تتنوع تجربة الباحث والشاعر حمزة الكيلاني لتطال العديد من الأجناس الأدبية والفكرية والتاريخية فهو من ناحية يكتب جميع أنواع الشعر العمودي والحديث كما أنه يعمل على البحث في كثير من القضايا الفلسفية وتلك التي تعنى بالشأن الفكري العام إلى جانب تناوله للعديد من الجوانب الاجتماعية والوجدانية في حياة المجتمع السوري وهي كتابات افرزت ثلاثة اصدارات مهمة تختزل شواغل الباحث واهتماماته الفكرية والإبداعية. عن بداياته الأدبية أوضح الشاعر الكيلاني أنه تربى على يد الدكتور المرحوم وجيه البارودي شاعر حماة الأول والأديب وليد قمباز فكان لهما الفضل بتوجيهه نحو وجهة الأدب والشعر منذ بواكيره الإبداعية التي اتسمت بالتجريب والسعي لاكتشاف كل ما هو جديد ومغاير سواء من الناحية الأسلوبية أو على مستوى الفكرة والطرح الموضوعي. لاحقا كما أضاف تأثر بالشعراء الكبار أمثال بدوي الجبل والأخطل الصغير ونزار قباني وعمر أبو ريشة وغيرهم فراح يكتب أحيانا بروح هؤلاء الشعراء مع الميل إلى الجزالة في الشعر دون كثير تعقيد في الألفاظ والمفردات موضحا أن الأسماء والقامات التي تأثر بها خلال مسيرته الشعرية كانت من أصحاب الفكر القومي الذي قدمته في قالب مليء بالحب والحنين والارتباط بالوطن والأرض المتجذرة في الأصالة والعمق الأمر الذي خلف فيه وفي أبناء جيله أثرا كبيرا ووعيا عميقا. وأشار الكيلاني في حوار مع وكالة سانا إلى أن البيئتين الاجتماعية والطبيعية تؤثران على الشاعر بذات الطريقة التي تفعلها بالنسبة لأي انسان آخر لكن الفرق أن الشاعر يستطيع أن يجسد هذا التأثير من خلال أعمال أدبية توثق بصورة أكثر جمالية ومنهجية وهو حال الشعراء منذ القديم إذ نلاحظ أن الشاعر البدوي يحاكي بقصائده ما يؤثر به في بيئته ويتفاعل معه من صحراء وسماء وتلال و جمال وأغنام وخيام وغيرها من الأدوات والأمر نفسه بالنسبة للشاعر الساحلي الذي يتفاعل مع البحر والمرجان والأسماك والشطآن في شعره ومثله الجبلي أو الريفي أو المدني. وأضاف أن البيئة تترك بصماتها على الإنسان أيا كان وهي مصفاة لغوية للشاعر والناثر بل هي مختبر جمالي يمنح أعذب الأساليب وأرق الألفاظ ... إنها البيئة يعيشها الإنسان فتدربه وتطوره ليتغير ويتحول من الفوضوي إلى المنهجي ومن الجاف إلى الرقيق. وذكر أن ديوانه الحديث والذي يحمل عنوان "كلمات على جدار الأزمة" مستوحى بالكامل من مجريات الواقع السوري الحالي موضحا أن القصائد الواردة في الديوان مكتوبة بدماء الشهداء و يتطرق فيها للأزمات الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي نعاني منها حاليا ولذلك فهو كتاب يجمع ما بين الفكر والشعر والفلسفة. وأضاف أعمل حاليا أيضا على مؤلف بحثي يحكي عن تاريخ الحركة الوهابية موضحا فيه جذورها القديمة منذ بداياتها مرورا بارتباطها بالعائلة المالكة في السعودية وصولا إلى واقعها الحالي وأواتها وأشكالها وتنظيماتها مع مقارنة عميقة بين الفكر الوهابي والفكر الصهيوني العالمي. ألف الكيلاني كتابا عن محافظة حماة وعنوانه "تاريخ حماة في مرحلة لم يلحظها التاريخ" والذي يمتد في الفترة ما بين عامي 700 و 800 هجري وصولا الى اللحظة الراهنة يوضح فيه أن مجتمعنا هو مجتمع متحضر منذ ذلك الوقت اذ كان يتسم بنشاط اجتماعي وثقافي يوصل إلى ما وصل إليه المجتمع السوري في العقود الأخيرة من مدنية لافتة. وأشار الكيلاني إلى أنه انتقل إلى محافظة اللاذقية منذ ثلاث سنوات وأول ما كتبه فيها كان قصيدة عن اوغاريت التي يشعر بأنها الأم بالنسبة له وهي الملهمة لكل مثقف سوري موضحا أن الحركة الثقافية في المحافظة تتسم بالنشاط والحراك الفاعل الذي يتجلى بالندوات والمحاضرات والمعارض الفنية المتتالية ومعارض الكتب والأمسيات الشعرية وغيرها وهو أمر إيجابي يدعو إلى التفاؤل والأمل في ظل الأوضاع التي تعيشها سورية. وبين أنه نتيجة الأزمة الراهنة فإنه من المطلوب من كل أديب وباحث ومثقف في سورية أن يرفد الحركة الوطنية من خلال تسخير الأقلام والأفكار والرؤى لتحقيق هذا الهدف وإظهار الحق الذي نقف وندافع عنه وأيضا إبراز الظلم والإرهاب الذي أنزل ببلدنا الحبيبة سورية من خلال القصائد والروايات والدراسات والأبحاث وكل ما من شأنه أن يحقق هذه الغاية. وأشار الكيلاني إلى أن الأدباء والمفكرين هم حملة مشاعل التوعية ويتوجب عليهم أن يساهموا في رسم معالم مستقبل الأجيال وأن يكونوا المثل والقدوة على دروب النهضة والتطور وأن يمارسوا دور الموجه والمصلح وأن يؤسسوا القواعد التي يبنى عليها الوطن إذ أن دورهم في هذه المرحلة هو دور محوري و مفصلي خاصة أنه لم يعد خافيا على أحد أن الهجوم الفكري هو أحد أشكال الغزو الإرهابي الحالي إذ أن أهداف المؤامرة تتضمن تسخيف فكرنا وثقافتنا وقد أصبح الهم الشاغل لأعداء سورية فصل الشعب السوري عن تاريخه وحضارته وصيغة عيشه المشترك التي درج عليها منذ آلاف السنين وهذه رسالة لكل سوري جدير بأن يحمل سوريته ويصونها. وقال إن شعراء سورية اليوم من حيث يدرون ولا يدرون يساهمون في كتابة تاريخ بلادهم ويشاركون بشكل مباشر وغير مباشر في تغيير الأحداث وصنعها لأن مهمتهم الأساسية كما قال الشاعر الكبير نزار قباني يوما تتمثل في غرس سنابل الحب الخضراء في كل بيت وقلب وعقل سوري.