القاهرة ـ العرب اليوم
لا حديث في مصر هذه الأيام إلا عن الشبكة الدولية للاتجار بالأعضاء البشرية، الفضيحة التي تفجرت إثر ضبط 45 من الأطباء والممرضين، وأساتذة الجامعات.
خيوط القضية الخطيرة بدأت في سرية تامة، وقبل أسبوعين من الإعلان عن القبض على عناصر الشبكة، حيث كانت سيدة منزل في منطقة عين شمس بشرق القاهرة وراء كشف الشبكة وبداية الرصد الحقيقي لأعضائها.
قبل أسبوعين، ألقت أجهزة الأمن في شرق القاهرة القبض على عصابة للاتجار بالأعضاء البشرية، حين قام رجال المباحث بدهم إحدى الشقق السكنية، وألقوا القبض على 16 فتى، كانوا يستعدون للتبرع بأعضائهم البشرية، نظير الحصول على مقابل مادي،حيث دلت التحريات علي أن سيدة منزل تدعى عايدة وشهرتها سارة تعد المتهمة الرئيسة في خلية الاتجار بالأعضاء البشرية، ويتلخص دورها في استقطاب الفتية المتبرعين وإقناعهم بالحصول على مبالغ مالية تتراوح قيمتها بين 10 و15 ألف جنيه، وبما يعادل أقل من 1000 دولار، مقابل التبرع بأحد أعضائهم البشرية.
كانت عايدة هي حلقة الوصل ما بين المتبرع والمستفيد من عملية التبرع، وقد أدلت باعترافات مثيرة حول دورها، الذي تمثل في قيامها باستقطاب ضحاياها من الفتية الموجودين بالميادين العامة، وعرضهم على الأطباء الذين تعاقدت معهم على إجراء عمليات جراحية لسرقة أعضائهم البشرية، واعترفت بأنها قامت باختطاف 7 ضحايا من الفتية، وإعطائهم إلى الأطباء، ليتم سرقة جميع أعضائهم، ثم تتخلص مما تبقى من جثث ضحاياها، وذلك مقابل تقاضيها مبالغ مالية، تتراوح بين 15 و25 ألف جنيه عن كل ضحية.
عملية القبض على هذه المتهمة، والتي قادت إلى كشف وسقوط الشبكة، جرت خلال محاولتها التخلص من إحدى الجثث بمنطقة عين شمس، حيث أخفتها داخل "جوال" وحاولت إلقاءها في الشارع. غير أن أجهزة الأمن ألقت القبض عليها، وبعرض الجثة علىالطب الشرعي في مصر، تبين عدم وجود أعضاء بشرية فيها، وقادت عملية القبض تلك مباحث عين شمس إلي الشقة التي عثر فيها على 16 فتى، جميعهم أقل من 18سنة، كانوا يستعدون للتبرع بأعضائهم، وكذلك تم ضبط ثلاثة من أفراد خلية التجار بالأعضاء البشرية معهم.
وعلى الفور، تم في القاهرة تشكيل فريق عمل، من أعضاء هيئة الرقابة الإدارية، وفريق للتحقيقات، ومن ضباط من الأمن الوطني، وكانت مهمتهم هي تمشيط ورصد عدد من المراكز الطبية الخاصة، وعدد من المستشفيات الحكومية، التي تم دهمها، ومن بينها مستشفى الدكتور محمد سعد بمنطقة فيصل والهرم، ومستشفى دار ابن النفيس بالهرم بمحافظة الجيزة، حيث تم ضبط أعدادا كبيرة من أجهزة اللاب توب، وعدد من الثلاجات المخصصة لحفظ الأعضاء البشرية، والتي كشفت عمليات الضبط أنه تم تخبئتها في أماكن سرية داخل المستشفيات المتورطة، فضلا عن أجهزة طبية، تستخدم في نزع الأعضاء، تم تهريبها من الخارج، ومن غير المصرح باستخدامها طبيا، حيث صدرت التوجيهات بإجراء تحقيقات في قطاع الجمارك، لمعرفة كيف تم تهريبها إلي داخل البلاد.
وجاءت اعترافات المتهمين من المقبوض عليهم أمام جهات التحقيق مذهلة، خاصة بعد أن ضبطت الجهات الأمنية العديد من الكشوف بأسماء العديد من المرضى، من الذين تم وضعهم على قوائم الانتظار، حيث اعترف المتهمون بأنهم كانوا يجبرون الضحايا على توقيع إقرارات حكومية، منسوبة إلى وزارة الصحة، تفيد بتبرعهم بهذه الأعضاء من دون مقابل مادي، وذلك حتى يتمكنوا من إجراء هذه العمليات داخل مستشفيات مشهورة، بناء على طلب الزبائن وغالبيتهم من الأثرياء العرب، ومرضى مصريين من ميسوري الحال.
وكشفت التحقيقات أن أعضاء الشبكة، كانوا يمنحون ضحاياهم مبالغ مالية زهيدة للغاية، في الوقت الذي يحصلون فيه على ملايين الدولارات، من أطراف خارجية، كانت تشاركهم تجارتهم المحرمة.
تخصصات المتهمين، الذين تم القبض عليهم ضمن أفراد الشبكة، تنوعت ما بين أطباء وأعضاء هيئات تمريض، وأساتذة من كلية طب القاهرة وطب عين شمس ومستشفى أحمد ماهر التعليمي، ومعهد الكلى بالمطرية، وعدد من المعامل الخاصة. وقد تمكنوا من جمع مبالغ مالية مهولة من هذا النشاط بفضل عملياتهم الإجرامية، التي استخدموا فيها شبكات التواصل، وأساليب التحايل في محاولتهم إخفاء أنشطتهم، قبل أن تنجح الجهات الرقابية المصرية في الإيقاع بهم.
ومن ضمن الوسائل التي استخدمها المتهمون في تنفيذ أعمالهم، أنهم كانوا يجمعون ضحاياهم في إحدى الشقق في منطقة البساتين بجنوب القاهرة، ثم يقومون بإجراء التحاليل والفحوصات الطبية اللازمة لهم داخل معامل تحاليل، تتبع منطقة الجيزة، ومراكز لأمراض الكلى والفشل الكلوي بمنطقة روض الفرج بالقاهرة، ثم يجرون لهم العمليات الجراحية داخل مستشفى أم المصريين بالجيزة، وهو مستشفى حكومي، تابع لوزارة الصحة، ثم يتوجهون بالضحية إلى مسكن السيدة بالبساتين، لتقديم الرعاية للطبية لمثل تلك الحالات.
والحال نفسها تكررت في منطقة المرج بالقاهرة، حين ارتاب الأهالي بشقة سكنية تشهد ممارسات غريبة، حيث قادت التحريات إلى أن قهوجيا يستقطب الشباب ويطالبهم ببيع أعضائهم البشرية، وبالفعل تمكنت أجهزة الأمن من ضبط "السمسار" وأربعة أشخاص داخل الشقة ثبت بيعهم للأعضاء البشرية.
لقد تكشفت وقائع مثيرة في قضية الشبكة الدولية للاتجار بالأعضاء البشرية في مصر، حيث كشفت التحقيقات التي جرت في أعقاب القبض على المتهمين فجر الثلاثاء الماضي 06/12/2016، عن وجود "أحراز" في القضية، تم ضبطها لعدد من جوازات السفر،لرجل سعودي الجنسية ونجله، تم دخولهما إلى البلاد عن طريق دولة الأردن، وبصحبتهما ثلاث فتيات إندونيسيات، تم إثباتهن على جوازات سفرهم على أنهن خادمات. غير أن التحريات أثبتت أن السعودي ونجله اتفقا على احضار الفتيات الإندونيسيات، لبيع أعضائهن البشرية في مصر.
وقائع متكاملة في القضية الأخطر في مصر خلال الآونة الأخيرة، حيث بلغ عدد المقبوض عليهم 45 متهما، ضبطوا وبحوزتهم ملايين الدولارات. وكشفت وزارة الصحة المصرية أن عدد المستشفيات التي داهمتها الرقابة الإدارية شملت ثمانية مستشفيات خاصة، و6معامل، بـ 49 مأمورية ضبط في نطاق محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة-الجيزة-القليوبية)، وهي قضية تكشف الكثير من الخفايا، حول وقائع عدة تم الإعلان عنها في السنوات الأخيرة، من دون الكشف عن المتهمين بارتكابها، وفي مقدمة ذلك، عمليات السرقة الغامضة للأعضاء البشرية لأشخاص كثيرين، حيث كان المجهول هو المتهم الرئيس في تلك القضايا، التي يبدو أن الكشف الأخير عن تلك الشبكة، سوف يجيب عن العديد من التساؤلات الغامضة والألغاز التي ظلت خافية حتى وقت قريب.