مدريد ـ وكالات
بإحرازه كأس اوروبا 2012 لكرة القدم في بولندا واوكرانيا، وإضافتها الى لقبي البطولتين الاوروبية (2008) والعالمية (2010)، يكون المنتخب الاسباني الذي يضمّ تشافي هرنانديز واندريس انييستا وسيرخيو راموس وايكر كاسياس... قد دخل الصيف الماضي تاريخ كرة القدم من أوسع ابوابه. بالإضافة الى نَيله حصّة كبيرة من حصيلة العام 2012 بالنسبة لكرة القدم. لم يستطع حتى الآن أيّ منتخب عالمي إحراز 3 القاب كبيرة على التوالي، وكانت المانيا الغربية قد أهدرت بقيادة فرانتس بكنباور وفرنسا بقيادة زين الدين زيدان الفرصة في العامين 1976 و2002. وتعرّض المنتخب الاسباني لانتقادات جمّة وعنيفة جرّاء اعتماده أسلوب التمرير التقليدي والمتكرر بين اللاعبين، قبل ان يضرب بقوة عندما اسقط نظيره الايطالي برباعية نظيفة في نهائي البطولة الاوروبية في كييف، فمَحا الصورة المشوّهة المرسومة عنه وأخرسَ منتقديه.وكرّس الأداء الذي قدمه رجال المدرب فيسنتي دل بوسكي في كأس اوروبا جيلاً ذهبياً وأسلوباً سيبقى طويلاً في ذاكرة الكرة المستديرة وتاريخها، وقد بَدا تشافي وانييستا والآخرون يعزفون نشيداً كلما كانت الكرة في حيازتهم، من خلال تحركات مدروسة بإتقان وفواصل فنية رائعة غالباً ما تنتهي باختراقات قاضية بالنسبة الى الخصم. ويتمّ كل ذلك في نسخة طبق الاصل من اسلوب نادي برشلونة، تتخلله بعض المناولات الطويلة من صانع الالعاب الآخر تشابي الونسو، كما هي حاله مع ناديه ريال مدريد. وبفضل فلسفة اللعب هذه التي لم يتخلّ عنها لاعبو المنتخب الاسباني حتى في أوج الانتقادات التي طالت أداءهم، استطاعوا تجاوز ثغرة غياب اثنين من عتات اللاعبين واهم العناصر الاساسية بداعي الاصابة، هما المدافع الصلب كارليس بويول والمهاجم القنّاص دافيد فيا. وتكمن قوّة المنتخب الاسباني في الاداء الجماعي وعدد من رؤوس الحربة، مثل انييستا الذي اختير افضل لاعب في كأس اوروبا 2008 ثم افضل لاعب في اوروبا لعام 2012 والذي يتنافس مع البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد) وزميله في برشلونة الارجنتيني ليونيل ميسي على الكرة الذهبية التي تمنح سنوياً لأفضل لاعب في العالم. وبلغ لاعب الوسط انييستا القمّة في سن الثامنة والعشرين، وسيتذكره عشّاق كرة القدم لفترة طويلة من خلال الأداء اللافت الذي قدمه في المباراة ضد كرواتيا (1-0)، في حين غاب الآخرون عن الاجواء، وساهم بالتالي في بلوغ اسبانيا ربع نهائي البطولة الاوروبية حيث فازت على فرنسا 2-0، ثم على البرتغال بركلات الترجيح 4-2 في نصف النهائي. ومن جانبه كان راموس على مستوى الحدث في غياب بويول، وقدّم أداء لا غبار عليه في مهمته الدفاعية ومساندته للهجوم، ولم تهتزّ شباك الارمادا الاسبانية من خلال دوره الكبير وبمؤازرة الحارس الامين ايكر كاسياس سوى مرتين في المباريات الرسمية منذ مطلع حزيران الماضي.بدوره، جسّد خوردي البا (23 عاما) مستقبل المنتخب الاسباني بعد ان استدعي لأوّل مرة في ايلول 2011، وقد استطاع المدافع الايسر فرض نفسه في زمن قياسي كأساسيّ لا يمكن الاستغناء عنه في التشكيلة، وجعل الجميع ينسون بالكامل سَلفه خوان كابديفيلا. وبهذا الخليط من الدماء الشابّة والمخضرمين، تتجه اسبانيا الى الدفاع عن اللقب العالمي في مونديال البرازيل 2014، حيث ستتوّج نفسها من دون شك اعظم منتخب في الازمنة كلها، اذا ما نجحت في إحراز اللقب الرابع على التوالي.وهذا الحلم الاسباني لا يبدو صعب التحقيق، لكن على رجال دل بوسكي ان يقاتلوا بكلّ قوة في التصفيات المؤهلة الى البرازيل، خصوصاً انّ فرنسا ومدربها ديدييه ديشان، قائد المنتخب الفائز بكأس العالم 1998، يقفان لهم بالمرصاد، علماً أنّ المنتخبين يتصدران المجموعة التاسعة (7 نقاط من 3 مباريات لكلّ منهما). ولا يزال الطريق الى البرازيل طويلاً وشائكاً ومليئاً بالمطبّات، حتى بالنسبة الى افضل منتخب في العالم.