تونس ـ حياة الغانمي
اتهم الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها يوسف الشاهد بالسير نحو تنظيم انتخابات بلدية غير حرة وغير نزيهة. وقال زهير المغزواي أن الحركة الجزئية في سلك الولاة التي أجراها رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد تم خلالها الرجوع إلى مدرسة التجمع الدستوري الديمقراطي
وأوضح زهير في حوار لـ"العرب اليوم"، أن هذه الحركة ارتكزت على ترضية قيادات حركة نداء تونس لا على الكفاءة، مشددًا على أن تعيين الولاة مسألة هامة في تنظيم الانتخابات البلدية منبها يوسف الشاهد إلى المسؤولية الكبرى التي يتحملها في إجراء الانتخابات البلدية القادمة وفي تحييد الإدارات العمومية.
وأضاف المغزاوي أن هناك تداخلًا بين النشاط الحكومي وبين الأزمة التي تمر بها حركة نداء تونس؛ وفي السياق ذاته أفاد بأن لديه علم أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد ينوي إجراء لقاء مع الأحزاب السياسية المعارضة معربا عن استعداد حزبه للقاء الشاهد لتقديم مقترحات ونقد أداء الحكومة. أما في خصوص تقييمه لمشاركة حركة الشعب في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أجاب المغزاوي أنه لم يندم على المشاركة في هذه المشاورات لكن قرر الانسحاب منها إثر انحرافها محملا الباجي قائد السبسي مسؤولية انحراف مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية عن مسارها.
قال المغزاوي تعليقًا على الأحداث التطرفية التي طالت تونس وتفاقمت خلال الفترة الاخيرة، أن لحركة الشعب قراءة أكثر شمولية لظاهرة التطرف، فهي ظاهرة تقوم حسب تقديرهم على بُعديْن :بُعْد عقائدي يقوم على فهم مغلوط لجوهر العقيدة الإسلاميّة يعود أساسًا إلى اجتهادات أبو الأعلى المودودي وسيّد قطب التي تتأسس على التمييز بين دار الإسلام ودار الكفر، دار السلم ودار الحرب، أي أن من ليس معنا هو كافر بالضرورة يجوز إقامة الحد عليه. وبعد سياسي قوامه تنفيذ استراتيجيات استعمارية معادية للأمّة تستهدف نسيجها الاجتماعي ودورها الحضاري خاصة وهي تشهد الآن حالة اندفاع ومقاومة.
وكشف أنه بتقاطع هذين البعدين يتوفّر المناخ الملائم لتنفيذ الجرائم التطرفية وهو ما يتجلّى بوضوح في سوريا والعراق وليبيا على سبيل المثال. أمّا في ما يتعلّق بما حدث أخيرًا في تونس فهناك قراءة وحيدة ممكنة للعمليات التطرفية القديمة والجديدة. هي جرائم بأتم معنى الكلمة، هي عدوان غير مبرّر على أمن الوطن و المواطنين، هي تعبير عن افلاس سياسي وعقائدي وهي في النهاية، خطر محدق لا يجوز التساهل معه. إضافة وقال محدثنا انهم يعتقدون أن حدوث الجريمة الأخيرة في القصرين بالذات هو ضوء أحمر ينبّهنا إلى أن التطرف لا ينتعش إلا إذا وجد بيئة ملائمة يغذّيها التهميش والإقصاء و غياب مخطّطات التنمية العادلة .
وأكد زهير أن حدوث هذه الجريمة في القصرين، رغم ما فيها من بشاعة، هو مؤشّر على أن الخناق بدأ يضيق على التطرفيين وبدأوا يبحثون عن أماكن معزولة و ظروف مفاجئة لتنفيذ مخطّطاتهم الإجراميّة خاصّة بعد النجاح النسبي للعمليّات الأمنيّة الأخيرة وهو ما يقتضي منّا تقديم تحيّة إكبار للجهود التي بذلتها المؤسستان الأمنيّة والعسكرية وما قدّمتاه من شهداء وتضحيات.
وأشار زهير المغزاوي إلى أن من نفّذوا جريمة بلاريجيا كانوا يرتدون ملابس وحدات أمنيّة رسميّة وكانت لديهم جداول دقيقة حول حركة الدوريّات الأمنيّة و مواقع انتشارها، لذلك دعا إلى مراجعة جريئة وصارمة لكلّ المنظومة الأمنيّة سواء من جهة السلامة المعلوماتيّة أو من جهة جودة التسليح ووفرة التجهيزات والجاهزيّة العمليّاتيّة. مع التأكيد على أن النجاعة في التصدّي للتطرف تقتضي عدم الاقتصار على المقاربة الأمنيّة الخالصة وإدراجها ضمن معالجة شاملة تنموية، ثقافيّة، دينيّة، تربويّة ... ويكون ذلك حسب رايه من خلال تشكيل مجلس أعلى للأمن والتنمية يتولّى تفعيل هذه المعالجة الشمولية.
وأضاف المغزاوي أن هناك أطرافًا سياسيّة قد تستفيد وقد تُحقِّق مكاسب من وراء تفشّي ظاهرة التطرف سواء كانت هذه الأطراف ضالعة في العمليّات التطرفيّة أو كانت تلعب دور الضحيّة المحتملة. كما أن هناك أطراف سياسيّة على حد قوله تمارس ضربا من الابتزاز العاطفي على الرأي العام و تستثمر خوف الناس الفطري من العنف و تقدّم نفسها على أنّها هي الضامنة للقضاء على التطرف. أخشى أن تكون هذه هي الأجندا الانتخابيّة لبعض الفاعلين السياسيّين. واكد انهم في حركة الشعب بقدر ما يؤكّدون على خطورة التهديدات التطرفية فإنهم يحذّرون من مغبّة الدخول تحت سقف مقايضة حرّية المواطنين بأمنهم.
واستطرد متحدثنا عن أن هناك دائمًا أطراف مستفيدة من الجرائم المنظّمة، وقد تكون هذه الأطراف بعيدة تماما عن الخلفيّات الفكريّة والعقائديّة لمنفّذي هذه الجرائم. فهناك من يبيّض التطرف لأنّه يجني من ورائه مكاسب ماليّة على غرار تجّار التهريب و سماسرة السلاح، لكنّ الأخطر هو من يبيّض التطرف عبر المتاجرة بالدين واضفاء طابع رسالي جهادي على هذه الأفعال يصل درجة وصف القائمين بها بالأبطال والشهداء. هذا الصنف الثاني من المبيّضين يشترك مع الصنف الأوّل في جني المكاسب الماليّة وهو ما أدركه الجميع عندما انكشفت شبكات تسفير التطرفيين عبر ليبيا وتركيا إلى سوريا نظير عمولات ضخمة يستحوذ عليها الوسطاء الذين يلبسون جبّة الفقه والإفتاء والدعوة. وأشار إلى أن الأسوأ من كلّ هؤلاء أولئك الذين يدافعون عن التطرفيين طمعا في جني عدد من الأصوات في الاستحقاقات الانتخابيّة البلدية.
واعتبر هؤلاء جميعًا هم الرعاة الحقيقيون للتطرف وهم الذين يجب أن تتجه إليهم أصابع الإدانة ويسلّط عليهم سيف العقاب العادل؛ وعن قراءته للتحالفات في المشهد السياسي اجاب أن المهم بالنسبة اليه هو أن العوامل التي حكمت التحالفات السابقة لم تعد قائمة الآن على غرار فكرة «المُضَادَدَة» "ضد النهضة والترويكا" ليحلّ محلّها عامل جديد هو ترجيح خيارات معينة. وقال انهم في حركة الشعب لديهم معيارهم الخاص لتحديد موقعهم من المشهد السياسي وهو المشروع الوطني الشعبي بأركانه الأربعة: العدالة الاجتماعيّة، الديمقراطية التشاركيّة، استقلالية القرار الوطني، الهويّة العربيّة الإسلامية.
وفيما يتعلق بما ينتظره من حكومة يوسف الشاهد، قال إن الشاهد ومن معه لا يملكون عصا سحريّة لذلك فانتظاراتهم منهم محدودة والكفاءة الأكاديميّة والنجاح في إدارة شركة لا يعني بالضرورة النجاح في إدارة دولة شهدت ثورة لا تزال دماء شهدائها تنتظر القصاص ولا تزال أهدافها الكبرى لم تتحقق..
وفيما يتعلق بعلاقتهم بالجبهة الشعبيّة قال إن أغلب مكونات الجبهة الشعبيّة شركاء معهم في المعارك التي خاضوها ضد نظام الفساد والاستبداد في المجالين الحقوقي والاجتماعي.