صنعاء - خالد عبدالواحد
أكّد عبدالخالق سيف، مدير مكتب الثقافة في محافظة تعز جنوب غربي اليمن، أنّ الوضع الثقافي في تعز مرّ بأصعب مراحل الخفوت بسبب الحرب والحصار القائمين على المدينة منذ أكثر من 3 أعوام.
وأضاف سيف، خلال حوار خاص له إلى "العرب اليوم"، أن تعز مدينة ثقافية بالفطرة أرضا وإنسانا وهي مدينة تتعافى بإصرار وتحدّ وأمل لا يموت، وهي المدينة التي اعتبرت الفعل الثقافي قدرها الحتمي والأنيق، وأردف أن "تعز وأهلها المتعلقين بأستار الثقافة استطاعوا طيلة المدة الماضية في تطبيع الحياة واستقرار الوضع الثقافي مع عدم وجود أي إمكانيات كافية ولا دعم مستمر ومؤسسي يضمن الاستقرار التام".
وأكد سيف أن "الحرب سرطان يقضي على روح وتفاصيل وملامح أي بلاد ويتمترس الجميع خلف خطوط الهجوم أو أمام خطوط الدفاع"، مضيفا أن "المجد يصبح للطلقة الرصاص لا الكلمة أو النغمة وتسرق الحرب كل الألوان لتترك لنا اللون الأسود".
وقال: "بمساحة الحرب والحصار على المدينة تعز نال المدينة ذلك الانكسار وتجمدت حروفها وشدوها ونزفت لوحاتها، وتوقف كل فعل ثقافي فيها من أجل ثقافة الدفاع عنها وحماية الأرواح البريئة فيها"، أما بالنسبة إلى المناطق المسيطر عليها من قبل ميليشيات الحوثي قال سيف إنه "غاب عنها النشاط الثقافي تماما نتيجة لحالة اللا ثقافة التي تشبعت بها ميليشيا الانقلاب والتصحر الفكري والتي حاولت أن تفرضها بقوة السلاح في أماكن سيطرتها وإلغاء أي شكل من أشكال النشاط الثقافي المتعارف عليه".
دمار كبير للمنشآت الثقافية
قال رئيس مكتب الثقافة إن ميليشيا الحوثي تسببت في دمار كبير جدا طال المباني والمنشآت الثقافية في تعز كمؤسسة السعيد ومكتبتها الأكبر على مستوى الوطن، وأوضح أن المركز الثقافي في المدينة تعرض لأضرار جسيمة أفقدته قدرته التامة على احتضان الفعاليات الثقافية وبات بحاجة ماسّة إلى ترميمات كبيرة جدا ليعود إلى سياق عمله هذا خلافا لبقية المنشآت وكذلك المتحف الوطني الذي نهبه الانقلابيون ولصوص الظلام في الداخل وعقب ذلك تعرض لقصف همجي أحرق ما تبقى فيه وقلعة القاهرة وهي الشاهد الأكبر عن استهداف روح تعز الثقافية والأثرية والتاريخية.
وبين أن مشروع ميليشيا الحوثي في تعز "هو وأد ثقافتها وإحراق معالمها ومصادرها الثقافية وتدمير مقدراتها واستهداف مثقفيها ظنا منهم أنهم سيجعلونها نسخة مظلمة من كهوفهم العقلية والفكرية".
وأكد أن المركز الثقافي في تعز بات أشبه بالعصف المأكول، وقال: "إننا نفتقد المكان المناسب لإقامة فعالياتنا الكثيرة والمستمرة في ظل الحرب والحصار وللعلم فقد تعرض المركز الثقافي لنهب وإحراق أقعده عن الحركة الثقافية"، وأوضح أن الحكومة الشرعية وعدت بأن يتم ترميمه وبث الحياة فيه بعد انسحاب أو هزيمة الانقلابيين لمربعات ما بعد منطقة السلال، وأردف "لم يفقدنا غياب دور المركز الثقافي إيماننا الكبير أن كل مساحات تعز المحررة هي مراكز صالحة للفعل الثقافي، وهذا ما جعلنا نقدم فعاليات كبيرة ونوعية بل وأصبحنا نكاد نكون الوحيدين الذين نقدم أو نحتفي بنشاط ثقافي متميز محلي وعالمي بل وقدمنا فعاليات أصبحت حديث المدينة وأصبحنا قصة المثقفيين وحديث الناس".
وعدد المركز بعض الفعاليات، ومنها: (تراثنا في أعراسنا - استاند أب كوميدي - مهرجان ملامح الثقافي - يوم الشعر العالمي - يوم المسرح العالمي - تراتيل في القرآن الكريم - معرض الرسوم الكاريكاتورية - معرض الكتاب - يوم الموسيقى العالمي وغيرها، إلى جانب الفعاليات الرسمية والوطنية).
وقال سيف إن مدينة تعز "تمر بمنعطف ثقافي خطير حيث اضطر المثقف إلى حمل السلاح مدافعا عن قلمه الذي وإن لم يتركه تماما إلا أنه بات يراوده بشتات تام"، وأوضح أن دور المركز في إعادة الروح الثقافية إلى أصحابها وتخفيف عناء الحرب عنهم إلى جانب المثقف المدني الذي غابت عنه معظم مصادره الثقافية وأصبح في وسط محاصر ومعزول عن الخارج.
وقال إن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه مكتب الثقافة، التي تعيق العمل الثقافي أبرزها عدم توفر الإمكانيات التي تليق بسمو الثقافة، مضيفا أن "عدم توفر الدعم المؤسسي المستمر اللازم للارتقاء بالنشاط الثقافي وتجويده لكننا نثق أن هناك أضواء تفاؤلية تصنعها السلطة المحلية ووزارة الثقافة في المستقبل القريب وبها يستقر العمل الثقافي وتتحسّن مخرجاته".