؤوليتنا جميعا.
من جهته قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الدكتو موسى شتيوي ان المركز تأسس بإرادة ملكية سامية عام 1984 ليكون وحدة اكاديمية في الجامعة تعنى باجراء الدراسات السياسية والاقتصادية والامنية الوطنية والعربية والاقليمية والعلاقات الدولية التي تهم الاردن والوطن العربي بهدف تزويد الباحثين وصانعي القرار بالدراسات والبيانات لمساعدتهم في اتخاذ القرار العقلاني والموضوعي.
واكد ان المركز خطا منذ انشائه خطوات كبيرة وبخاصة بعد فترة الانفراج الديمقراطي في بداية التسعينات اذ توسع المفهوم الاستراتيجي ليشمل التحولات السياسية والتعددية السياسية والتنمية والبيئة.
وِاشار الدكتور شتيوي الى ان المركز اسس دائرة لاستطلاع الرأي في بداية التسعينات لتكون منبرا للمواطنين حيال حكوماتهم ومختلف القضايا الوطنية مؤكدا ان المركز استطاع بناء ثقافة مجتمعية تتقبل فكرة استطلاعات الرأي وتقبل عليها بحيث اصبحت هذه الاستطلاعات بنك معلومات تساعد في فهم توجهات المجتمع وديناميكيته حول كافة القضايا الراهنة واصبحت مدخلا مهما في صناعة السياسات العامة.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين من خلال تسع جلسات عمل عدة قضايا تتعلق بالتحولات السياسية والامنية من منظور دولي واقليمي وتحولات الاقتصاد الاردني والاستثمار والدين العام والتحولات الديمغرافية والسكانية.
كما يناقش المشاركون في المؤتمر النظرة المستقبلية للاقتصاد الاردني والاصلاح السياسي وتطور الحياة السياسية والمصادر الطبيعية والزراعة والتنمية البشرية وتحدياتها والتفاوت في التنمية والمكتسبات.
نقلًا عن "بترا"