نابلس ـ امتياز المغربي
أشارت المخرجة والمنتجة الفلسطينية، سوسن قاعود، إلى أنها "تركز في أفلامها على حالة المرأة الفلسطينية بجوانبها كافة، وذلك إيمانًا بقدرة المرأة على التعبير، وهذا من واجبها، فهي قادرة على توقع إحساسها ومشاعرها وأمومتها وظلمها وفرحها وألمها"، ولذلك فإن شخصيات الأفلام التي تخرجها، وهي غالبًا شخصيات تكسر حاجز الصمت تجاهها كونها امرأة، وتقدم تفاصيل حياتهن وكأنها جزء منها، لذلك يشعر المشاهد بالحميمية لهذه الشخصيات والكثير من هذه المشاهد تؤكد أن "الشخصيات هي جزء أساسي في صنع الأفلام". وعن تخصصها قالت سوسن إنها" درست الصحافة وتخصصت في مجال التلفزيون وخلال دراستي عرفت أن المجال الذي أود اختياره هو الإخراج التلفزيوني، ولم أبحث عن الشهرة يومًا ما، ولكن بعض الأعمال شقت طريقها للشهرة، وشخصيات الأفلام هي من تصنع الفيلم، إضافة إلى جميع العاملين فيه". وأضافت سوسن "بدايتي كانت في السنة الأخيرة من دراستي في الجامعة العام 1995، إذ بدأت التدريب في مكتب تلفزيون "إم بي سي" في موسكو، وبعد ذلك عدت إلى فلسطين وعملت كمراسلة في قناة الـ "إم بي سي" في القدس، وكنت أقوم بإنتاج وإخراج التقارير والريبورتاجات التي تلقي الضوء على واقع فلسطيني مختلف، منها التاريخ والثقافة والفن والإبداع، إضافة إلى واقعنا الفلسطيني بأشكاله كافة، وعملت بهذا الشكل حتى العام 2000 ومن ثمَّ انتقلت إلى العمل في مجال الإخراج والإنتاج الخاص بالأفلام الوثائقية". وتحدثت سوسن عن محاور أفلامها فقالت" بالنسبة للمواضيع، فهي مختلفة، لكنني أتطلع إلى المواضيع التي يمكن أن تلفت أنظار المشاهدين في أكبر قدر من هذا العالم، وفي العادة أبحث عن مواضيع أتأثر فيها أولًا، لأنني أؤمن بأن ما يؤثر في يؤثر الآخرين، وفي كثير من الأحيان تخطر على بالي فكرة معينة، لكنني لا أجدها ممتعة عند البحث، لذلك لا يمكن التركيز على موضوع واحد، لكن من الأعمال التي تطرقت لها موضوع الأسيرات المحررات والأسر، وما بعد الأسر، وموضوع عن تاريخ الموسيقى في فلسطين وموضوع عن الطائفة السامرية في فلسطين، والمرأة العاملة المزارعة والمرأة الرياضية، وغيرها من المواضيع التي تعبر عن تميز المرأة الفلسطينية وإنجازاتها وسرد الحكاية الفلسطينية من وجهة نظر مختلفة". وأضافت سوسن" ومن أفلامي أيضًا "بعيدًا عن الوحدة " وهو يتحدث عن واقع المرأة الفلسطينية التي تعمل في الحقل، ومن ثمَّ نجدها على أرصفة المدينة تبيع هذا المحصول، والفيلم يركز على قضية المرأة المسنة التي ما زالت تبحث عن مصدر رزق، وتتحدث عن معاناتها لإيصال هذا المحصول من قريتها إلى القدس أحيانًا، والتهرب من الحواجز باستخدام الطرق الالتفافية ليلًا، وهناك فيلم "السامري الطيب" الذي يتحدث عن قصة المرأة السامرية والتعرف على طقوس هذه الطائفة وعاداتها وتاريخها وظروف الزواج المخطط ضمن طائفة تعتبر من أصغر الطوائف في العالم". وأضافت أن" فيلم "نساء في الملعب" وهو وثائقي يتحدث عن المنتخب النسوي الفلسطيني لكرة القدم، نساء عرفن النضال والعمل الوطني كفلسطينيات، لكنهن وجدن أن الملعب وكرة القدم نضال بطريقة أخرى، فهن سفيرات النوايا الحسنة لفلسطين الجديدة، ويحلمن بتغيير الواقع وكسر حاجز التهميش، لأن كرة القدم عبارة عن لغة دولية يفهمها الجميع، ولا يوجد فيها مكان للخلافات بين الشعوب، ولم تكن انطلاقة لاعبات كرة القدم الفلسطينية سهلة، فقد تعرضن لموجة من الانتقادات والمعارضة من الأهل والأصدقاء، وحتى الجيران والمعلمين، الذين قالوا إن كرة القدم هي للرجال فقط، وهناك فيلم "أنامل الزمان" وهذا الفيلم يسلط الضوء على القصة الشخصية للملحنة وعازفة البيانو ريما ترزي والتي نتعايش في هذا الفيلم بموسيقاها وألحانها التي تنقلنا إلى تاريخ فلسطين منذ ولادتها قبل 80 عامًا حتى يومنا هذا والمرور بمحطات تاريخية سياسية وثقافية في فلسطين، وأخيرًا فيلم "السجن خارج القضبان" وهو يتحدث عن واقع الأسيرات المحررات ونعايش الأسر الذي يفرضه الاحتلال ما بعد التحرر، كالإبعاد القسري والإقامة الجبرية وتفكك الأسرة". وعن كيفية حلها للمشكلات التي تواجهها في عملها قالت" لا بد أن يكون لكل عمل مشكلاته الخاصة، وقد تكون أحيانًا في البحث أو الإنتاج أو التسويق، لكنني أشعر بالمتعة عند التغلب على هذه المشكلات، وفي غالبية الأحيان نستطيع ايجاد الحلول، ومن أكثر المشكلات التي تواجهني هي أنني أقضي مرحلة طويلة في إنتاج الفيلم، ويفرض علينا أحيانًا من قبل الجهة المنتجة فترة زمنية محددة، وفي العادة دائمًا ما أرغب في ترك نهاية أفلامي مفتوحة، وكأني سأعود إلى هذا الفيلم كي أكمله بعد فترة من الزمن". وبشأن اهتمامها بموضوع الإنتاج أوضحت سوسن" بدأت الإنتاج والإخراج معًا، وأنا لا أركز فقط على الإنتاج، فأنا أعمل كمنتجة ومخرجة في الوقت نفسه، وأحيانًا كمخرجة فقط، وفي العادة العملان يكمل بعضهما الآخر". وأضافت" نعمل جاهدين لإيجاد التمويل، وفي الحقيقة هي أكبر مشكلة تواجه المنتجين والمخرجين المستقلين، لذلك بما أنه فلسطيني لا يوجد صندوق لدعم السينما الفلسطينية، فنحاول إيجاد الدعم من جهات عربية أو دولية، وفي العادة هذا يأخذ الكثير من الوقت والجهد، وأن العلاقات والمهرجانات الدولية هي باب لطرق هذا الدعم". وعن كونها كانت نائبًا لرئيس جماعة السينما الفلسطينية قالت سوسن" لقد كانت تجربتي مع جماعة السينما الفلسطينية تجربة مميزة، لاسيما في فترة الراحل كبير السينمائيين الفلسطينيين مصطفى أبو علي، ولقد كنا نعمل جاهدين في تلك الفترة لتوثيق الأرشيف الفلسطيني، وهذا كان همَّ الراحل مصطفى أبو علي، وما زلنا نعمل لتحقيق هذا الحلم ولجمع السينمائيين الفلسطينيين تحت مظلة واحدة". وكانت سوسن قد انتجت مسلسل "يا نون" وهو مسلسل تعليمي من 30 حلقة تلفزيونية، أنتج منذ فترة طويلة، وكان الإنتاج ضخمًا، لاسيما أنه لمسلسل روائي ينتج في فلسطين، واستعانت بقدرات فنية فلسطينية مميزة من داخل فلسطين ومن الأردن في حينه، وتأمل أن يتم إنتاج الكثير من الأعمال الروائية من مسلسلات وأفلام فلسطينية، لأن ذلك يحي الحركة الثقافية والسينمائية في فلسطين. وقالت سوسن" ما زلت أعمل في التحضير لفيلم روائي، ولكنني في حاجة إلى الوقت والتمويل لإنتاج هذا العمل". وبشأن إذا ما قررت عدم إكمال إخراج أحد أفلامها، قالت" نعم لقد انتهيت من تصوير فيلم في العام 2010، ولكني لم أستطع القيام بالمرحلة الأخيرة، وهي المونتاج، وذلك لأن الموضوع يتعلق بمرض السرطان لشخص قريب مني، فلم أستطع التعايش مع المشاهد وقررت ترك الموضوع للزمن". يذكر أن المخرجة والمنتجة سوسن قاعود من مواليد مدينة نابلس ومقيمه في رام الله، ولديها ولدان، عمر (13 عامًا) ونتالي (12 عامًا)، وتخرجت العام 1995 من جامعة موسكو الحكومية، إذ حصلت على ماجستير من كلية الصحافة تخصص تلفزة، وحصلت في العام 1996 على دبلوم إخراج من بريطانيا.