واقعة جثث أطفال المريوطية

اعتاد "وحيد المغربي" 45 عامًا، في السادسة صباحًا، السير بخطوات متسارعة للحاق بعمله في الصباح الباكر بإحدى شركات الأدوية، ليستوقفه حشد من المارة يلتفون حول ثلاث جثث ملفوفة بأكياس بلاستيكية موضوعة داخل سجاجيد مهترئة، ليتجمد مكانه من هول الموقف وصعوبة المشهد، ليمعن النظر مع تزايد نبضاته ليجد جثث ثلاث أطفال صغار تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 8 أعوام، ملقون على جنبات الطريق بشارع الثلاثيني الجديد في منطقة المريوطية.

وبصوت مملوء بالخوف والهلع قال المغربي "أنا كنت ماشي الصبح زي كل يوم عشان الحق ميعاد الشغل شفت ناس بتبكي وتصرخ كانت الساعة 6 الصبح، ببص لقيت منظر بشع لأطفال مرمية في الشارع، ومتاخد أعضائها مقدرتش امسك نفسي وبكيت وانهرت".

دفع مشهد الحادث الفريد من نوعه بتلك المنطقة السكنية التي يوازيها الكوبري الدائري وترعة المريوطية الشهيرة، "وحيد" إلى الاتصال بالشرطة لمعاينة تلك الجريمة المرعبة التي استيقظ عليها أهالي المنطقة المصدومين، ويستكمل حديثه  "مسكت التليفون واتصلت بالشرطة بسرعة، وكل الموجودين عملوا كده، أشكال الأطفال كانت تصعب على الكافر، لو أي حد كان شاف اللي رامى جثث الأطفال، مكنش سابه إلا وهو ميت".

ووفق وصف "المغربي"، وصلت الشرطة وفرق المعمل الجنائي فور إبلاغهم بالحادث المؤلم، وتم فرض كردون على الجثث لمنع اقتراب المارة من مكان الجريمة لمعاينة الأطفال وجمع الأدلة، وأكد أن سور الأرض الذي وجد بجواره جثث الأطفال تابع لأحد أعضاء مجلس النواب، والذي تواصل مع قوات الأمن لمعرفة مجريات الأمور وملابسات الحادث بحسب قوله.

وفي غرفة خشبية ملاصقة لإحدى العمائر القريبة من مكان الحادث، استيقظ أشرف عثمان، حارس عقار مفزوعًا هو وزوجته على صراخ وعويل المارة في السابعة صباحًا، ليركض حافيًا ليرى ماذا يدور بأروقة الشارع الذي يسكنه منذ عدة أعوام، وبمجرد وصوله إلى دائرة رسمها المارة على حافة الطريق أصابه الرعب وانتفض جسده لسطوة المشهد البشع لثلاث جثث من الأطفال مسروقة الأعضاء.

ويقول عثمان "صحيت على صراخ وصويت الناس، في الشارع جريت على طول ومن غير ملبس حاجة في رجلي، ببص لقيت زحمة كتير دخلت أشوف في إيه وسط الناس لقيت جثت الأطفال"، بأنفاس مكتومة واعين تحاصرها الدموع، وتابع "مقدرتش استحمل المنظر اللي شفته، أول مرة أشوف حادثة زي كده، أول مرة أشوف جثث أطفال متشرحة ومتقطعة أكبر واحد فيها عنده 8 سنين فيهم أطفال صغيرة خالص".

وفور وصول الشرطة عاد حارس العقار إلى العمارة التي يحرسها، واكتفى بالمشاهدة من بعيد بعد سيطرة قوات الأمن على كافة نواحي المنطقة، بلهجة صعيدية استطرد أشرف" أنا مشيت وقفت عند العمارة أول ما الحكومة جت حاوطوا المنطقة من كل حتة، وبدأوا يفحصو الجثث، أنا والله ما عارف هقدر أنام تاني إزاي بعد اللي أنا شفته أنا مرعوب على عيالي الصغيرين".

ووسط أحد المعديات المقابلة لمكان الحادث، وقف عدد من النساء في حالة من الذهول والبكاء، وكانت من ضمنهم "شيماء لطفى" 24 عامًا، ربة منزل تقطن بمنطقة الحادث، والتي ظلت متسمرة أمام مكان الواقعة المفزعة، متذكرة حين حاول أحد الأشخاص خطف ابنتها وهي تسير مع أختها الكبرى، التي استطاعت منع محاولة اختطافها، لتربط مخيلتها تلك الواقعة السابقة بالحادث البشع الذي وقع اليوم بالمنطقة المحيطة بسكنها.

وتتذكر ربة المنزل أنه وقع عدد من حوادث السرقة والخطف بشارع الثلاثيني الجديد، ولكن واقعة الأطفال الثلاثة الذين سرقت أعضائهم كانت حالة إجرامية فريدة والأولى من نوعها " إحنا شفنا وسمعنا عن حوادث خطف وسرقة كتير في المنطقة، بس أول مرة نشوف أطفال متقطعة ومرمية في الشارع، وبعد الحادثة دي عمري ما هخلي عيالي ينزلوا لوحدهم كفاية اللي الواحد شافه النهاردة".

وكان مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة، تفقد مسرح جريمة العثور على جثث 3 أطفال بمنطقة المريوطية، وقرر تشكيل فريق بحث للتعرف على هوية جثث الضحايا، والتوصل للمتورطين في ارتكاب الواقعة، وكشفت المعاينة الأولية أن الجثث عثر عليها داخل أكياس سوداء، ومقطعة لأشلاء، وهم لثلاث أطفال، وفي حالة تعفن تام ومشوهة، ويرجح قتلهم لأكثر من أسبوع، وفرضت قوات الشرطة طوقًا أمنيًا بمحيط موقع الحادث، وانتقل فريق من النيابة العامة والمعمل الجنائي للمعاينة.