افتتحت جمعية المحافظة على جدرانيات الكنائس القديمة في لبنان بالتعاون مع المكتبة الشرقية وجامعة القديس يوسف معرضا فوتوغرافيا حول "جدرانيات القرون الوسطى في لبنان: تراث يجب الحفاظ عليه"، في المكتبة الشرقية، برعاية وزير الثقافة ريمون عريجي وحضوره. كما حضر وزير الثقافة السابق غابي ليون، سفير بولندا في لبنان وجسياتش بوز، رئيس جامعة القديس يوسف البروفسور سليم دكاش وحشد من المهتمين. استهلت الحفل مديرة المكتبة الشرقية ميشلين بيطار بكلمة ترحيبية، وقدمته عضو الجمعية مايا حيدر بستاني التي اشارت الى أنه "ما بين 2006 و2014 تم ترميم جدرانيات أربع كنائس في جبيل والبترون سيدة نايا في كفرشملان - البترون، مار شربل في معاد، سيدة الخرايب في كفرحلدا - البترون ومار سابا في اده - البترون وما زالت جدرانيات كل من مار جرجس في رشكيدا - البترون وفوكاس في أميون قيد الترميم. واعتبرت رئيسة الجمعية المؤرخة راي كابريال جبر ان الهدف من اقامة هذا الحدث هو تسليط الضوء على مثل هذه الأعمال وابرازها أمام الجمهور العريض عبر صور فوتوغرافية تظهر روعة هذه الجدرانيات"، مشيرة الى فريق المرممين العاملين من ايطاليا، بولندا (جامعة وارسو) وروسيا، الذين يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة برعاية المديرية العامة للآثار في وزارة الثقافة، في حين ان الفضل يعود في تمويل هذه المشاريع الى رعاة لبنانيين. بدوره، تحدث نائب رئيس الجمعية مدير متحف "ما قبل التاريخ" في جامعة القديس يوسف في بيروت ليفون نورديغيان عن اعمال الترميم التي جرت في كنيستي سيدة نايا في كفرشملان - البترون ومار شربل في معاد اللتين تتمتعان ببنية مختلفة للغاية، ولكن متشابهان من حيث اسلوب الزخرفة والرسم. وأشار الى أن سيدة نايا هي كنيسة صغيرة منحوتة في الصخر وهي من اصغر الكنائس المغطاة بالرسوم (كل الجدران، بما في ذلك السقف...)، أما كنيسة القديس شربل - معاد فهي بازيليك فسيح، بين الأكثر إثارة للاهتمام للدراسة في لبنان، فقد تأسست الكنيسة في القرن السادس والخامس وظلت في نفس الموقع حتى اليوم، ولا تزال كنيسة الرعية في القرية، لافتا الى أنه يزين المحراب المركزي صورة الرسل الستة الانجيليين الذين يقفون الى جانب أسقف يرجح انه القديس شربل القديم. وتناولت العضو المؤسس للجمعية المتخصصة في تاريخ الفنون ندى فرج الله الحلو أعمال الترميم في سيدة الخرايب في كفرحلدا - البترون ومار سابا في اده - البترون، مشيرة الى ان الاخيرة هي بازيليك تتضمن 3 صحون، القسم الرئيسي منها واسع ورحب، ويتميز بطابع هندسي محلي وريفي يعود الى أواخر القرن الثاني عشر. أما فيما خص كفرحلدا، فانها كنيسة صغيرة وقد تم اكتشاف بقايا من جدرانياتها من قبل فريق كريستوف شميولفسكي من أكاديمية الفنون الجميلة في وارسو، بعد أن كانت مخبأة تحت طبقة من الرخام والكلس، وهي من الفنون البيزنطية، التي تعود الى القرن الثالث عشر". وقال وزير الثقافة: "منذ ان ترك الانسان العنان ليده لتبدع على الجدران أعرب للمرة الأولى عن إنسانيته على جدران الكهوف، وساهم بالتالي في ولادة الفن. وظل الجدار طوال العصور الوسطى الوسيلة الفضلى التي اتاحت للدين الانتشار والتطور. وأظهرت الآثار الى أي مدى كانت المسيحية الشرقية حية وقوية، يقودها الإيمان الخالص والمجيد، اضافة الى أن كنائسنا كانت مهدا لهذا الوحي وناقلا لمكونات هذا الدين العظيم من الحب و الرحمة". وأشار الى أن "الإهمال الذي تتعرض له هذه الكنوز هو علامة حزينة من حيث تراجع مجتمعاتنا وفقدان المعالم الفكرية والروحية"، معتبرا "أن ما يجري باسم الحداثة يبين مدى نكراننا دون ورع لذاكرتنا الجماعية"، مؤكدا "ان ما يقوم به الباحثون والأكاديميون والمواطنون الذين تمثلهم الجمعية هو سد للثغرات التي تخلفها ميزانيات الدولة الضئيلة المخصصة لحماية التراث من خلال مبادرات عديدة ومتنوعة". وختم مشددا على أنه "سيسعى بكل الوسائل المتاحة في وزارته للمساعدة في تحقيق هذه المهمة النبيلة، وان وزارة الثقافة ستبقى دائما راعية وداعمة لقضيتكم". تجدر الاشارة الى ان الحفل تخللته تراتيل دينية لريتا كرم والدكتور جوزيف خوري ولطلاب لاهوت من جامعة البلمند سليمان أبو هنود ووسام صوان.