تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي

قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة 5 مايو المقبل، وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال مشاهدة باقي الأحراز المصورة في القضية، مع الموافقة على السماح بإدخال حقيبة ملابس للمتهم الأول محمد مرسي، وأدوية للمتهم أمين الصيرفي.
استكملت المحكمة فض الأحراز التي عثر عليها لدى ضبط المتهم أحمد إسماعيل، والمتمثلة في جهازي كمبيوتر محمول تعذر عرض محتوياتهما بالجلسة الماضية نظرا لعدم توافر الأجهزة الفنية اللازمة للعرض.
وقامت المحكمة في مستهل الجلسة بسؤال ممثل النيابة العامة حول تقرير الكشف الطبي على المتهم أحمد إسماعيل المضرب عن تناول الأطعمة، فقدمت النيابة تقريرا طبيا يفيد بتوقيع الكشف الطبي على المتهم، والذي اظهر أنه في حالة صحية مستقرة، ويدرك ويعي جيدا لما يدور حوله من تفاصيل جلسات القضية.
وقام خبير المساعدات الفنية المكلف بعرض محتويات الأحراز، بأداء اليمين القانوني اللازم لبدء عمله.. حيث أوضح الخبير أنه سيتم عرض محتويات أحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة المحرزة، من خلال وحدة التخزين مباشرة، للتغلب على عدم إمكانية عرض المحتويات مباشرا من الجهاز نظرا لوجود مشكلة فنية في الكابل الخاص بشاشة الجهاز.
من جانبه، قال ممثل النيابة العامة إن الحرز المضبوط، والذي سلمته المحكمة إلى الخبير الفني لعرض محتوياته، لا يتضمن أية معلومات أو بيانات ذات صلة بوقائع القضية، وأنه يحتوي فقط على ملفات طبية وابتهالات دينية ومقاطع مصورة وأخرى موسيقية وأفلام إباحية جنسية.
وقرر الدفاع الحاضر عن المتهم أحمد إسماعيل انه يتنازل عن عرض محتوي جهاز الكمبيوتر المحرز، غير أن المحكمة كلفت الخبير الفني بالشروع في استخراج وحدة التخزين للوقوف على محتويات الجهاز الأول بنفسها.
وتضمنت محتويات جهاز الكمبيوتر الثاني 81 مجلدا، وقرر الخبير الفني انه لن يستطيع استعراض محتويات الجهاز بعدما تبين انه يحتوى أحد الفيروسات الالكترونية التي من شأنها التأثير على أجهزة الفحص.
وقام الخبير الفني – بناء على أمر المحكمة - باستعراض محتوى الملفات بصورة سريعة، للوقوف على ما تحتويه وما إذا كان متعلقا بالقضية من عدمه، حيث تبين إن الجهاز مكون من 5 أجزاء، تحتوي على بعض الدراسات باللغة الإنجليزية وبيانات وتقارير خاصة بامتحانات مدون عليها شعار تكنولوجيا مصر ومعلومات عامة وصور لبطاقات الرقم القومي لبعض الأشخاص وصفحة شخصية لأحد مواقع التواصل الاجتماعي وبيانات عن مجلس الشعب ومقاطع فيديو لشخصيات عامة وملفات كتابية حول أحوال البلاد ورأي كاتبها فيها ومن بين ما تتضمنه انتقاد ثورة 30 يونيو وأحكام القضاء وبعض رجال الدين وأحوال السجون.
كما تبين للمحكمة أن الجهاز يحتوى عددا من المقاطع المصورة تدور في معظمها حول أعمال الحريق والتدمير الممنهجة التي طالت أقسام الشرطة إبان ثورة يناير 2011 ، واقتحام مقر الإدارة العامة لجهاز مباحث أمن الدولة في مارس 2011 .
وتضمن الجهاز المحرز ملفا يحتوى على 38 صورة لأوراق صادرة عن مكتب وزير الداخلية ومدون أعلاها "سري جدا" و "سري للغاية" ، علاوة على ملف يحتوى مقاطع مصورة أخرى حول هروب السجناء من سجن أبو زعبل في أعقاب عمليات اقتحام السجون.
من جانبه، طالب الدفاع عن المتهم أحمد إسماعيل، إثبات أن ما قامت المحكمة بعرضه من مقاطع مصورة وغيرها تضمنها الحرز (جهاز الكمبيوتر المحمول) لم يتضمن ثمة أفلام جنسية وإنما هي أفلام طبية.. فعقب ممثل النيابة العامة مؤكدا أن محتويات الحرز الخاص بالمتهم تضمنت بالفعل أفلاما إباحية جنسية.
كان المستشار هشام بركات النائب العام قد وافق على إحالة المتهمين إلى المحاكمة، في شهر سبتمبر من العام الماضي، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية.. حيث جاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية - والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة - بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس - رئيس الجمهورية الأسبق) - أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس - مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) - أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس - سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) - أحمد علي عبده عفيفي (محبوس - منتج أفلام وثائقية) - خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس - مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) - محمد عادل حامد كيلاني (محبوس - مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) - أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس - معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) - كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) - أسماء محمد الخطيب (هاربة - مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) - إبراهيم محمد هلال (هارب - رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية).
وأشارت التحقيقات التي أشرف عليها المستشار تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، إلى أن مرسي استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي.
وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط ألكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق - رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة.
وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين (من العاملين بقناتي الجزيرة و مصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة، والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين.
وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته.
وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.