الرباط – رضوان مبشور
قال الأمين العام لحزب "الاستقلال" المغربي حميد شباط، إن حزبه لن يتراجع عن قرار الانسحاب من الحكومة التي يرأسها حزب "العدالة والتنمية"، مؤكدا أن "القرار هو القرار، ونحاول تمريره بالإقناع ووسائل النقاش"، مشيرا إلى أنه يريد عن طريق هذا الإجراء "خدمة المصلحة العليا للوطن"، نافيا في الوقت ذاته الاتهامات الموجهة إليه بعرقلة العمل الحكومي، مبررا ذلك بقوله "أعطونا ملفا واحدا أتت به الحكومة وعرقله الحزب" وأكد شباط، في مقابلة خاصة مع "العرب اليوم"، أن حزبه "مستعد للتصويت بالإيجاب على أي قرار إصلاحي تأتي به الحكومة ولو انضم الحزب للمعارضة". وأشار شباط إلى أن حزبه ينتظر فقط القرار الذي سيتخذه العاهل المغربي الملك محمد السادس بصفته رئيسا للدولة، مؤكدا أنه سيواصل الضغط على رئاسة الحكومة والاستمرار في إشهار ورقة الانسحاب على الرغم من الاستقبال الملكي الذي حظي به من طرف الملك في وجدة، مشيرا أن حزبه "صار اليوم عاجزا عن تنفيذ برنامجه، ووجودنا داخل الحكومة صار عبئا علينا، حيث لم نقدم للشعب ولا مطلباً واحداً مما كنا ننادي به سواء في مجال التشغيل أو السكن أو الصحة أو التعليم". وبخصوص الحوار الذي دار بينه وبين الملك حين استقباله في وجدة، أكد شباط أن "النقاش دار بشأن الأسباب التي جعلت الحزب يتخذ قرار الانسحاب، واعتبره موضوعي ومنتظر في ظل الخلاف الحاد الدائر بين مكونات الائتلاف الحاكم، معتبرا لجوءه إلى التحكيم الملكي صائبا، وقال إن "الملك هو رئيس الدولة والفصل 42 من الدستور يعطي الحق لرئيس الدولة في الحفاظ على السير العادي للمؤسسات الدستورية"، مؤكدا أنه "مادامت الحكومة مؤسسة دستورية فإن اللجوء إلى التحكيم الملكي ديمقراطي ودستوري محض". وبالرجوع إلى أسباب الانسحاب، قال شباط إن "المشكلة توجد في رئاسة الحكومة وليس الحكومة كلها"، مؤكدا أنها "تتجاهل الاقتراحات التي تقدم بها حزب (الاستقلال) للخروج من الأزمة"، مؤكدا أن حزبه "عرض على رئيس الحكومة المشكلة من خلال العرض الذي قدمه وزير الاقتصاد والمال نزار بركة داخل اجتماع الأغلبية، كما أن اللجنة المركزية للحزب قدمت مقترحات للخروج من الأزمة بسرعة، على المدى القريب والمتوسط والبعيد، إلا أن هذه المقترحات لم تلق آذانا صاغية من طرف مؤسسة رئاسة الحكومة". وأشار إلى أن "الحكومة تزيد من تعميق الأزمة، وربما هذه مسألة مقصودة، لأن المغرب دولة سائرة في طريق النمو بمعنى أننا نعيش الأزمة أصلا، فكان من المفترض الاستفادة من الأزمة التي تعرفها منطقة اليورو، من خلال دعم الاستثمار وفتح باب البلاد وجعلها مستنبتا للمؤسسات الخاصة والحوار الاجتماعي مع الفرقاء، لضمان 5 أعوام من السلم الاجتماعي"، مشددا على أن "المغرب قادر على استيعاب استثمارات كبيرة جدا لأن المجال مفتوح للاستثمار الأجنبي والمحلي"، مضيفا أن "ما نلاحظه اليوم هو أن الحكومة سائرة في توقيف عجلة الاستثمار، من خلال وقف تنفيذ 15 مليار درهم (1.9 مليار دولار) من ميزانية الاستثمار". ولفت شباط أن "الحكومة رحلت 21 مليار درهم من موازنة 2012 إلى موازنة 2013، لأنها لم تشتغل خلال عام 2013، ولذلك قررت ترحيل 15 مليار درهم إلى موازنة 2014، وهذا القرار وراؤه أهداف انتخابية، لأنه لما تقرر ترحيل 21 مليار درهم إلى موازنة 2013 كان الحزب الحاكم يعتقد أن الانتخابات المحلية ستجري خلال عام 2013"، وأضاف أنه "مادامت القوانين التنظيمية للانتخابات غير جاهزة، فإن الانتخابات ستجري بحكم المنطق عام 2015، لذلك تم ترحيل هذه الاعتمادات إلى عام 2014، لتضاف إلى موازنة 2014، وسيكون هناك نوع من العمل قبل الانتخابات، لكي يربح الحزب الحاكم الانتخابات"، مشيرا إلى أنه رافض للانخراط في هذا المسلسل وعبّر عن ذلك صراحة. وأكد شباط أن خصومه يتهمونه بعرقلة العمل الحكومي، وقال "أتحداهم أن يكشفوا عن مشروع واحد عرقله الحزب، أو اتخذ موقفا من مشروع قررته الحكومة لصالح الشعب المغربي"، واسترسل قائلا "عندما واجهنا محاولة الزيادة في الأسعار وقلنا هذا خط أحمر، قلنا ذلك لصالح الشعب، ولما رفضنا الزيادة في الضرائب على الطبقة الوسطى، قلنا ذلك صراحة، وحذرنا من تقلص الاستهلاك في المغرب، وتراجع التنمية والحركة الاقتصادية، لكن الحكومة قامت بالرفع من الضرائب، وفرضت ضريبة حتى على الإرث، واليوم الحكومة تفكر بجدية في الزيادة في الأسعار، بمبرر ارتفاع أسعار البترول، ورئيس الحكومة ناقش في إحدى اجتماعات الأغلبية إمكانية الزيادة في الأسعار، غير أننا رفضنا ذلك وخرجنا لنقولها بشكل علني". وتابع قائلا "القيادة الجديدة للحزب جاءت بمفهوم جديد لممارسة السياسة، وبضرورة اتخاذ القرارات داخل الأغلبية، لكن اليوم كل وزير يعمل على هواه، فنحن نطلب من بنكيران أن يطبق برنامج حزبه فقط، الذي يتضمن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم و رفع معدل النمو إلى 7 في المائة"، مؤكدا أن حزبه "كان يسانده ويصوت على قراراته رغم أننا نعرف أنها خاطئة وتسير في الاتجاه المعاكس"، مشددا على أنه "لا يمكننا الاستمرار في هذا الوضع، بعدما وصلنا إلى 7 في المائة من العجز في الموازنة، و 3 في المائة كنسبة للنمو"، مشيرا أن "هذه الحكومة لا تؤمن بالتشارك ولا تشرك أحدا في اتخاذ القرارات، ورئيس الحكومة يحذف ويرفض مقترحات الوزراء الاستقلاليين، لذلك أصبح من الصعب التعامل مع عقلية رئيس الحكومة، لأننا كنا نريد إنجاح التجربة، ولكن ليس على حساب الشعب المغربي، فلا نقبل أن يكون الشعب ضحية للتدابير الحكومية، ونحن مشاركون في الحكومة، فليس في مخططنا تأزيم الأزمة، بل نوفر مقترحات للخروج منها، واقترحنا هيئة وزارية بين الوزارات، والقطاعات الإنتاجية كلها تكون مجتمعة". وذكر شباط أن "الحكومة الحالية تحمل شعارات التخليق، وحكومة إسلامية مائة في المائة ومبنية على الشريعة الإسلامية، وتقبل في داخلها وزراء سكارى داخل البرلمان وداخل الحكومة والاجتماعات الرسمية يحضر وزراء في حالة سكر، وهذا غير معقول"، وتساءل عن هوية الحكومة بالقول، هل هي حكومة إسلام تقدمي؟ أم هي حكومة إسلام شيوعي؟ وبخصوص خلافه مع حزبي "العدالة والتنمية" و "التقدم والاشتراكية" في المطالب الداعية إلى استرجاع الصحراء الشرقية من الجزائر، باعتبارها أراضي مغربية سابقا، قال إن "الأمين العام لحزب (التقدم والاشتراكية) محمد نبيل بنعبد الله (سماه بالناطق الرسمي باسم العدالة والتنمية) أكد أن الأراضي التي تم احتلالها منذ قرون لا فائدة من المطالبة باسترجاعها، بداعي أن المغرب أصبح أمام الأمر الواقع"، معتبرا هذا التصريح "انهزامي وانبطاحي ومستفز لمشاعر المغاربة". وأشار في السياق ذاته إلى أن "الجميع يعرف أن أرض (تندوف) هي أرض مغربية، ظلت إلى حدود عام 1952 تابعة لعمالة أغادير، وكذلك (بشار) و (القنادسة)، هي أراض مغربية محضة، والحدود الرسمية إلى الآن غير موجودة لأن البرلمان المغربي لم يصادق على ترسيم الحدود، ولذلك هي مسؤولية الأحزاب السياسية كافة، والبرلمان عليه أن يتحمل المسؤولية"، مضيفا "للأسف الحكومة متخاذلة في هذا المجال، علما أن الجزائر تستعمل بشكل يومي أموال الشعب الجزائري للتكالب على المغرب من خلال دعم جبهة (البوليساريو) الداعية إلى الانفصال عن المغرب وزعزعة استقراره، والمغرب يعمل مع الجزائر كأنه ضعيف وليس صاحب حق"، مؤكدا أن " انفصاليي(البوليساريو) هم أبناء المغرب ويسكنون أراض مغربية يجب أن يسترجعها المغرب، وبذلك تحل المشاكل جميعها".