احتضنت العاصمة الروحية للمملكة الأربعاء الدورة الثالثة لأمسية التراث تحت شعار "الطرب الأندلسي بفاس: تاريخ وأعلام". وسعى هذا اللقاء، الذي يتزامن مع تنظيم الدورة ال19 للمهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية، إلى إطلاق تفكير ذي طابع ثقافي وإبداعي وفني موجه لاستكشاف العناصر المكونة للتراث الاستثنائي والألفي للعاصمة الروحية للمملكة. وتهدف هذه التظاهرة التي نظمها منتدى تراث فاس، إلى إرساء نقاش مثمر حول مختلف القضايا والتحديات المتعلقة بالحفاظ على التراث وحمايته بغية جعله رافعة حقيقية للتنمية. ويعتبر منظمو الدورة الثالثة لأمسية التراث بفاس أن الموسيقى الأندلسية ظلت النمط الموسيقي المهيمن على مدينة فاس مقارنة بباقي مدن المملكة، وشكلت أحد رموز حضارتها، موضحين أن ريادة المدينة وصيتها الذائع في هذا المجال الموسيقي يرجع إلى دورها التاريخي كعاصمة روحية للمملكة والتشجيع الذي حظيت به الموسيقى على العموم في تلك الفترة. وأضافوا أن فاس شكلت المدينة التي ألهمت العديد من الفنانين والطلبة والباحثين من مختلف الآفاق، الذين ساهموا في نشر وتعميم هذا الفن من "النوبة الأندلسية" عبر باقي مناطق المغرب. وشمل برنامج هذه التظاهرة الثقافية، المنظمة بشراكة مع الجماعة الحضرية لفاس، لقاءات للنقاش تمحورت حول تثمين التراث من تنشيط مهنيين وجامعيين ومؤرخين وخبراء في التراث. وكانت الدورة الثانية لأمسية التراث قد نظمت في دجنبر الماضي تحت شعار "التراث المعماري لمدينة فاس: رصد في الوضعية الراهنة". وحسب أستاذ التاريخ محمد مزين، فإن الحاضرة الإدريسية تعد "مدينة للتراث بامتياز" بالنظر لغنى مواقعها ومآثرها التاريخية ذات الحمولة الحضارية القوية، مضيفا أن العاصمة الروحية تزخر أيضا بكافة أشكال التراث المعترف بها من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) كالتراث المكتوب (المؤلفات والمخطوطات) والتراث الشفوي الذي يتجلى من خلال العادات والتقاليد وفن العيش الذي يصنع شهرة المدينة العتيقة لفاس.