بغداد -عمر السويدي
أكد عضو مجلس محافظة نينوى، خلف الحديدي، أن الحديث عن تعيين حاكمٍ عسكري للموصل هروب من الواقع، فالمدينة مدنية بطبعها وتؤمن بالقانون ودولة المؤسسات، وعسكرتها يعني تدمير مستقبلها حتمًا، وتوجيه رسالة إحباط إلى المجتمع الموصلي.
وأضاف الحديدي، خلال مقابلة خاصة لـ"العرب اليوم"، أن هناك حديثًا عن تعيين حاكم عسكري للموصل، لكن في حالة تعيينه فإنه لا يستطيع تغيير واقع المحافظة، وما الذي يمكن أن يحدث لو تغيرت الحكومة المدنية وتحولت إلى عسكرية، متابعًا "اليوم القوات الأمنية والعسكر هم من يمسكون زمام الأمور في المحافظة، ولهم صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات التي يرونها مناسبة، وهناك تنسيق عال مع الحكومة المحلية لتحقيق الأمن والاستقرار في المدن المحررة من تنظيم "داعش".
وتسائل الحديدي، قائلًا "في حالة عُيٍّن حاكم عسكري هل سيستطيع إغاثة النازحين، ومن أين سيأتي بالأموال، فضلًا عن أنه ليس من المنطق أن نجعل المدينة اليوم عسكرية، إنما علينا اليوم تحويلها إلى مدينة تؤمن بالسلام والتعاون المجتمعي، فإلى متى يبقى اللون العسكري سائدًا في المدينة، وهو يأمر والآخر يجب أن يسمع ويطيع، فالمواطنون يريدون من يسمع صوتهم، بعض الأحيان يقولون لي فقط اسمع معنا نحن نعرف أنك لا تملك شيئًا لتفعله لنا، وكثيرًا ما نواجه في المخيمات من يريد أن يتحدث إلينا ونسمع منه".
وتابع الحديدي، إن الحاكم العسكري لن يكون في صالح المدينة، فالعسكر على مر التاريخ لم يكونوا كلهم جيدون، فهناك اليوم حوادث في الموصل من سرقات وغيرها يقوم بها بعض العسكريين غير المنضبطين، مضيفًا "نتلقى اتصالات بذلك ولكن الإجراءات الروتينية من قبل الجهات المعنية تحول دون وجود حلول فاعلة لذلك".
وبشأن معركة الساحل الأيمن، أشاد الحديدي بالتقدم الحاصل واستعادة القوات عدد من المناطق المهمة والإستراتيجية، مشيرًا إلى وجود فرق واضح على أرض المعركة وتراجع لـ"داعش"، لكن شراسة المعارك تؤدي إلى خسائر في المدنيين وخسائر في البنى التحتية ومنازل المواطنين، وتلك مشكلة لا مفر منها.
وبيّن الحديدي، أن أحياء الجانب الأيمن متداخلة مع بعضها، وهناك أزقة ضيقة لا سيما في المدينة القديمة، وهي تختلف عن الأحياء الأخرى في الجهة الغربية التي تتباعد عن بعضها، فمثلًا تل الرمان واليرموك التي قاتلت فيها قوات مكافحة التطرف، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن القصف الجوي أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين بسبب قصف التحالف للمنازل التي يدخلها عناصر "داعش"، فقد قصفت الطائرات بيوتًا كان عناصر التنظيم يستخدمون سطوحها لقصف القوات العراقية، ما دعا إلى الرد على مصدر النيران، ما تسبب في مقتل العديد من المدنيين الذين لا تُعرف أعدادهم على وجه التحديد.
وأشار الحديدي، إلى أنهم "لا نملك إحصائيةً عن حصيلة القتلى، لكن تردنا اتصالات من داخل المدينة تؤكد أن هناك قتلى تحت الأنقاض، فضلًا عن تمكن بعض الأهالي من إيصال جرحاهم إلى المستشفيات".
وبشأن الوضع الإنساني في الساحل الأيمن، أوضح الحديدي "هناك انعدام تام لما تبقى من المواد الغذائية، ومجلس المحافظة حاول عدة مرات إيصال المواد الغذائية والطبية، لكن العمليات العسكرية الجارية تمنع ذلك، والقوات الأمنية أيضًا تمنعنا من الوصول إلى مناطق في عمق الأحياء"، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن شاحنة ستدخل هذه الأيام لحي المأمون، بعد التنسيق مع الجهات المختصة والحصول على التراخيص اللازمة.
وكشف الحديدي، بشأن الاتهامات التي ترددت في وسائل الإعلام لمجلس المحافظة بالتقصير، أن هناك أعضاء من مجلس المحافظة منذ بدء المعارك وهم مع القوات الأمنية والنازحين، ويحاولون تقديم المساعدات الغذائية والطبية، ولا زالوا موجودين الآن في سيطرة العقرب ومنطقة حمام العليل، لكن لا يستطيعون تقديم مساعدات للحجم الهائل من النازحين بسبب عدم دعم حكومة بغداد للحكومة المحلية.
ولفت الحديدي، إلى أن الحكومة المحلية وأعضاء من مجلس المحافظة اضطرت قبل فترة من الزمن لشراء مواد من الأسواق المتوفرة بالآجل، على ذمة أعضاء المجلس والسيد محافظ نينوى، ولم توفر الحكومة الاتحادية أي مبالغ غير 18 مليار دينار " 17 مليون دولار"، خصصتها عندما انطلقت العمليات، و5 مليارات منها خصصت لناحية سنجار، والباقي لنينوى عن بدء معارك الساحل الأيسر، أما الساحل الأيمن فلم يخصص له أي شيء منذ انطلاق المعركة، فكيف يمكن إغاثة النازحين.
ونوه الحديدي، عن "أن مأساة الناس هي الجوع ونقص الغذاء وحليب الأطفال، لكن نحن نحاول العمل بالممكن ونرفع صوتنا أيضًا، حتى المنظمات الدولية تخلت عن الجانب الأيمن، وهي كانت موجود في الجانب الأيسر، لكن في المحصلة أن الشعب هو مسؤولية الحكومة وليس المنظمات الدولية، وإن كانت هناك معاهدات إنسانية كثيرة، لكن بالدرجة الأولى لا يحق لنا مطالبتهم بفعل شيء لنا".
وذكر الحديدي، أن الموصل مُقبلة على معركة أشرس من تلك التي تخوضها الآن، وهي معركة ضارية مع الفقر، وهذا أخطر شيء لأن المعارك العسكرية لا تفقدنا أخلاقنا أو مخالفة ضمائرنا لكن "صوت المعدة أقوى من صوت الضمير"، لأن المواطنين فقدوا كل شيء حيث رأيت الآلاف منهم في المخيمات، وهم فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وكل ما جمعوه في حياتهم، وهم الآن لا يملكون إلا خيمة ولا درهم ولا دينار، متعجبًا "عندما يريد النازحون غدًا العودة إلى منازلهم ما هو مصيرهم وأين سيذهبون، وهناك آلاف الأرامل والأيتام" .
وبشأن واقع المدينة في الساحل الأيسر، قال الحديدي، إن الحياة بدأت تعود تدريجيًا إليها، ومن يمسك الملف الأمني هم الشرطة المحلية، مضيفًا "نحن نعول كثيرًا عليها وننسق مع القوات الأميركية والحكومة المحلية لدعمهم، باعتبارهم مؤسسة رسمية ومعروفة ومقبولة من المجتمع أكثر من القوات الأخرى والحشود المختلفة، لكننا نواجه قلة في أعداد المنتسبين في سلك الشرطة، حيث كانت الموصل تمتلك 33 ألف عنصر أمن من الشرطة، لكن الآن هم فقط 11 ألفًا موزعين على الوحدات الإدارية، وهناك نقص كبير في القوات الماسكة، ولذلك لجأنا إلى الاستعانة بالحشود العشائرية من أبناء المحافظة مع الفرقة 16 ".