واشنطن - تونس اليوم
كشف المبعوث الأميركي إلى سورية المستقيل جيمس جيفري أنه وزملاءه أخفوا عن الرئيس دونالد ترمب العدد الحقيقي للقوات الأميركية الموجودة في شمال شرقي سورية.ونقل موقع «ديفنز ون» عن جيفري قوله: «دائما ما كنا نتحايل ونراوغ لئلا نكشف لقياداتنا عن حقيقة عدد القوات التي نملكها هناك في أرض الواقع»، وأضاف جيفري أن العدد الفعلي للقوات العسكرية الأميركية في شمال شرقي سورية هو «أكثر بكثير» من مائتي جندي الذين وافق الرئيس دونالد ترامب على بقائهم في سوريا في عام 2019.
وكان ترمب أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي الانسحاب الجزئي من شرق الفرات، الأمر الذي فتح الباب لتركيا لشن عملية عسكرية بالتعاون مع فصائل سورية معارضة لتأسيس منطقة «نبع السلام» بين تل أبيض ورأس العين. وكانت تلك المرة الثانية التي يقول ترامب إنه يريد الانسحاب من سوريا.
وفي عام 2018، ثم مرة أخرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019، عندما شرعت إدارة الرئيس ترمب في تكرار أمر انسحاب القوات الأميركية، أعلن الرئيس ترمب نجاحه الساحق في هزيمة «داعش» بيد أنه وفي كل مرة، كان الرئيس على قناعة حقيقية بضرورة ترك قوة عسكرية أميركية متبقية في الداخل السوري سيما مع استمرار أعمال العنف والقتال.
وبالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الخطوة الأكثر إثارة للجدل على مدار خدمته الطويلة في الحكومة الأميركية والتي بلغت نحو خمسين عاما حتى الآن. إذ أسفر ذلك القرار، الذي اتخذ للمرة الأولى في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018، عن استقالة وزير الدفاع الأميركي الأسبق جيم ماتيس من منصبه. ثم دفع جيفري – وكان يشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص بالرئيس دونالد ترمب إلى سورية وقتذاك – إلى شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص بالحرب على تنظيم «داعش»، سيما عندما أدى قرار ترامب إلى استقالة بريت ماكغورك المبعوث الخاص الأسبق إلى سوريا قبل جيفري.
بالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الحادثة أقل خطورة بكثير مما أشيع عنها – غير أنها تعد في نهاية المطاف قصة من قصص النجاح المعتبرة التي انتهت بمواصلة انتشار وعمل القوات الأميركية في داخل سوريا، الأمر الذي حرم روسيا وسورية من المكاسب الإقليمية المحققة حتى ذلك التاريخ، فضلا عن الحيلولة دون معاودة شراذم تنظيم «داعش» ترتيب الصفوف وإعادة التنظيم إلى سابق عهده.
وقال جيفري: «أي انسحاب سوري تتحدثون عنه؟ لم يكن هناك انسحاب للقوات من سوريا على الإطلاق. بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الأوضاع في شمال شرقي البلاد إلى درجة ما بعد هزيمة تنظيم داعش، كان الرئيس ترمب ميالا إلى سحب القوات. وفي كل حالة، كنا نضطر إلى طرح خمس حجج مقنعة على الأقل لتبرير أسباب الحاجة إلى بقاء القوات الأميركية في أماكنها هناك. ولقد نجحنا كل مرة في تحقيق ذلك. هذه هي القصة الحقيقية».
من الناحية الرسمية، وافق الرئيس ترمب خلال العام الماضي على بقاء قوة عسكرية مقدرة بحوالي 200 جندي أميركي متمركزين في مواقعهم بشمال شرقي سوريا من أجل العمل على تأمين حقول النفط التي تسيطر عليها القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية في حربها ضد تنظيم «داعش». بيد أنه من المقبول بصفة عامة أن العدد الفعلي للقوات الأميركية المتواجدة في سورية هو أكبر من الرقم المذكور بكثير – وصرح بعض المسؤولين مجهولي الهوية بأن تعداد القوات الأميركية هناك يقترب من 900 جندي حتى الآن – غير أن الرقم الحقيقي هو سري للغاية وما يزال غير معروف على ما يبدو لحفنة معتبرة من أعضاء إدارة الرئيس ترمب من الحريصين للغاية على وضع حد نهائي لما يسمى بـ«الحروب الأميركية اللانهائية».
يعتقد جيفري أن الرئيس ترامب قد نجح في إيجاد شكل من أشكال «الجمود» السياسي والعسكري في عدد من النزاعات الهادئة والمشتعلة المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أسفر عن وضع كان هو أفضل ما يمكن لأي إدارة أميركية أن تأمل في تحقيقه في خضم تلك المنطقة المتسمة بالتقلبات الشديدة والفوضى المستمرة.
هذا، وتحافظ القوات العسكرية الأميركية على حالة من الاستقرار الهش في أغلب أنحاء سوريا. ويقول جيفري: «إن فرض حالة الجمود، وعرقلة التقدم في بعض الأحيان، مع الاحتواء قدر الإمكان في أحيان أخرى ليست بالأمر السيئ البتة». وردا على سؤال بشأن الكيفية التي سيقدم بها المشورة إلى إدارة الرئيس بايدن عندما تتولى مقاليد الأمور، قال جيفري إنه سيحث الرئيس المنتخب بايدن على مواصلة المسار الذي اعتمده فريق الرئيس ترمب من قبله. وهناك بعض الأمور التي سيرغب فريق بايدن في التراجع عنها فورا «لكن فوق كل شيء، ينبغي ألا تحاول الإدارة الجديدة العمل على «تحويل» الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. ولا تبذل الجهد في وهم تحويل سوريا إلى الدنمارك. الجمود الراهن يساوي الاستقرار في تلك القضية الشائكة».
قد يهمك ايضاً
مكتب البرلمان يؤكد عقد 3 جلسات عامة خلال شهر أكتوبر