فيروس كورونا

تابعت الهياكل الصحية التونسية الكشف عن خصائص السلالة المتحورة المحلية من فيروس كورونا، قبل أيام قليلة من الشروع في حملة التلقيح. وأكد الهاشمي الوزير، مدير معهد باستور تونس، أن السلالة التي تم رصدها في تونس تحمل متغيرات جينية موجودة بالسلالات الأخرى المنتشرة عالمياً، وبها متغيرات جينية أخرى لا توجد بالسلالات الأخرى التي تم رصدها في بقية دول العالم، وهو ما يجعل المختبرات التونسية تواصل المجهودات المبذولة للتعرف على صفاتها وكيفية انتشارها وسرعة تنقلها بين الأشخاص، ونفى بصفة قطعية انتشار العدوى بالسلالة الجديدة في تونس.

وأفاد الوزير، في تصريح إعلامي، بأن السلالة المكتشفة في تونس لديها جينات مشتركة مع بقية السلالات، وجينات أخرى مختلفة عنها، وهو ما يجعل الحديث عن فاعلية اللقاحات المنتجة ضد فيروس كورونا محل تساؤل. وفي هذا الخصوص، قال الوزير إن اللقاحات المعلن عنها حالياً تبقى ناجعة ضد هذه السلالة الجديدة، لكن قبل كل شي لا بد أن نتعرف على مدى انتشارها بعد التقطيع الجيني لها للتأكد من مدى خطورتها.

ومن جانبها، نفت السلطات الصحية التونسية إمكانية التعرف الدقيق على خصائص هذه السلالة المتحورة التي اكتشفت لدى تونسيين اثنين مصابين بـ«كورونا» في وقت وجيز، وما زالت عملية التعرف على مدى سرعة انتشارها في مرحلة التحاليل والأبحاث المخبرية، إذ إن هذه العملية تتطلب التدقيق في الوضعية الصحية للمصابين والمخالطين لهم للتثبت من خصوصيات هذا التغير الجيني.

إلى ذلك، أكدت وزارة الصحة التونسية حصول انفراج تدريجي للوضع الوبائي في تونس، حيث واصلت الوفيات المسجلة والإصابات المؤكدة بـ«كورونا» التراجع خلال الأيام الأخيرة. وكشفت عن تسجيل 18 حالة وفاة بتاريخ 21 فبراير (شباط) الحالي، بعد أن كانت الوفيات مضاعفة في 19 من الشهر نفسه، إذ سجلت المصالح الصحية 36 حالة وفاة جديدة. ويبلغ العدد الإجمالي للوفيات 7.811 حالة وفاة، أما عدد الإصابات المؤكدة فلا يقل عن 228.937 إصابة، بينما ارتفع عدد المتعافين إلى 189.358 متعافياً.

ومن جهة أخرى، وفي مقبرة الجلاز في تونس، يحمل 4 رجال جثماناً موضوعاً في كيس بلاستيكي، ويضعونه في الحفرة المخصصة له، بعد أن يتلو عليه أقاربه الفاتحة، فيما يخرق رهبة المكان صوت لطفي الجلاصي وهو يجهش بالبكاء على أخيه صالح الذي يوارى الثرى بعد وفاته متأثراً بفيروس كورونا.وقال لطفي بحرقة لوكالة الصحافة الفرنسية: «وجع الفراق مضاعف. توفي أخي ولم تتمكن ابنته وزوجته من توديعه، وهذا مؤلم أكثر». لم يُكفَّن شقيق لطفي، ولم يُغسَل كما تقضي الشريعة الإسلامية في بيته، ولم يُصلَّ عليه داخل المسجد كما جرت العادة، ولم يلتئم الأهل والأصدقاء والجيران للتعزية كما هي التقاليد في تونس وسائر الدول العربية، إذ تطبق طواقم عمليات الدفن في تونس بروتوكولاً صارماً في عمليات نقل المتوفين بوباء «كوفيد-19» من المستشفيات إلى المقابر، في إطار تدابير الوقاية من الوباء.

وكان الجثمان قد نقل في سيارة إسعاف شقت طريقها وسط زحمة مرورية في شوارع العاصمة، ولحق بها في سيارة لطفي (59 عاماً) الذي قال: «لم يقبلوا حتى بمرور السيارة التي تنقل الجثمان قرب منزله لتلقي العائلة عليه النظرة الأخيرة، ولو لنصف ساعة، ومن بعيد»، وأضاف: «هذا غير مقبول... هذا صعب جداً علينا».وفي بيت صالح الواقع في حي شعبي في تونس، لم ينصب سرادق العزاء؛ جلس رجل واحد أمام مدخل المنزل على كرسي أبيض، وكان في الإمكان سماع آيات قرآنية مسجلة ترتفع بصوت خافت. ومع تمرس الفرق الصحية في عمليات نقل الموتى ودفنهم، تم تخفيف التدابير المشددة التي كانت معتمدة سابقاً بالنسبة إلى المتوفين بالوباء، إذ صار يسمح لعدد محدد من أفراد عائلة الميت بإلقاء النظرة الأخيرة عليه والمشاركة في الدفن.

وفي ثلاجة الموتى في مستشفى شارل نيكول، أكبر مستشفيات العاصمة تونس، كان لطفي قد تقدم من جثمان شقيقه صالح (61 عاماً) لوداعه، واختلطت دموعه مع رائحة الموت ورائحة مادة التعقيم التي تخرق الكمامات الطبية الموضوعة على الوجوه. وقبل زمن كورونا، كان الميت يُغسل قبل دفنه، وتصلى عليه «صلاة الجنازة» داخل الجامع، بحضور المعزين والعائلة، ثم يوارى الثرى، لكن لم تعد هذه القواعد تطبق على المتوفين بالوباء الذي حصد نحو 8 آلاف وفاة منذ مارس (آذار) العام الماضي.

قد يهمك أيضا:
الإفراط في تناول فيتامين D يشكل خطرًا على الصحة
خبراء يحذرون من تناول مسكنات الألم قبل لقاح "كوفيد-19"