رام الله ـ تونس اليوم
لا شيء يمكنه الوقوف في وجه الإرادة والطموح، لاسيّما إذا ما تسلّح المرء بالإصرار والعزيمة التي لا تلين، حينها فقط تستحيل الأمور الصعبة ولو كانت في حجم الجبال إلى سهلة في المتناول. يحلم عامل النظافة، الفلسطيني أحمد حمايل، أحد أبناء مدينة البيرة، وهو يتنقّل من شارع إلى آخر، بأن يعيش مع عائلته في أجواء هادئة، بعيداً عن الهموم والأعباء المادية التي تثقل كاهله كل شهر، ما يجعله يجتهد في عمله ويعتني بعربته على الدوام وإظهارها بحلّة جميلة تسر الناظرين، مجدداً معها همّته وإقباله على الحياة، مسخراً طاقته لخدمة وطنه، كي يبدو في غاية الجمال والروعة. أحمد (29) عاماً لا يملك من متاع الدنيا الكثير، لكنه يملك ما لا يملكه غيره من الحيوية والنشاط، وعلاوة على ذلك الحب لمهنته كعامل نظافة، يكافح في شوارع مدينته وسط زحمة وصخب الحياة، لينفرد بكل ما هو جميل وجديد.
"ما في بعد رزق الحلال" قال أحمد وقد انهمك في تزيين عربته بالورود، في عادة غير مألوفة بالنسبة لعمال النظافة، مبيناً أنه يحرص على نظافة وجمال "عربة الرزق" كما يسميها، تماماً كما يحرص على نظافة شوارع مدينته.
ومضى: "أعمل في النظافة منذ نحو عشرة أعوام، كي أساعد عائلتي، وأساهم في علاج أخي الذي يعاني مرضاً مزمناً، ويحتاج للعلاج اليومي، وأحب هذه المهنة النبيلة، التي أكسبتني حب الناس، وهذا يكفيني".
ومن يرى عربة أحمد، وهي مزهوّة بأكاليل الزهور، يدرك أن هذا الجندي الخفي يستحق أن يُطوّق عنقه بكل أكاليل المجد، فهو مجتهد ومثابر في عمله، ولا يتخلى عن حبه للحياة، حتى وهو يزيل ما علق في شوارع مدينته من قاذورات، فتراه يصنع الجمال، وينثر الأمل، في كل حارة يخترقها بعربته، ومع إشراقة كل صباح، يخفّ مسرعاً إلى عمله، ويعلم الله كم هو شاق ومتعب، وخصوصاً في الأجواء الحارة، وكم يواجه خلاله أصنافاً كثيرة من الناس وأمزجتهم المختلفة، لكنه يقبل عليه بكل عزم ونشاط.
أحمد كغيره من أبناء جيله، يحب الحياة، ويعشق الرياضة كالماء والهواء، وقد أوكلت إليه أخيراً مهمة «مسؤول أدوات» مع فريق نادي مؤسسة البيرة، الذي يعشقه منذ الطفولة، ومن هنا فهو يحرص في كل مساء، على أن ينفض الغبار عن همومه المتناثرة هنا وهناك، كي يتفرغ لمهمة جديدة في خدمة وطنه.
قد يهمك ايضا
"الغبار الأصفر الموسمي" يُرعب كوريا الشمالية وكارثة قادمة من الصين
اكتشاف غريب تحت سطح مياه بحر البلطيق وُصف بأنّه "بوابة للجحيم"