القاهرة، الإسماعيلية، السويس ـ أكرم علي، يسري محمد، سيد عبداللاه
أكد المتحدث العسكري الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد أركان حرب أحمد علي، أن الجيش لن يقوم بمهام الشرطة المدنية في محافظة بورسعيد، وسط تحذيرات خبراء أمنيين من تفاقم أزمة ضباط وأفراد الشرطة المعتصمين في شتى محافظات مصر، مما يؤدي إلى سقوط البنية الأمنية للدولة، والدخول في حالة من الفراغ والانفلات الأمني مجددًا، مثل التي شهدتها مصر خلال أحداث ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، بينما تظاهر الجمعة الآلاف من أبناء بورسعيد، ونظموا مسيرات انطلقت من مساجد عدة، عقب صلاة الجمعة، للمطالبة بسقوط النظام الحالي، ورحيل قوات الشرطة بشكل نهائي عن المدينة، والقصاص لجميع القتلى الذين سقطوا في بورسعيد، في أعقاب صدور حكم من محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق 21 متهمًا من أبناء المدينة إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهم في قضية شغب في الملاعب وقع في المدينة العام الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصًا. وقال المتحدث العسكري الرسمي باسم القوات المسلحة، العقيد أركان حرب أحمد علي، في بيان صحافي، إن "عناصر تأمين مدينة بورسعيد التابعة للجيش الثاني الميداني، تقوم بتأمين المحيط الخارجي لمنطقة ديوان عام المحافظة ومبنى مديرية الأمن، مع ضم مبنى المديرية للمحافظة كهدف حيوي واحد، وأن القوات المسلحة لن تقوم بالمهام الشرطية في المدينة"، لافتًا إلى أن "الأهالى ينظمون اللجان الشعبية لتنظيف المدينة الباسلة وتأمينها بالتعاون مع القوات المسلحة". وقد واصلت قوات الشرطة في محافظة السويس، احتجاجها واعتصامها في عدد من الأقسام، للمطالبة برحيل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وزيادة التسليح ورفع الجزاءات الإدارية، في حين تتولى قوات الجيش تأمين المحافظة، والتي رفعت درجة الاستنفار الأمني بتعزيز تواجدها أمام المنشآت المهمة في السويس، وبطول المجرى الملاحي لقناة السويس، وسط استعدادات لاستقبال حكم المحكمة بشأن المتهمين في أحداث "استاد بورسعيد" السبت الموافق 9 أذار/ مارس الجاري. يأتي ذلك بينما طرح حزب "الوسط" مبادرة من جانبه لحل الأزمة، تتمثل في تشكيل حكومة قوية بالتشاور مع القوى السياسية للعبور بمصر من أزمتها، فعلى الرغم من توجه رئيس الوزارء المصري هشام قنديل ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لأداء صلاة الجمعة في قطاع الأمن المركزي في الدرّاسة، في حضور عدد من القيادات الأمنية في اللدراسة لمحاولة احتواء الأزمة، إلا أن قطاعات واسعة من الأمن المركزي وعددًا من أقسام الشرطة أضربت عن العمل، ورفضت المفاوضات إلا بعد تحقيق مطالبهم، والمتمثلة في إعادة التسليح، وإبعادهم عن الأزمة السياسية الجارية، وعدم إشراكهم فيها. وقال اللواء محمود خلف لـ "العرب اليوم"، "إن تفاقم أزمة قطاعات الأمن المركزى في محافظات مصر، ستزيد من تدهور الوضع الأمني وارتفاع معدلات الجريمة، والدخول في دوامة جديدة من الانفلات الأمني، التي تؤثر بدورها على الأوضاع السياسية"، مضيفًا أن "مطالب الشرطة مشروعة إلى حد كبير، ويجب الاستماع لها وتحقيقها، لأن الجيش لن يسمح بالدخول في الشأن السياسي مجددًا". وشهدت قطاعات الأمن المركزي في القاهرة والجيزة، والتي تقدر بسبعة قطاعات حالة من الارتباك، صباح الجمعة، تصعيدًا للاحتجاجات التي يشهدها قطاع الشرطة على مستوى الجمهورية، احتجاجًا على ما يتعرض إليه الضباط والأفراد خلال الأحداث التي تمر بها البلاد، واستشهاد عدد كبير منهم خلال هجمات البلطجية وأحداث الشغب، وقد وصل الإضراب في صفوف قوات الأمن المركزي إلى ٦٠ ٪ من قدرات تلك المعسكرات، حيث رفض عدد من القوات والضباط الخروج من معسكراتهم حتى تتحقق مطالبهم. ورأى أستاذ العلوم الإستراتيجية نبيل فؤاد أن "إضراب الشرطة عن العمل ورفض السياسات الحالية مؤشر خطير في ظل هذه التوترات السياسية، لأن ذلك يعني عدم تأمين الانتخابات البرلمانية المقبلة، إضافة إلى عدم تأمين مشروعات الأجانب في مصر، وأعمال المستثمرين وغيرهم"، مضيفًا أن "القرارات التي تؤخذ في هذا الشأن تحتاج إلى مجهودات من الدولة أكبر من هذا، مشددًا على ضرورة التواصل بين ضباط الشرطة وقيادتهم، والاستماع إلى شكواهم، وتلبية مطالبهم على أرض الواقع". فيما قال الخبير الأمني اللواء حسام سويلم لـ "العرب اليوم"، "إن نزول الضباط إلى مواقع الاشتباكات من دون تسليح مكثف، يؤدي إلى استشهادهم في التعامل مع العناصر الإجرامية وليس الثوار السلميين، فلا بد من تسليح أفراد الشرطة في أسرع وقت ممكن، لأن الضباط والمجند لن يرضى بالموت طالما مات زميله من دون أن يتحقق له شئ"، مطالبًا الرئيس محمد مرسي ورئيس الوزراء هشام قنديل بسرعة تلبية مطالب الضباط وقطاعات الأمن المركزي، حتى لا تتفاقم الأزمة. وتظاهر الآلاف من أبناء بورسعيد، الجمعة، ونظموا مسيرات انطلقت من مساجد عدة عقب الصلاة، للمطالبة برحيل قوات الشرطة بشكل نهائي عن المدينة والقصاص لجميع القتلى الذين سقطوا في بورسعيد، في أعقاب صدور حكم من محكمة الجنايات التي تنعقد جلساتها في القاهرة، بإحالة أوراق 21 متهما من أبناء المدينة إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهم في قضية شغب إستاد بورسعيد الذي أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصًا. وردد المشاركون في المسيرات هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام" و"سامع أم شهيد بتنادي مين هيجيبلي حق ولادي" و"هم اثنين ملهموش أمان الداخلية والإخوان"، و"بالروح بالدم نفديك يا بورسعيد". وقتل محتج بالرصاص، الخميس، في اليوم الخامس من اشتباكات بين الشرطة المصرية ومحتجين في مدينة بورسعيد الساحلية، فيما تصارع البلاد لاحتواء مشكلات أمنية متفاقمة خلال انتقالها المضطرب إلى الديمقراطية، حيث تسلمت قوات الجيش اليوم مبنى مديرية أمن بورسعيد بعد انسحاب قوات الشرطة، وتم تنكيس علم وزارة الداخلية من فوق سطح المديرية. وقال قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي، الذي تواجد في محيط مديرية أمن بورسعيد وسط عدد كبير من قواته، الجمعة، إن "قوات الجيش التي انتشرت في محيط مبنى مديرية أمن بورسعيد لن تحل محل الداخلية، وأن وجودها لتأمين المنطقة ووقف نزيف الدم، فنحن مؤسسة قتالية ولن ندير أي منشأ أمني في بورسعيد، قواتي مقاتلة، وأن تواجد قوات الجيش في محيط سجن بورسعيد بعد انتهاء جلسة الحكم على المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم (مذبحة بورسعيد) سيكون وفقًا لتوجيهات القيادة العليا، وإن جميع المطالب الخاصة بالشهداء والمتهمين في القضية والمصابين تقدم إليه شخصيًا"، مطالبًا المواطنين حول مديرية الأمن، بتشكيل مجموعات منها مجموعات للعمل كلجان شعبية في ميدان الشهداء ومجموعات أخرى لرفع مخلفات الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين خلال الأيام الأخيرة. وتواجه السلطات المصرية، تحديات كبيرة لاستعادة النظام، حيث أضرب المئات من رجال الشرطة عن العمل في أنحاء مصر مطالبين بالمزيد من الحماية، وواصل ضباط وأفراد الأمن في معسكر قوات الأمن المركزي لمنطقة القناة ف الإسماعيلية إضرابهم عن العمل لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بزيادة التسليح وإعطاءهم المزيد من الصلاحيات عند التعامل مع المسلحين أثناء قيامهم بتأمين المنشآت الحيوية، بينما وصلت إلى المعسكر الخميس، جميع القوات التي كانت تتولى تأمين مبنى مديرية أمن بورسعيد، ولا يوجد مجند واحد من المعسكر في محيط المديرية، وامتنعت القوات عن الخروج في أي مهمات، وأغلقت أبواب المعسكر الحديدية من الخارج، وتوقفت حركة السيارات والدوريات على الطرق التي تربط بين الإسماعيلية والمحافظات الأخرى. وأفادت مصادر مطلعة أن "إضراب قوات الأمن المركزي لم يؤثر على عملية تأمين سجن المستقبل في الإسماعيلية، والذي وصل إليه 38 من المتهمين فجر الخميس، وتتولى عملية التأمين حول السجن أفراد من الشرطة العسكرية ونحو 5 من مدرعات الجيش"، فيما قال مدير أمن الإسماعيلية اللواء محمد عيد، إن "الإضراب الحالي لقوات الأمن إضراب جزئي ولا تزيد نسبته عن 60 في المائة . وشهد المعسكر الذي يقع على طريق الإسماعيلية ـ القاهرة الصحراوي، مساء الثلاثاء الماضي، وقفة احتجاجية لضباط وأفراد الأمن بالمعسكر، مطالبين وزير الداخلية وقيادات الأمن المركزي بزيادة تسليحهم أثناء خدمات تأمين المنشات في بورسعيد وإصدار أوامر بالتعامل مع من يطلقون النار عليهم، كما طالبوا أيضًا بأن يتلقوا أوامرهم من قياداتهم وليس من مديرية الأمن، في حين فشلت المفاوضات التي قام بها مساعد أول الوزير لقطاع الأمن المركزي اللواء ماجد نوح مع ضباط وأفراد الأمن المركزي في إنهاء الاعتصام. وأعلنت أجهزة الشرطة في شمال سيناء انضمامها إلى إضراب قطاع الأمن المركزي في العريش، حيث نظم عشرات الضباط وأمناء وأفراد الشرطة وقفة احتجاجية أمام مقر مديرية الأمن، وذلك تضامنًا مع زملائهم فى المحافظات الأخرى وللمطالبة باقالة وزير الداخلية وعدم الزجّ بجهاز الشرطة في الصراع السياسي، رافضين سياسات الوزارة في مواجهة المتظاهرين وتعرضهم للمخاطر بسبب ذلك، وللمطالبة بسرعة عودة زملائهم من الضباط وأمين الشرطة المختطفين منذ عامين. وأكد ضباط وأمناء وأفراد الشرطة استمرار إضرابهم عن العمل، إلى حين تحقيق مطالبهم، وأن وقفتهم ليست موجهة إلى أحد من قيادات مديرية أمن شمال سيناء، وإنما تحقيق الهدوء وعودة الثقة بين الشعب ورجال الشرطة الساهرين على حماية الممتلكات العمومية والخاصة، وأنهم حريصون على إقرار دولة القانون وعودة الأمن والأمان إلى الشارع من دون أية ضغوط عليهم أو التصادم مع المواطنين، وضمت الوقفة ضباط وأمناء وأفراد الشرطة من مديرية الأمن وإدارتي النجدة والمرور ومختلف أقسام الشرطة. ويستمر إضراب الأمن المركزي في العريش، لليوم الثاني، وقد انضم لهم صباح الجمعة، أمناء وأفراد الشرطة في أقسام الشرطة في العريش، وأعلنوا اعتصامهم داخل مقار الأقسام وعدم الخروج إلى الخدمات، إلا أنه تم تخصيص بعضهم لتحرير المحاضر تيسيرًا على المواطنين. كما قام العشرات من أمناء الشرطة بالاحتجاج أمام مبنى مديرية أمن السويس، للمطالبة باعتماد السويس كمنطقة نائية، نظرًا لسخونة الأحداث بها، والتأكيد أن المحافظة تتطلب مجهودًا كبيرًا في العمل، واعتماد مميزات مالية لهم، والتي يكتسبها أفراد الشرطة كافة في المناطق النائية. وتشهد محافظة السويس حالة من الترقب الأمني، مع قرب موعد جلسة المحكمة لنظر الحكم على المتهمين في قضية قتل أعضاء "ألتراس الأهلي" في استاد بورسعيد، وبخاصة بعد عدد من التصريحات والتهديدات التي أعلنها أعضاء "الألتراس" على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بالاحتجاج وإثارة الفوضى في حالة "عدم رضائهم عن الحكم والقصاص العادل"، على حد وصفهم. وقد عززت قوات الجيش من تواجدها فى المناطق الحيوية في السويس، والمنشآت المهمة وبطول المجرى الملاحي لقناه السويس، ودفعت القوات بأعداد جديدة لتنتشر في الشوارع المؤدية إلى مديرية الأمن ومحافظة السويس ومداخل ومخارج سيناء، فيما أعلنت مديرية الصحة حالة الطوارئ، وتم نشر سيارات الإسعاف، والتي انتشرت منذ صباح الجمعة وحتى السبت، تأهبًا لوقوع أي حادث، وتم إلغاء إجازات الأطباء في مستشفى السويس العمومي. وانتهى حزب "الوسط" من مبادرة الخروج من الأزمة التى تمر بها البلاد حاليًا، وما خلفه حكم المحكمة الإدارية العليا بإيقاف انتخابات مجلس النواب، والخوف الذي سيطر على قيادات الحزب من انزلاق مصر في حالة فوضى، وإطالة المرحلة الانتقالية من دون استكمال مؤسساتها، ولا تجني ثمار ثورتها. ودعا "الوسط" إلى تشكيل حكومة جديدة بعد إقرار الدستور في ٢٥ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٢، لكنه آثر أن لا يجعل من ذلك سببًا للتنازع مع مؤسسة الرئاسة، لإيمانه أن الانتخابات يمكن أن تكون قريبة، فتأتي بمجلس للنواب تنشأ عنه حكومة قوية ،تستند لظهير شعبي يمكنها من مواجهة مشكلات الوطن بحكمة وحسم. ودعا الحزب إلى تشكيل حكومة جديدة بالتوافق الوطني الواسع، تبدأ بالاتفاق على ثلاثة شخصيات تقدم لرئيس الجمهورية، ليختار من بينها رئيسًا للحكومة، والذي يشرع في تشكيل حكومته بالتشاور مع القوى السياسية والمجتمعية كافة، مطالبًا بالاتفاق بشكل محدد وواضح على تاريخ لإجراء انتخابات مجلس النواب، على أن يكون الترتيب للانتخابات في الموعد المتفق عليه هو التكليف الأول للحكومة، مع التزامها عدم تغييره أو تأجيله لأي سبب. وتأتي أخيرًا الدعوة إلى بدء حوار جاد بشأن كل المسائل الخلافية، على أن يكون الإعلان عن الاتفاق بمثابة التزام لا رجعة فيه، بين كل القوى الموقعة أمام الرأي العام المصري حتى إنجاز الغرض منه