أقامت "الحركة الثقافية - أنطلياس" لقاء بعنوان "أنسي الحاج حي في الذاكرة"، شارك فيه الصحافيون الشعراء بيار أبي صعب، والدكتورة زهيدة درويش جبور، وشوقي بزيع، وعباس بيضون، وعبده وازن، وعقل عويط، وندى أنسي الحاج. وأدار اللقاء فرنسوا قزي. استهل الأستاذ فرنسوا قزي اللقاء مشيرا إلى أن "الشاعر الكبير أنسي الحاج استطاع أن يخترق أسوار المدينة وأن يقلق القابعين في الأقبية والمترنحين فوق أرصفة الرحيل". وأشار إلى أن "المحتفى به بدأ مسيرته كالعاصفة فطغى على المرحلة الأولى من مسيرته الهم اللغوي والرغبة في التجديد. أما في المرحلة الثانية من مسيرته فبدا صاحب تجربة أدبية غنية جمعت بين الغنى الثقافي ورهافة المشاعر". وأعتبر أنه "شاعر صادق في عشقه للمرأة، وللحرية، وللطبيعة..". وختم قائلا "إن أنسي الحاج الإنسان رحل وبقي أنسي الحاج الكلمة". أشار الصحافي بيار أبي صعب إلى أن "أنسي الحاج عابر للخنادق وغير قابل للتصنيف فهو يأتي القارئ دائما من حيث لا يتوقعه". وفسر أن "الاختلاف مع أنسي في بعض المسائل السياسية أو الفكرية يجسد أرقى أشكال التحية له". وأشار إلى "أن أنسي الحاج هو هوة العلاقة الخاصة باللغة التي اشتغل حد الهوس على تنقيتها". واستهلت الدكتورة زهيدة درويش جبور، مديرة اللجنة الوطنية للأونسكو في لبنان كلمتها مشيرة إلى "أن أنسي الحاج الشاعر لا يموت. وأن أنسي متطرف في عشق الحقيقة، وصادق حتى الجرح، وشفاف كماء الينابيع". وسلطت الضوء على أنسي المتحيز أبدا للمرأة، رسولته التي أخلص لها الإيمان. وأشارت إلى "أن رحيل هذا الشاعر يعني خسارة مثقف ومفكر ناقد وشاعر مبدع عاش ومات حرا". وتوجه الشاعر شوقي بزيع بقصيدة إلى أنسي الحاج، يشهد له فيها على فضيحة اللغة في غيابه. وقال: "إنه الهيكل وهادم الهيكل. فهو الذي دخل محراب الكتابة على رؤوس الأصابع وخرج منه على رأس تلة من العواصف". وتابع بزيع وصف المكرم بقول عن السياب، استعاره منه: "كان جميلا كالخيال المرعب. كان جسده الشفافية ذاتها. كنت تستطيع أن ترى عبره أي نهر كان وأي أسطورة كانت، وأي مفتاح أو حيلة أو قرية أو سراب". وأشار الصحافي عباس بيضون في قصيدته إلى أن "أنسي الحاج عجن اللغة لكن بيدي طفل، وهدم الهيكل لكن بغصن وريشة. وأنه كان شاعرا في نص كما كان شاعرا في شخص". أما الصحافي عبده وازن فاقتصرت مداخلته المقتضبة على كلام من كتاب سيصدر له قريبا حول شعر أنسي الحاج، فوصف أنسي "بالكاتب الرؤيوي والشاعر اللاهوتي الصوفي الذي يبصر السماء بطريقة لا تشبه أحدا سواه". وقال "إن أنسي يمثل الشيء ونقيضه فهو مزيج من التناقضات والتوترات والإرهافات". وأشار إلى أن "المحتفى به هو متمرد ورجعي، فهو يكره التمدن لأنه ليس سوى إباحة الأسرار". واقترح الصحافي عقل العويط على الحضور أن يوافقوا معه على ممارسة الإرهاب الشعري الجميل الذي اشتهر به المحتفى به. وأشار إلى أنه "لا يجب على الجمهورية اللبنانية أن تكتفي بمنح الشاعر أنسي الحاج وساما فحسب، بل عليها القيام بأعمال إضافية تكريما له كجعل بيته في الأشرفية متحفا عاما، وطبع كتبه على نفقة الدولة، وإصدار طابع وطني يحمل صورته، ووضع تمثال له في وسط بيروت... ودعا الكتاب والفنانين إلى ممارسة إرهاب الشعر النقي حتى يهدموا مؤسسات التخلف والرجعية والطائفية..". وفي الختام، توجهت إبنة المحتفى به، الشاعرة ندى أنسي الحاج، بكلمة شكر لأصدقاء أنسي وعارفيه وقادريه، وألقت قصيدة تحاكي فيها أباها قائلة له "إنه الماء الذي يتحول خمرا في عروقها والحزن الذي يحوله المسيح فرحا بالقيامة، على رجاء اللقاء حول وليمة الذهب الأبدية..". وأشارت إلى "أن والدها من الذهب وإلى الذهب يعود".