الخرطوم - محمد إبراهيم
أكد القيادي في حركة العدل والمساواة "العائد من الأسر" الأسبوع الماضي، الطيب خميس، أن متمردي الحركات السودانية الدارفورية المسلحة في دولة الجنوب أصبحوا هدفا للميليشيات الجنوبية، وقال إنها أصبحت تستهدفهم أكثر من القوات الحكومية السودانية بسبب الفظائع التي ارتكبوها ضد المواطنين في المعارك التي شاركوا فيها إلى جانب قوات سلفاكير ضد غريمه مشار ولاية الوحدة وأعالي النيل في الجنوب.
وكشف خميس في مقابلة مع "العرب اليوم"، أن حركته المنشق عنها "العدل والمساواة" فقدت قدرتها القتالية بعد هزيمتها في معركة "قوز دنقو" ضد الجيش السوداني، وأشار إلى أن حركته أصبحت حاليا غير مرغوب فيها من قبل السلطات في الجنوب، فضلا عن أنها تعيش صراعات داخلية بين قادتها الكبار ورئيسها بسبب طريقة إدارته للحركة، ووصف خميس تحالف الجبهة الثورية بأنه أصبح اسما بلا مضمون، وقال إنه لا يوجد أي تنسيق بين مكوناته بسبب الخلافات التي ضربته من جهة، وفقدان الحركات الدارفورية مقدراتها القتالية في الجنوب من جهة أخرى.
أما بشأن الأوضاع في دولة الجنوب، فقال إن حكومة جوبا ترفض التعامل مع المنظمات الدولية خوفا من افتضاح علاقتها بالحركات وجرائمها، وأضاف "بعد انشقاقنا من الحركة مباشرة بدلا من العودة إلى الخرطوم ذهبنا إلى أنجمينا ومنها إلى أبشي الحدودية بغرض التواصل مع قواعدنا في الميدان ومعسكرات اللجوء والنزوح لتنويرهم وشرح بنود الاتفاق الذي وقعناه مع الحكومة".
وتحدث خميس عن الكيفية التي تم بها أسرهم من قبل قوات جبريل عقب توقيعهم اتفاق سلام مع الحكومة، وأوضح أنهم تحركوا من مدينة أبشي التشادية في يوم (11/5/ 2013) بعد أن قضوا بها 13 يوما، ومن ثمّ اتجهوا إلى الميدان للقاء قواتهم، وتابع "في اليوم التالي وتحديدا عند منتصف النهار وصلنا إلى منطقة بامينا في الحدود التشادية السودانية وفوجئنا بهجوم من قوات جبريل بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وكنا عزلا من السلاح إلا من البنادق الخفيفة".
وأوضح أن تركيز الهجمات كان على العربات التي تُقل القيادات وأكد أنهم فقدوا مجموعة من الرفاق عددهم 11 شخصا منهم رئيس الحركة المُنشقة محمد بشر ونائبه أركو سليمان ضحية، وأضاف "وقعنا نحن 18 شخصا في الأسر"، وأشار إلى أنه عقب هذا الهجوم تم نقلهم إلى منطقة "الدار" في جبال النوبة جنوبي السودان والتي يوجد بها معسكر للحركة بالقرب من محلية "البرام"، وتشكيل محكمة عسكرية صورية لهم قال إنها حكمت عليهم جميعا بالإعدام، ويواصل خميس "بعد عام تم نقلنا إلى منطقة "فارينق" بعد تجدد الصراع في الجنوب"، وأوضح أن حركة العدل والمساواة التي انشقوا عنها ويقعون تحت أسرها انحازت في صراع الدولة الوليدة إلى جانب القوات الحكومية تحت إمرة الرئيس سلفاكير وأكد أنه وجه بفتح المنافذ والسماح لها بدخول الجنوب.
وأضاف خميس أنه بعد عودة المتمردين السودانيين من معارك الجنوب ضد مشار تحركوا إلى منطقة خور شمام بالقرب من راجا في الجنوب وقضوا فيها عاما كاملا بعدها انتقلوا إلى منطقة ديم جلاب، ثم "وكتا"، في منطقة اسمها "كور" بالقرب من ديم زبير في دولة الجنوب وأيضا أكملوا بها فترة تقارب العام استكان خلالها جنود التمرد ولم تكن لهم أي مشاركة في القتال الدائر في الجنوب، ما أدى إلى انخفاض الروح المعنوية للقادة والجنود وأصبح كل عملهم لعب (الكتشينة) ومعاقرة الخمر، وأوضح أنه بلا مقدمات في يوم (16/5/ 2016) منتصف النهار والجميع في غفلة جاءت قوة تتبع لقوات مشار "زعيم المتمردين في الجنوب" وهاجمت المعسكر من كل الاتجاهات بالأسلحة الثقيلة، وهرب جميع من فيه بأرجلهم وتركوا كل عتادهم من عربات وأسلحة استولت عليها القوة المهاجمة، وأضاف خميس هربنا معهم وكنا نجري بصعوبة لأننا مقيدون، وكنا نلح عليهم فك قيودنا لكنهم رفضوا وقالوا إلا بتعليمات ولا أحد ينتظر معنا والجميع في حالة هروب من المعسكر، ونحن على هذه الحال مر بجوارنا رئيس هئية أركان الحركة فطلبنا منه أن يوجه بفك القيود من أرجلنا، ووجه مدير السجن وأحد الحراس بفك القيد لكنهم رفضوا وواصلوا في الهروب لأن القوة الهاجمة كانت تطاردهم، وزاد خميس "ظللنا نجري بقيودنا مرة ونختبئ أخرى حتى المغرب، حيث وصلنا منطقة لا نعرفها وعندها قبل الذين يأسرونا بكسر قيد رجل واحدة وأثناء كسر القيود جاءت القوة المهاجمة وضربتهم مرة أخرى وتشتتوا في الغابة ووقتها كان الظلام قد حل وكل مجموعة سلكت طريقا وواصلنا سيرنا والقيد في رجل واحدة حتى وصلنا حامية الجيش الشعبي في منطقة ديم زبير، واحتمينا بها ورجعت القوة المهاجة، وكانت هذه أصعب لحظات عشناها بين الحياة والموت الذي كنا ننتظره في السجن ونحن محكوم علينا بالإعدام".
أما بشأن إطلاق سراحهم، أوضح أن العملية واجهت تعقيدات كبيرة لأن الحركة كانت أمام خيارين، إما تسليمنا للصليب الأحمر أو باعتبارنا أسرى حرب أو تسلمنا للإدراة الأهلية، لكن قيادات الحركة فشلت في تسليمنا بأحد الخيارين، ونحن ظللنا ننتظر اكتمال إجراءات إطلاق سراحنا ثلاثة أسابيع لأنه لا توجد بعثة للصليب في أويل، بعدها جاء فريق من الصليب الأحمر قادم من جوبا والتقينا به وبدأ في عمل إجراءات استلامنا، لكن اسختبارات دولة الجنوب في أويل اعترضت على هذا الإجراء، وقامت بتوقيف تيم الصليب، وبدأت تحقيقا معه في الكيفية التي دخلت بها للمنطقة، رغم أنها تحمل تصريحا من وزارة الخارجية في جوبا لزيارة المنطقة.
لمشكلة أن حركة العدل لم تخطر السلطات في أويل بأن لديها أسرى يتحركون معهم، بجانب أن وزارة الخارجية لم تخطر حكومة أويل بزيارة تيم الصليب الأحمر للمنطقة، من هنا جاءت التعقيدات لأن عملية إطلاق سراحنا عبر الصليب الأحمر غير مسموح بها من قبل حكومة الجنوب التي لديها مخاوف من التعامل مع المنظمات، خاصة أنها كانت تنفي وجودنا كأسرى شماليين في الجنوب طيلة الفترة الماضية وسماحها بإطلاق سراحنا عبر الصليب يعني اعترافها بوجودنا كأسرى لحركة العدل في الجنوب ويصبح دليل إثبات على احتضانها الحركات في أراضيها في حين أن المجتمع الدولي يعلم، ذلك المهم سمحوا لنا بمغادرة الجنوب بطريقتنا الخاصة وتسللنا بعد أن تعافى الماصبون وكنا حوالي 30 أسيرا إلى أن وصلنا إلى الحدود السودانية ومنها نقلنا من الحكومة السودانية بطائرة إلى الأبيض ثم الخرطوم.