غلاف الرواية

عن "مكتبة الدار العربية للكتاب" بالقاهرة صدرت رواية عمار علي حسن الجديدة "جبل الطير" في ستمائة وأربعة وأربعين صفحة من القطع الصغير، وهي الرواية التي كان قد فرغ من كتابتها قبل عام تقريبا.

ويقول الكاتب "من قرأوا مخطوطة هذه الرواية وصفوها بأنها تفوق روايتي "شجرة العابد" التي رآها النقاد تسهم بقوة في صناعة واقعية سحرية عربية، ومثل هذا الوصف يسعدني، لأن أكثر ما يضني الكاتب ألا يكون جديده أقوى من سابقه".

والرواية هي رحلة خفير آثار في التاريخ حين يناديه هاتف كل ليلة فيذهب خلفه إلى زمن بعيد، يخالط ناسه ويشهد على طقوسهم في الأفراح والأتراح، ويكشف الأساطير والصراعات والمكابدات التي يصنعونها في حياة مترعة بالتفاصيل، فتتاح له بهذا فرصة للمجاهدة والاجتهاد، فيما بعد، حتى يصير صوفيا ورعا يقع في حب فتاة كانت مشروع راهبة، ومعا يواجهان صلف الواقع، وهما يرتحلان في الزمان والمكان.

وتدور أحداث الرواية في أماكن أثرية فرعونية ومسيحية وإسلامية بمحافظة المنيا خلال سبعينيات القرن العشرين، وهي حافلة بشخصيات غريبة، تصنع مع بطلها "سمحان" عالما مدهشا، يتصاعد دراميا بشكل محكم، وبلغة عذبة.

ويقول الناشر في الكلمة التي كتبها على غلافها: "هذه الرواية تقيم جسرًا عريضًا بين الواقع والخيال، يجتازه القارئ في يسر، عبر نسيج سردي مُحكم، يبدعه الكاتب بدأب فلَّاح، وتبتل ناسك، مانحًا شخوصه لحمًا ودمًا، يجعلها تتسلل من قلب التاريخ البعيد، لتدب على الأرض بيننا، وتشاكس البشر والشجر والحجر.. إنها رواية تطرح، ببراءة وبراعة، صورًا حياتية، وحالات إنسانية،شيقة وشائكة، تلامس الواقع بقسوته، والخيال بنعومته، في حضرة الوجد والعرفان، وفي ظل تصالح الشك مع اليقين، لتصنع "واقعية سحرية"عربية،تلفت الانتباه بقوة".

تبدأ الرواية بطريقة جاذبة حيث تقول: "حين فتح الشيخ "سمحان" النافذة لم يجد الجبل مكانه. حملق بشدة مصارعًا جيوش النمل التي زحفت في شرايينه، ثم عصر عينيه وفركهما بقسوة، وعاد ليرشق بصره في كل شيء أمامه، والدهشة تملؤه، ممزوجة بالحيرة والخوف. وراح العرق يتفصد غزيرًا من جبينه رغم النسمة الباردة التي تهب عفية من الخلاء، وهو غارق في كل ما قال له شيخه "عبد العاطي" قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد".

وتنتهي بعبارة تقول "وبينما غاص جسمه بين ضفاف الرمل، ولم يبق سوى رأسه معلقًا في وجه الحديقة البعيدة القريبة رأى رجلًا يشبهه، يقف عند ناصية الأرض، يلملم الريح في عباءته، ويجذب الشمس من حبالها الذهبية، وتسقط في كفيه، فيرميها على بحر أصفر ناعم، لتتدحرج ويجري خلفها، غير عابئ بالعتمة التي أخذت تلف المكان، ولا بالسحاب الذي وقف عاجزًا في بطن سماء حبلى بقناديل الفضة الشاحبة، بل مد أنفه ليسحب من نسائم رخية هبت بلا انقطاع، ورفع هامته مغمضًا عينيه كأنه يريد أن ينسى كل شيء، لينعم بحياة أبدية".

وبين البداية والنهاية تتوالى أحداث تأخذ من يطالعها إلى عوالم غريبة وعجيبة مفعمة بالدهشة، عبر أقسام رواية ذات معمار متماسك، تصطاد قارئها من أول مقطع فيها.

يشار إلى أن عمار علي حسن، عضو اتحاد الكتاب ونادي القصة ونقابة الصحفيين، قد صدرت له روايات: "شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفي" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، ومجموعات قصصية: "حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التي هي أحزن"، وله كتابان في النقد الأدبي: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، إلى جانب ثمانية عشر كتابا في التصوف والاجتماع السياسي.