مذكرات بحار .. حديث السور .. مواكب الوفاء .. قوافل الأيام .. أنا الآتي .. عاشق الدار .. احنا عشقنا.. قصة بلدنا .. حكاية وطن هي عناوين لأوبريتات وملاحم غنائية ضخمة صيغت ونسجت في حب الوطن لتبقى في ذاكرة الشعب الكويتي اذ تركت هذه الأعمال الخالدة بصمات وطنية في الوجدان الشعبي لا تمحى. وقد تولى كل من الموسيقار غنام الديكان وشادي الخليج والشاعر عبدالله العتيبي الثلاثي الذهبي دفة العجلة لتوجيه "الاوبريت الوطني" وحمله من الكويت الى الخليج والعالم حيث أسس هؤلاء مدرسة غنية لاتزال اجيال اليوم تنهل منها في الكويت وعموم منطقة الخليج العربي. وهناك فنانون وملحنون ومبدعون كسناء الخراز ومرزوق المرزوق وسليمان الملا ويوسف المهنا استلهموا الايقاعات الكويتية والجمل اللحنية التي تعبر عن روح المجتمع وحسها الوطني العالي بفن وجماليات راقية حققت شهرة واسعة واعمال غنائية لا تزال تعيش بيننا. ولعل الثنائي الغنائي (شادي الخليج وسناء الخراز) أبرز المحطات الحاضرة في ذاكرة الغناء الوطني الكويتي لاسيما في اعمال وزارة التربية حيث صدح هذا الثنائي في سماء الوطن ليمطر عشقا وينثر أملا بين الكويتيين فيغزل بقلوب هؤلاء ابلغ معاني الولاء والوفاء. وفي هذا السياق قال الاستاذ الفنان عبدالعزيز المفرج الملقب ب (شادي الخليج) في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان "الاوبريت" عبارة عن مسرحية موسيقية غنائية خفيفة تشبه الاوبرا الا ان الحانها وموسيقاها ابسط واخف. واوضح المفرج ان الاوبريت يحتوي على اجزاء منفصلة باداء تمثيلي وتعبيري يغلب عليها لغة الحديث المبسطة حيث يتناول موضوعات مختلفة تقدم من خلال مجموعة من الالحان المتنوعة والرقصات المعبرة المرتبطة بفكرته ومفرداته. واضاف ان اول اوبريت وطني قدم في الساحة الغنائية كان بعنوان (مذكرات بحار 1977) من كلمات الشاعر الراحل محمد الفايز وغناء شادي الخليج وسناء الخراز والحان غنام الديكان والتوزيع الموسيقي للمايسترو سعيد البنا. واما عن مجموعة الاوبريتات الكبيرة التي تبعت مذكرات بحار قال شادي الخليج تم تقديم العديد من الاعمال كموكب الوفاء وصدى التاريخ والزمان العربي وحديث السور وانا الاتي وعاشق الدار واهل الكويت وقوافل الايام وتحيا الكويت وغيرها من الاعمال الخالدة التي مازالت باقية حتى اليوم. وقال المفرج ان بداية فكرة الاوبريتات نبعت من وزارة التربية وبالتحديد من التوجيه العام للموسيقى واستمر التوجيه في تقديمها لسنوات عديدة كانت ثمرتها العديد من الاعمال المتميزة. واكمل المفرج مستطردا انه لا تزال تلك الاوبريتات تذاع حتى الان حيث تعد المادة الاساسية في ارشيف الاذاعة والتلفزيون للاغاني الوطنية والتي تاخذ حيزا كبيرا من البث اليومي في ايام الاعياد الوطنية. وعن التجهيزات لهذه الاوبريتات قال ان مثل هذه الاعمال الكبيرة تحتاج الى جهود مضنية وكبيرة حيث ان التحضير لاختيار الفكرة فقط يحتاج الى وقت وبحث. واضاف المفرج قائلا "باعتقادي ان وجود فكرة جديدة يساعد على نجاح الاوبريت" ومن ثم يبدأ التحضير لها وفي الغالب تحتاج هذه الاعمال ما يقارب سنة او اكثر للتجهيز لها ويكمن ذلك في تحفيظ الطلبة والطالبات وتصميم الازياء والديكورات والتسجيل وغيرها من المستلزمات. وعن تكلفة الاوبريتات لفت الانتباه الى ان تكلفتها كبيرة وانها تحتاج الى ميزانية ضخمة من اجل توفير الديكورات والتقنيات المناسبة والازياء وغيرها من المتطلبات التي تبرز العمل الفني والتي يعتمد عليها انتاج وتقديم هذه الاوبريتات الوطنية. وعلل المفرج سبب اختفاء الاوبريتات بفقدان الاهتمام بها كسابق عهدها فنادرا ما يحرص العاملون في البحث عن الافكار الجديدة والتركيز على استخدام التراث الاصيل وعدم قدرتهم على تطويرها. وعن ما يقدم على الساحة الفنية حاليا اعتبر المفرج ان الاعمال المقدمة حاليا "باهتة وخفيفة ومعتمدة على استخدام التقنيات في تقديمها والتي لا ترتقي الى الابداع الفني الذي يساعدها على الاستمرار". وتطرق الى افتقار اصحاب الاعمال المقدمة حاليا على الساحة الغنائية والموسيقية في الكويت الى "ثقافة عالية تسهل عليهم التعامل مع التراث الاصيل" حيث ركزت هذه العناصر على الاسهل وهو استخدام ايقاعات محدودة والحان مطروقة. وشدد المفرج على وجوب اعتماد الاوبريتات على "الكلام الفصيح لكي تعطيها خصوصية البقاء والخلود ولا مانع من ان تطعم بعض الابيات لمثل هذا العمل بكلمات شعبية من التراث الكويتي الاصيل من اجل تليين وتزيين اللغة الفصحى". وأكد شادي الخليج اهمية مثل هذه الاعمال الوطنية في غرس المواطنة وحب الارض والوطن لدى الانسان الكويتي وتساهم في رفع معنوياته لارتباطها بالمناسبات الوطنية المجيدة (العيد الوطني وذكرى التحرير) التي تعمق روح المواطنة وتبث في العقل والوجدان رغبة صادقة في العطاء وبذل الغالي والنفيس لاجل الوطن.