بغداد- نجلاء الطائي
استبعد الخبير السياسي أسامة السعيدي الأحد 17 تموز/ يوليو الجاري إمكانية نجاح الأحزاب والكتل السياسية التي كتبت الدستور في إصلاحه، مشيرا إلى أن الدستور الحالي جامد وعلينا تشكيل لجنة مختصة بعيدة عن التحزب لتقييمه وتقديم رؤيتهم لخطوات الإصلاح له.
وقال أستاذ القانون الدولي الدكتور السعيدي لـ"العرب اليوم" إن "الكتل السياسية وقادتها غالبا شاركوا في كتابة الدستور وكانوا أعضاء في لجنة كتابة الدستور، وهم الذين وضعوا مواده وفقراته؛ بالتالي فمن الصعب أن يجدوا فيه أشياء معيبة أو غير صحيحة لأنها في الأصل وضعت بناء على رؤيتهم للمشهد العراقي". مضيفا أن "القيام بالإصلاح يجب أن يبدأ من المواطن الذي عانى تبعات الدستور الجامد الذي وضعه السياسيون"، مشيرا إلى "ضرورة تحديد مواطن الخلل في الدستور من خلال خبراء مختصين بالأمور الشكلية والفنية والتطبيقية ونواقص الدستور بعيدا عن عناوين عامة يطلقها السياسيون".
وتابع أن "ما حدث في مجلس النواب من حالة شقاق وشلل خلال الفترة الماضية سيجعل الجبوري يذهب إلى مرحلة ثانية انتقالية نوعية بغية إعادة الهيبة إلى البرلمان". مشيرا إلى أن "تحديد موعد استجواب 3 وزراء وقبول طلب النائب هيثم الجبوري شكليا باستجواب رئيس الوزراء بانتظار استكمال الكتب الرسمية التي تدعم الاستجواب وفتح الملفات التي كانت مركونة لسنين طويلة- هي دليل واضح على رغبة رئاسة البرلمان النهوض بدور البرلمان الرقابي". موضحا أن "الجميع أصبح على قناعة بأن رئيس الوزراء حيدر العبادي أضاع فرصة كبيرة لتحقيق غالبية سياسية وبناء دولة قوية، ولا يزال التفرد السابق وإدارة الوزارات والمؤسسات الأمنية بالوكالة مستمرا؛ بالتالي فإن تقوية البرلمان بصفته سلطة رقابية تحاسب السلطة التنفيذية أصبح ضرورة خلال المرحلة، وهو مطلب جماهيري وسياسي".
وبخصوص تغيير شكل النظام في العراق، أكد الخبير السياسي أن " مسألة تغيير شكل النظام نقطة جوهرية وحساسة وتحتاج إجماعا سياسيا واستقرارا أمنيا حتى يتم الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي ". مكملا أن " النظام الرئاسي يحوي خصائص عدة تميزه عن النظام البرلماني من ناحية صلاحيات الرئيس في العمل الإداري والتنفيذي التي تكون أوسع وأشمل، وكذلك سرعة في تمرير القوانين دون الرجوع إلى البرلمان ". لافتا إلى أنه " لا يمكن تطبيق النظام الرئاسي الآن لسببين الأول الوضع الأمني غير المستقر في البلاد وفي حالات الحروب، وعدم الاستقرار الأمني لا يمكِّن الرئيس من اتخاذ قرارات مصيرية كأن يكون انسلاخ إقليم أو حق تقرير المصير أو تغيير شكل النظام السياسي " . والسبب الآخر هو التنوع الديموغرافي وتعدد القوميات والمذاهب والأعراق التي ستكون حاجزا ضد تطبيق النظام الرئاسي على أرض الواقع الذي سينشئ الخلافات حول شخصية الرئيس وانتمائه السياسي وأصوله المكوناتية والطائفية" و"وفق هذه المعطيات فإن النظام الرئاسي أفضل لكن لا يمكن تطبيقه في العراق ".
ويرى الخبير السياسي "أنه رغم خروج الشعب إلى التظاهرات الجمعة الماضية بالآلاف من المواطنين للمطالبة بعملية الإصلاح السياسي والاقتصادي، فإن اختلاف القوى السياسية وتعارضها وعدم اتفاقها على طريق واضح ومشترك في إصلاح الواقع السياسي والاقتصادي للدولة قد يتسبب في سيناريوهات عدة، وقد تكون الآثار المترتبة على بعض السيناريوهات خطيرة للغاية، ولربما تحافظ هذه السيناريوهات على شكل العملية السياسية التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية بعد عام 2003، كقاسم مشترك، لكنها قد ترسم ملامح سياسية أخرى لشكل الدولة العراقية."
وأكد أن " سيناريو استمرار الوضع الحالي قد يكون حاضرًا في الوسط السياسي؛ وهذا يعني بقاء الوضع على ما هو عليه وضرب الأصوات المطالبة بالإصلاح الشامل، والاقتصار على إصلاحات شكلية وحلول ترقيعيه، والإبقاء على سلطة المنظومة الحزبية نفسها، والمحافظة على الموروث السياسي الذي زرعه الحاكم المدني "بول بريمر" المتمثل في المحاصصة الطائفية والحزبية والقومية. مبينا أن سيناريو الإصلاح ينقسم إلى شكلين وفقًا لعملية الإصلاح، منها إصلاح شكلي مع بقاء القوى السياسية الحالية (وهذا ما تريده غالبية القوى السياسية)، ويمكن أن نطلق عليه "سيناريو إصلاح القوى السياسية نفسها"، وهذا سيصطدم بإرادة الشعب والمرجعية الدينية العليا في العراق, وربما يكون التيار الصدري بزعيمه وقاعدته الجماهيرية الواسعة هو الذي يقود هذه الإرادة الجماهيرية ضد عملية الإصلاح هذه، الذي طالب بإصلاح حقيقي من خارج المنظمة الحزبية (حكومة تكنوقراط بعيدة عن الأحزاب السياسية).
وبيَّن السعيدي أن " سيناريو التقسيم هو السيناريو الذي قد يكون مطروحًا بقوة في هذه المدة، وربما سيكون نتيجة طبيعية لفشل عملية الإصلاح وعدم الاتفاق السياسي بين الفرقاء السياسيين؛ بسبب التقاطعات الطائفية والحزبية والقومية بين القوى السياسية، فالكتل الكردستانية متمسكة باستحقاقها الحكومي وفقًا لنسبها في البرلمان التي تشترط نسبة تمثيل حكومي يوازي حجمها في البرلمان المتمثل بنسبة 20% من الكابينة الوزارية الجديدة. "