الخرطوم ـ محمد إبراهيم
أكد المفكر والمؤرخ السوداني د. عبد الله إبراهيم المحسوب على تيار اليسار أن المعارضة السودانية فوجئت بالتحول الكبير في علاقة الولايات المتحدة الأميركية مع حكومة الخرطوم بخاصة وأنها كانت تلعب على الكارت الأميركي باعتبارها الأقرب، وأوضح إبراهيم أن النظام السوداني المعروف بـ "الإنقاذ" ظل مقبولاً للسياسة الأميركية منذ فترة طويلة, وأشار إلى أن المعارضة كانت تتعشم في استمرار عزلة النظام الحاكم لفترة أطول وممارسة المزيد من الضغوط عليه ما يُضعفه دآخلياً في مواجهتها، لكنه أكد أن الحكومة السودانية نفذت كل ما طُلب منها من واشنطن في الفترة الماضية بخاصة ما يلي الجانب الاقتصادي سيما مُحددات البنك الدولي, وصندوق النقد الدولي, وأشار إلى أن اشتراطاتهما تكشفت في قرارت رفع الدعم عن المحروقات والسلع التي أعلنت عنها الخرطوم مؤخراً وأدت إلى مظاهرات في العاصمة والولايات, ويرى إبراهيم أن الحزب الحاكم يمضي في تفكيك ملكية الدولة في المؤسسات الاقتصادية والتخلي عن مصانعها وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص.
أما الشق السياسي فأكد إبراهيم في حوار مع "العرب اليوم" أن الحكومة السودانية الحالية ظلت منذ العام 1999 الحكومة السودانية متواصلة ومُتعاونة مع الحكومة الأميركية وتحديداً في جانب المعلومات وتمليك الأميركان ملفات تتصل ببرنامج مكافحة الارهاب، وأشار إلى أن قرار رفع الحظر الاقتصادي عن السودان أوضح أن حكومة "الإنقاذ" لديها إرادة للاستجابة للإيقاع الأميركي، وقال إن البعض ينظر إلى حالة العداء التي ظلت تشوب علاقات البلدين لكنه شدد على أنه يجب التفريق بين الحكومة الأميركية واللوبي في الولايات المتحدة وجماعات الضغط التي تتصدر المشهد السياسي هناك، لافتاً إلى أن النظام الحاكم في السودان ظل يتعاون مع "الحكومة الأميركية" في ملف الإرهاب منذ ذهاب كلينتون.
وأوضح الخبير في الشؤون الدولية المحلل السياسي د.عبد الله علي إبراهيم أن من أهم الملفات التي تقرب بين الخرطوم وواشنطن بالإضافة إلى ملف الإرهاب الأوضاع في "دولة جنوب السودان"، وقال إن الأميركين انعدمت لديهم الثقة تماماً في أن دولة الجنوب السودان قادرة على التماسك وحدها، بخاصة وأنهم وصلوا إلى قناعة مفادها أن الدولة الوليدة لن تستطيع الوقوف على أرجلها بعد الانفصال عن الدولة "الأم" السودان، وأشار إلى أن الانفصال كان خلفه "لوبي" أميركي وليست الحكومة في الولايات المُتحدة ونوّه إلى أن الإدارة في واشنطن منحت الجنوب فرصة "5" سنوات خلال فترة انتقالية سبقت الانفصال مع أنه كان باستطاعتها إنها الأمر في المحادثات لكنها لم ترغب في ذلك وشددت على أن الجنوب يحتاج لفترة التمهيدية تسبق الانفصال، وقال إنها كانت تأمل أن يقود "الاستفتاء" حول تقرير المصير إلى توحد "السودان" لكن ذلك لم يحدث.
وقال إبراهيم إن النظام في السودان تماهى بخطوات عملية مع واشنطن في سبيل تطبيع العلاقات، وأشار إلى أن الأخيرة أصبحت مُحرجة جداً بعد تعاون السودان معها لجهة أن التلويح بالعصا كان أكثر من "الجذرة" التي تدفع بها للخرطوم، وأكد أن قرار الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية الأميركية أراد الرئيس السابق أوباما أن يقدم من خلاله مكافأة للسودان على تعاونه، وأشار إلى أن أوباما اتخذ القرار في أيامه الأخيرة حتي لا يواجه جماعات الضغط ويُحاسب على ذلك تاركا هذا الملف إلى دونالد ترامب.