الدوحة ـ قنا
يقدم معرض جبل الفيروز "الفن الأفغاني... تراث واستمرارية" مجموعة من الأعمال التي أبدع في إنتاجها طلاب وأساتذة معهد جبل الفيروز للفنون والعمارة الأفغانية في كابول، حيث يعرض الفنانون أعمالا استقوا إلهامهم فيها من روائع مقتنيات متحف الفن الإسلامي بالدوحة. ويهدف المعرض الذي افتتحه مساء اليوم سعادة الشيخ حسن بن محمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس أمناء هيئة متاحف قطر، بحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء المعتمدين لدى دولة قطر، إلى حفظ الفنون التقليدية الخاصة بالعالم الإسلامي، سواء تعلق ذلك بالتصميم أو الأفكار أو المواد المستخدمة في معرض "جبل الفيروز"، ولكن في سياق حديث ورؤية معاصرة. كما يسلط المعرض الذي يستمر حتى 22 يونيو المقبل، الضوء على الاحتفاء بهؤلاء الفنانين الأفغان الذين شكل متحف الفن الإسلامي بأعماله ومقتنياته لحظة فريدة وهامة في حياتهم، حيث يحتفي "جبل الفيروز... الفن الأفغاني تراث واستمرارية" بإنجاز هؤلاء الفنانين عبر إظهار الأعمال التي أبدع الطلاب وأساتذتهم في صناعتها، والتي تعرض إلى جانب مقتنيات المتحف التي كانت مصدر إلهامهم. وكان متحف الفن الإسلامي قد عقد مؤتمرا صحفيا في وقت سابق اليوم للتعريف بالمعرض ومحتوياته، حضره كل من السيدة عائشة الخاطر مدير متحف الفن الإسلامي، والدكتورة ولسلي كاترينا ميكسن أمينة المعرض ورئيس قسم الأمناء والأبحاث بالمتحف، والسيد تومي وايد مدير جبل الفيروز. وأكدت السيدة عائشة الخاطر مدير المتحف، خلال كلمتها، أهمية هذا المعرض كونه يؤكد على دور الثقافة والفن في التغيير، واللذان يشكلان اللغة العالمية التي تجمع بين الشعوب وتوحد بينهم. وأشارت إلى أن فكرة هذا المشروع بدأت عندما زارت أمينة المعرض الدكتورة ليسلي معهد جبل الفيروز في أفغانستان، وشاهدت إبداعات عدد من الطلاب هناك تضمنت رؤيتهم لكنوز من تراثهم العريق، وتجلى في إبداعاتهم حوارا راقيا بين الماضي والحاضر. ولفتت مدير متحف الفن الاسلامي إلى أن هناك عدة فعاليات وبرامج مصاحبة لمعرض "جبل الفيروز... الفن الأفغاني تراث واستمرارية" تركز على الفن الأفغاني، إضافة إلى عرض سلسلة من الأفلام مثل "أولاد بوزكاشي". وفي ختام كلمتها، أعربت الخاطر عن اعتزازها بأن تكون جزءا من هذا المشروع الفني، وتوجهت بالشكر إلى الفنانين المبدعين من طلاب وأساتذة عملوا بمثابرة وصبر حتى أخرجوا هذا العمل. من جانبها، قالت الدكتورة ليسلي كاترينا ميكسن أمينة المعرض ورئيس قسم الأمناء والأبحاث بالمتحف إن فكرة المعرض جاءتها عام 2006، حينما تطوعت للعمل في صندوق جبل الفيروز بكابول، مشيرة إلى حجم العمل الكبير والهام الذي يقوم به هذا الصندوق لبناء وترميم المناطق القديمة بكابول. ونوهت بأن هذا المعرض تكاتف لإنجازه مجموعة كبيرة من العاملين الذين أسهموا في إنجاحه حتى يخرج إلى النور بهذا الشكل، لافتة إلى أن تميز هذا الأخير يأتي من أنه ينظر إلى الماضي و لكنه في الوقت نفسه ينخرط في الحاضر ويستشرف المستقبل برؤى فنية حالمة. من جانبه، أشار السيد تومي وايد، مدير جبل الفيروز، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده متحف الفن الإسلامي اليوم، إلى أن معرض جبل الفيروز "الفن الأفغاني... تراث واستمرارية" هو ثمرة جهود سبع سنوات من العمل الدؤوب في جبل الفيروز بكابول، معتبرا هذا المشروع أهم خطوة يقوم بها الطلاب على مدى الفترة الماضية، منوها في الوقت نفسه إلى أن الطلاب أظهروا مقدرة على الربط بين ما رأوه بالعين المجردة من تراثهم وبين ما أبدعوه في هذا المعرض. وأضاف وايد أن أفغانستان تزخر بالفنون الجميلة والآثار المدهشة، ولكنه لفت إلى أن الجديد في هذه التجربة هي أن الطلاب رأوا هذه الآثار بالعين المجردة في متحف الفن الإسلامي بالدوحة واستطاعوا أن يربطوا بين الماضي والحاضر ببراعة، على حد وصفه. ويقوم معرض جبل الفيروز "الفن الأفغاني... تراث واستمرارية" على الشراكة بين متحف الفن الإسلامي وطلاب وأساتذة معهد جبل الفيروز للفنون والعمارة الأفغانية في كابول. ويركز المعرض على فكرة الحفاظ على الفنون التقليدية للعالم الإسلامي من ناحية المواضيع والمواد على حد سواء، وإبراز دور التعليم في نقلها وترجمتها. وتتكون نصف قطع المعرض من قطع تاريخية وتحف من مجموعة متحف الفن الإسلامي والتي تنتمي إلى أربع سلالات عظيمة لها علاقة بأفغانستان هي الغزنوية والتيمورية والمغولية والصفوية. أما النصف الثاني من المعرض، فيقدم أعمالاً صنعت خصيصا لهذا المعرض من قبل طلاب جبل الفيروز، بشكل يعكس روحية القطع التاريخية ويخلق نوعا من الحوار معها. ويصاحب المعرض عدد من الفعاليات مثل مهرجان الطائرات الورقية في حديقة متحف الفن الإسلامي، وسلسلة من الأفلام لها علاقة بالشأن الأفغاني، بما فيها فيلم "أولاد بوزكاشي" الذي ترشح لجائزة الأوسكار. ويتزامن افتتاح المعرض مع مؤتمر أكاديمي خاص يستمر يومين في الدوحة ويركز على الفنون الأفغانية والتراث الثقافي. كما يغطي هذا المؤتمر الذي تنظمه الدكتورة ليسلي، عددا من المواضيع تشمل الإنتاج الفني لكل واحدة من السلالات التي يركز عليها المعرض، ودراسات حول قضايا الإرث الثقافي في أفغانستان المعاصرة، مع بعض المساهمات من عدد من الخبراء الدوليين. وقد تم إصدار كتالوج خصص للمعرض باللغتين العربية والإنجليزية، ويضم مقالات منهجية بقلم أمينة المعرض وغيرها من الخبراء في هذا المجال. يذكر أن "صندوق جبل الفيروز" تأسس في مارس 2006 بناء على طلب من صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز أمير ويلز، والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، بهدف ترميم المناطق العمرانية والتاريخية وتجديد الفنون والعمارة الأفغانية التقليدية. وقد نجح الصندوق في جعل قلب مدينة كابول القديمة مقصدا ثقافيا وتعليميا نابضا، بالإضافة إلى تأسيسه "معهد جبل الفيروز للفنون والعمارة الأفغانية".