القاهرة ـ خالد حسانين/علي رجب
حذر خبراء وسياسيون مصريون، مسلمين وأقباط، من تداعيات ومؤشرات أحداث الخصوص والكاتدرائية، التي اعتبروها مخططًا لزرع الفتنة الطائفية، فيما طالب بعض الأقباط بحمايتهم في مصر، حتى لو باللجوء إلى القانون الدولي والمنظمات الأوروبية، في الوقت الذي حملت فيه الكنيسة الكاثوليكية، وزارة الداخلية مسؤولية الأحداث في الكاتدرائية المرقسية في العباسية، في حين أكدت وزارة الأوقاف رفضها المساس بدور العبادة، تزامنًا مع ارتفاع حصيلة الاشتباكات الدائرة في محيط الكاتدرائية، إلى قتيلين و89 مصابًا. وقال رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، السياسي والقيادي القبطي، الدكتور نجيب جبرائيل، "إننا أمام مشهد سيئ ومدمر، ويُسأل عنه الرئيس محمد مرسي، وأرى أنه ليست لدية إرادة لتحقيق الأمن للأقباط، ولم يتخذ أي إجراء منذ الاعتداء على الكنائس وحرقها، ولم نعلم ماذا حدث في تحقيقات ماسبيرو أو المقطم أو إمبابة وسيستمر نزيف دم الأقباط، وأحمل الرئيس المسؤولية كاملة، ويبدو أننا ندفع ثمن مساندة شيخ الأزهر، وأذكر أن جنازة الأقباط كانت تردد عبارة (يسقط حكم المرشد)، ففوجئوا بالكمين الذي أعد لهم، وهم يسعون إخوانهم ولا ذنب لأهالي المنطقة، كما يقولون، فالأهالي وقفوا بجوارنا، ولكن وجدنا تخاذلاً واضحًا من رجال الأمن". وأضاف جبرائيل، أن "أحد الضباط قالوا له إن مدير الأمن لم يهتم بتأمين هذا الحشد"، مُشيرًا إلى وجود أكثر من 100 ألف مُصل قبطي في الكاتدرائية، وأن حادثة الخصوص ليست الواقعة الأولى من نوعها، بل سبقها حصار كنائس عدة، وحرق أديرة، وكل هذا لسبب غياب الأمن، وغياب القانون، وغياب الإدارة السياسية"، فيما نفى التصريحات التى تُحمّل "جبهة الإنقاذ" مسؤولية الحادث، لأن الجبهة لم تقتحم كنائس قبل ذلك بإدعاء خطف مسلمات بداخلها، أو لتفتيشها من الأسلحة، كما فعلت التيارات الإسلامية، لافتًا إلى أن من حاصر المحاكم وحاصر مدينة الإنتاج الإعلامى، هم أيضًا من حاصروا الكنيسة، وقتلوا 51 من الأقباط. وفجر السياسي القبطي مفاجأة بقوله، "إننا سنضطر للجوء للخارج، وأقصد القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الأوروبية، وسنطلب حماية دولية للأقباط، ولا أقول تدخل دولي، ولكن من حقنا اللجوء لحماية دولية، خوفًا على أرواحنا، كما أن هناك سلاح وقف المساعدات الأوروبية لمصر، وسنجتمع لاتخاذ إجراءات تصعيدية لأن الأمور أصبحت مغلقة، وسدت كل الطرق للحلول، وأكرر أنا ندفع ثمن مساندة مؤسسة الأزهر، وأنا بنفسي قلت في الإعلام إن الأزهر خطًا أحمر، ثم حدثت بعد ذلك إحداث الكاتدرائية، لذا يجب أن يتدخل المجتمع الدولي لإيقاف مرسي ونظامه". ورأى الخبير في مركز الدراسات في "الأهرام"، عماد جاد، "أننا أمام اضطهاد ممنهج في غياب أو مشاركة الدولة ممثلة في وزارة الداخلية، التي عادت تعمل بنظام وطريقة النظام السابق نفسها، والضحية أقباط مصر"، مضيفًا أن "السبب وتلك الأحداث جاءت بعد مساندة شباب الأقباط لفضيلة شيخ الأزهر، ورفض المساس بمؤسسة الأزهر، وتم إرسال رسالة لقيادات الأقباط (لموا شبابكم)، والمقصود شباب الأقباط، وإلا سيكون الثمن غاليًا، وهو ماحدث فعلاً، وسيذكر التاريخ أن هناك نظام ووزارة داخلية تطلق النار والغاز على مقر الكاتدرائية، وأحذر سيتكرر الموقف في مناطق أخرى، ولكننا نقول لهم نحن إيد وجسد واحد، ولن ننخدع بتلك التصرفات والألاعيب". وقالت المتحدثة باسم حركة "6 أبريل"، إنجي حمدي، أن "رسالة النظام فشلت لأن الشعب لن ينخدع، لأننا إيد واحدة، وغباء النظام يوقع نفسه في الحفرة، وقد شاهد العالم وزارة الداخلية وهي تشارك في المجزرة، والمصريين لن يسمحوا باستمرار الأوضاع، كلنا مصريين لا يوجد نظام قادر على تفريقنا، وماحدث دليل على فشل النظام وداخليته". واعتبر أمين العلاقات الخارجية لحزب "الحرية والعدالة"، الدكتور محمد سودان، "أننا امام مؤامرة منظمة لكي لا يحدث الاستقرار للبلد، وهناك أيادي خبيثة تعبث لهدم الدولة وافتعال الأزمات واستغلال أن الشرطة ليست بالكفاءة المطلوبة، وأندهش من موقف النيابة التي تقوم بالإفراج عن المتهمين والبلطجية، كما حدث أمام قصر الاتحادية والإسكندرية، ويكفي أن نذكر أن بلطجية اقتحموا قسم شرطة الرمل وتم القبض عليهم ثم أفرج عنهم، وكذلك 600 قبض عليهم في التحرير وتم إخلاء سبيلهم، وهذا سيدفع نحو الفوضى وعدم الاستقرار، وأحداث الكاتدرائية تحولت بتصرفات غريبة، فكيف يتم تهشيم سيارات الناس، وهو ما دفع أهالي العباسية للخروج للدفاع عن أموالهم وسياراتهم، فلماذا تعمد استفزاز الناس كما أن هناك رصد لسلاح خرج من الكاتدرائية وكاميرات رصدت ذلك فكيف يتم ذلك". وطالب الحزب "المصري الديمقراطي"، بإقالة وزير الداخلية، حيث وصف الحزب الاعتداءات على الكاتدرائية "مقر البابا ورمز الكنيسة المصرية"، بأنه "أمر خطير وغير مسبوق"، مشددًا على ضرورة إقالة وزير الداخلية فورًا، وإعادة بناء الوزارة، والتحقيق في ما يتردد بشأن ما قام به الوزير من "أخونة للداخلية"، وتشكيل كتائب من "الإخوان" تابعة لجهاز الوزارة، والتحقيق في كل المواقف والسياسات والإجراءات والقوانين التي تشعل نيران الفتن الطائفية، وعلى رأسها السماح بالدعاية الدينية في الانتخابات. وأشار الحزب في بيان له، الإثنين، إلى مسؤولية وزير الداخلية في هذا الشأن، بعد أن أكد الكثير من شهود العيان أن "جماعات منظمة وملثمة هي التي قامت بقتل الأقباط في الخصوص، وهي الجماعات نفسها التي اعتدت على الجنازة في محيط الكاتدرائية، في غياب متعمد للأمن في البداية، ثم على مسمع ومرأى من قوات الشرطة وفي حمايتها بعد ذلك". وقد حملت الكنيسة الكاثوليكية، وزارة الداخلية مسؤولية الأحداث التي تمت الأحد، والمستمرة حتى الإثنين، في الكاتدرائية المرقسية في العباسية، واعتبرتها سابقة لم تحدث من قبل، ووصفته بأنه "استخفاف خطير" وعدم تقدير من قبل أجهزة الداخلية. وقال مدير المكتب الصحافي للكنيسة الكاثوليكية في مصر، الأب رفيق جريش، "إن الأحداث التي وقعت داخل وفي محيط كاتدرائية العباسية للأقباط الأرثوذكس، هى أحداث مؤسفة لم تشهدها مصر من قبل، وتنذر بانزلاق مصر إلى سلسلة من الفتن والقلاقل التي لا يحمد عقباها"، مضيفًا أن "كاتدرائية العباسية للأقباط الأرثوذكس تُعد رمزًا لكل مسيحي مصري بما تحمله من تاريخ، وحصنًا روحيًا كبيرًا، وإننا نحمل وزارة الداخلية المسؤولية عن الأحداث التي تمت الأحد، والمستمرة حتى كتابة هذه السطور، لأنها لم تستبق الأحداث وتؤمن وتحصن الكاتدرائية، على الرغم من علمها المسبق بجنازة قتلى أحداث الخصوص، وهذا يعد استخفافًا خطيرًا وعدم تقدير من قبل أجهزة الداخلية التي من المفروض أنها تعمل بحرفية أمنية منظمة، فما نشهده اليوم هو انهيار لسيادة القانون". وأوضح الأب جريش، في بيان صباح الإثنين، "إننا نشعر بأن جميع كنائسنا باتت مهددة وغير آمنة، ومن المثير للدهشة أيضًا أن الرموز الدينية الكبرى من كاتدرائية العباسية، وقبلها مشيخة الأزهر صارت مستهدفة من قبل من لا يريد سلامًا لمصر، ونتمنى أن تشد الدولة من قبضتها على مقاليد أمن البلاد، وتضمن عدم تكرار هذه الأحداث، كما نطالب بالتحقيق الفوري والجاد في هذه الجرائم، والقبض على هؤلاء العابثين وتقديمهم إلى المحاكمة، حتى تكون مصر حقًا دولة القانون والعدل، من دون تمييز بين أبنائها". وحمل المجلس الاستشاري القبطي، الرئيس محمد مرسي ونظامه الحاكم مسؤولية ما حدث، مطالبين بإقالة وزير الداخلية لفشله في حماية المواطنين المصريين في الكاتدرائية، في وقت تشيع جثامين ضحايا أحداث الخصوص، كما طالبوا أيضًا بمحاكمة كل المقصرين في حماية الكاتدرائية وبتطبيق القانون بكل حزم للمتسببين. ودان حزب "مصر الحرية"، الاعتداءات التي حدثت الأحد، على جنازة ضحايا أحداث الخصوص وعلى محيط الكاتدرائية المرقسية في العباسية، وحمل الحزب في بيان صادر عنه في الساعات الأولى من صباح الإثنين، الحكومة ووزارة الداخلية، كامل المسؤولية، لتخاذلهما وفشلهما في حماية المواطنين المصريين سواء في أحداث الخصوص أو أحداث أمام الكاتدرائية. وشدد الحزب على تكرار مطالبته، بإعادة هيكلة وزارة الداخلية، ولكن من دون مجيب، وألا يجب أن يفلت مرتكبو هذه الجرائم من العقاب، وأن يلاحق كل من حرض على العنف وعلى الكراهية مع تغليظ العقوبة على جرائم الحضّ على الكراهية والعنف، مضيفًا أن "السلطة الحالية، بعد جميع الأحداث التي وقعت والقرارات التي اتخذت في الأشهر الماضية، فقدت كل شرعية لبقائها، وأنه لا بديل عن استقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على إنقاذ البلاد من المأزق الذي وقعت فيه على المستويات كافة"، مجددًا دعوته إلى انتخابات رئاسية مبكرة حتى يعود الأمر للشعب ليقرر مصيره، ويختار من يقود المسيرة في المرحلة المقبلة بعد الفشل الواضح للرئيس الحالي في إدارة البلاد، كما دعا لانعقاد مؤتمر وطني جامع، لبحث مشكلة الفتنة الطائفية من كل جوانبها للوصول لحل جذري وشامل بشأنها. وأعلنت وزارة الصحة والسكان، ارتفاع حصيلة الاشتباكات الدائرة في محيط الكاتدرائية، الأحد، إلى قتيلين، أحدهما في مشرحة مستشفى الدمرداش، والآخر توفي في مستشفى دار الشفاء، و89 مصابًا، فيما تشهد منطقة الخصوص صباح الإثنين، حالة من الهدوء إثر توقف الاشتباكات فجرًا في المنطقة، وأمام كنيسة "مار جرجس" بعد تدخلات من عقلاء وقيادات في المنطقة، ومن المقرر، خروج الإثنين تظاهرة تضامنية للتأكيد على التلاحم بين قطبي الأمة من مسجد القدس في المنطقة. ودان المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف، الشيخ سلامة عبد القوي، الاعتداء الذي وقع الأحد، على مبنى الكاتدرائية المرقسية في العباسية، مشددًا على رفض الوزارة التام للمساس بدور العبادة سواء المساجد أو الكنائس، لأنها بيوت الله لا يجوز أبدًا انتهاك حرمتها. وقال عبدالقوي "إن بعض التوترات ومظاهر الاحتقان التي تحدث بين فترة وأخرى بين أبناء المجتمع الواحد، هي مجرد ظواهر عابرة لا تعكس حقيقة العلاقة الطيبة التي تربط بين مسلمي مصر ومسيحييها على مر التاريخ، ولا تعني مطلقًا وجود صراع ديني أو طائفي في مصر، التي قدمت للعالم تجربة فريدة في احتضان جميع الأديان والتيارات والمذاهب في تعايش كامل من دون انحياز أو تمييز، وما تشهده البلاد من ممارسات أو دعوات مضللة إنما يصدر من بعض المتشددين من الجانبين الذين لا يحسنون فهم حقيقة الأديان وجوهرها، فيتسببون في هذه الأحداث التي يستغلها المتربصون بالوطن، لتغذية نار الفتنة"، مؤكدًا "حرمة سفك دماء الأبرياء من أبناء شعب مصر، وأن دم المصري على المصري حرام، ونهيب بالمصريين المخلصين أن يحافظوا على وطنهم من الفتنة، وأن يحموا البلاد ممن يريدون لها السقوط في مستنقع الفوضى والانهيار". وناشد المتحدث باسم وزارة الأوقاف، العقلاء من الجانبين، تحكيم العقل والمصلحة الوطنية المشتركة والوقوف صفًّا واحدًا لمواجهة التحديات التي تمر بها الأمة في هذه الفترة الدقيقة والحاسمة في تاريخ مصر، والتي تتطلب تضافر الجهود كافة من أبناء الوطن المخلصين للنهوض بمصر، ووضعها على الطريق الصحيح. فيما عبرت "نقابة الدعاة" عن استنكارها واسفها الشديد لأحداث العنف الطائفية التي وقعت أمام الكاندرائية، الأحد، مطالبة بإجراء تحقيق فوري وسريع في الأحداث الفتنة الطائفية وتقديم المتورطين إلى المحاكمة، حيث قالت النقابة في بيان لها، "إن الاعتداء على دور العبادة من المساجد والكنائس، جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون"، مطالبة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي والسلطات المختصة، بالمزيد من المتابعة لقضايا الاحتقان والأحداث الطائفية، حتى لا تستدرج مصر إلى فتنة طائفية، وبتحويل ما تم، الأحد، ضد الكاتدرائية إلى النائب العام للتحقيق الفوري، وسرعة القبض على الجناة، والمزيد من تواجد رجال الأمن في الشارع، حتى تسير حركة الحياة ويعم الأمن والسلام، مشددة على أنه "على علماء الدين الإسلامي والمسيحي، التصدي لهذا الحدث، وتوعية الشعب حتى لا يقع فريسة لمروجي الفتن والشائعات".