لندن - كاتيا حداد
تعتبر الزهور والنباتات مصدر رائع للأدوية المنقذة للحياة، ولا يشترط في تلك النباتات أن تنمو في أجزاء غريبة أو نائية من العالم لتوفير العلاجات المحتملة، بل في الحقيقة العديد من الأدوية والعلاجات الواعدة الجديدة توجد في زهور حديقتك الخلفية.
وقال كبير مستشاري البستنة في جمعية البستنة الملكية، جاي بارتر: "أعتقد أن معظم الناس سوف يفاجئون بحجم استخدام الزهور التي يعرفونها في الطب"، وقد تحولت الكثير منها إلى عقاقير تجارية من قبل شركات الأدوية التي قامت باستخراج أو نسخ مواد كيميائية تحتوي عليها، في حين تزهر الحدائق في الربيع، الصحة الجيدة تبدو في الموارد السرية التي يمكن أن تجدها في تلك الزهور الجميلة والمتوفرة دائمًا.
· بيونيز
يمكنها علاج: مفصلي الركبتين
من الربيع إلى أوائل الصيف، تتفتح الفاوانيا البيضاء والوردية والحمراء في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ولكن معظم البستانيين لن يكونوا على دراية بأنهم يحتوون على مادة كيميائية هي البايونول، والتي يمكن أن تحدث ثورة في علاجات التهاب المفاصل،
واكتشف العلماء في جامعة ليفربول مؤخرًا، أن البايونول يخفف الألم المشترك ويبطئ تدمير الغضروف، كما يساعد على امتصاص الصدمات وحماية المفاصل، وليس هناك دواء لعلاج هذا، ونتيجة لذلك، نحو 60 ألف من ثمانية ملايين شخص في المملكة المتحدة يعانون من هشاشة العظام، يخضعون لعملية استبدال الركبة كل عام.
لكن التجارب على الحيوانات، تشير إلى أن العقاقير القائمة على الفاوانيا، والمعروفة باسم أبا، يمكنها أن تبطئ تدهور الغضاريف، وتفعل ذلك عن طريق حجب خلايا الدم البيضاء التي تسمى العدلات، والتي يتم إطلاقها من قبل الجهاز المناعي لمكافحة العدوى، ولكن يمكن أيضًا أن يتم تنشيطها بشكل غير لائق في أولئك الذين يعانون من هشاشة العظام، ما يؤدي إلى الالتهاب
ويعمل الدواء عن طريق منع العدلات، "الآثار الالتهابية على الأنسجة داخل الركبتين"، ولكن من دون وقف إطلاقهم، وهو أمر حيوي لحماية الجسم ضد الكائنات الغازية، وهذا الدواء لديه إمكانات هائلة لتوفير علاج فعال.
· كروكوس
يمكنها علاج: السرطان
يقوم العلماء في جامعة برادفورد بتطوير "قنبلة ذكية" لمكافحة السرطان، والتي يمكن أن تعالج مجموعة من الأورام الصلبة، والمفتاح هو مادة كيميائية تسمى الكولشيسين، والتي تنمو بشكل طبيعي في زهور كروكوس.
ورغم أها سامة إذا ما استخدمت في حالتها الطبيعية، لذلك يضعها العلماء بشكل غير نشط إلى أن يتم تفعيلها فقط بمجرد أن تتصل مع البروتين الذي يصدر عن الخلايا السرطانية، والفكرة هي أن العقاقير، التي أطلق عليها اسم ICT2588، تدمر الخلايا السرطانية باستخدام السم للقضاء على الأورام التي تتغذى على الأوعية الدموية.
والأهم من ذلك، فإنه يفعل هذا دون تدمير الخلايا السليمة، ما يعني التغلب على مشكلة رئيسية في أدوية العلاج الكيميائي، وفي الاختبارات على الفئران، اختفت بعض الأورام تمامًا ولم تعد، وأول تجربة بشرية في العالم جارية، وتشمل المرضى الذين يعانون من سرطان متقدم في الثدي والرئتين والأمعاء والبروستاتا.
· هدرانجي
يمكنها علاج: التهاب المفاصل الروماتويدي
قضى علماء في كلية الطب في جامعة هارفارد في بوسطن، الولايات المتحدة، العامين الماضيين في تجربة دواء مصنوع من جذور الكوبية، وهي واحدة من النباتات الأكثر شعبية في المملكة المتحدة، حيث يحتوي جذرها على جزيء يسمى هالوفوجينون، والذي يمكن استخدامه لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، داء السكري من النوع الأول، والتصلب المتعدد، ويعتقد أن تلك الحالات هي التي يسببها تدهور الجهاز المناعي، حيث تهاجم الخلايا السليمة والأنسجة والأعضاء.
وفي الاختبارات الحيوانية، وجد العلماء أن هالوفوجينون توقف إطلاق خلية نظام المناعة التي تسمى TH17، والتي تعتبر واحدة من الخلايا الرئيسية المشاركة في الهجمات، وتفعل ذلك دون عرقلة إطلاق خلايا الجهاز المناعي الأخرى اللازمة لحماية الجسم ضد الكائنات الغازية.
· جيرانيوم
يمكنها علاج: السمنة
هناك نوع من إبرة الراعي المعروفة باسم جاكيتات جاستر، يمكن أن تكون سلاحًا في المعركة ضد السمنة، حيث يقوم علماء من كوريا الجنوبية بالتحقيق في صفات الدهون، بعد أن أظهرت دراسة أجريت عام 2011، أن الفئران التي تغذت على الزهور فقدت كمية كبيرة من الوزن، لا سيما الدهون الحشوية التي تتجمع حول الأعضاء وترتبط بأمراض القلب والسكري.
وأظهرت النتائج، التي نشرت في مجلة الطب الجزيئي، أن مستخرج إبرة الراعي يخفض مستويات الكولسترول والدهون الثلاثية العالية، والدهون الضارة على نحو مماثل.
· دافوديل
يمكنها علاج: مرض الزهايمر
زهرة هذا الربيع المشرقة المفضلة تحتوي على كميات عالية من مركب يسمى غالانتامين، والذي يستخدم لصنع دواء يسمى ريمينيل، هذا الدواء يساعد على علاج أعراض الخرف والزهايمر الخفيفة إلى المعتدلة.
ويعتقد أن غالانتامين يساعد على مكافحة العدوى، ولكن في البشر، فإنه يساعد على إبطاء انهيار مادة كيميائية تسمى أستيل كولين، وهي رسول يرسل إشارات بين الخلايا العصبية في المخ، فمرضى الزهايمر لديهم مستويات أقل من تلك المادة الكيميائية.
وثبت أن الدواء الجديد، على هيئة قرص أو سائل، يعزز الأداء في اختبارات الذاكرة والتفكير، ومع ذلك، فإنه يأخذ عشرة أطنان من زهرات النرجس البري لصنع 1KG من ريمينيل، والكثير من شركات الأدوية تستخدم نسخة اصطناعية التي هي أسهل بكثير لإنتاجها.
· فوكسغلوفس
يمكنها علاج: فشل القلب
فوكسغلوف هو واحد من النباتات المزهرة الأكثر تميزًا بألوان الوردي والأرجواني، لكنها أيضًا واحدة من الزهور الأولى للإلهام في الطب، وفي عام 1785، لاحظ ويليام ويثرينغ، وهو طبيب بريطاني من شروب-شاير، أن المريض الذي يعاني من قصور القلب الاحتقاني، حيث يعاني القلب من فشل في ضخ الدم بشكل صحيح بسبب ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو صمامات القلب التالفة، كان يتحسن بعد أخذ الأعشاب التقليدية المستلصة من فوكسغلوف.
واكتشف ويليام أن الزهور، فضلًا عن النسغ والبذور والساق والرحيق، كان لديها القدرة على إبطاء وتقوية معدل ضربات القلب، وحولت "جلاكسوسميثكلين" العملاقة العقاقير إلى نسخة اصطناعية من النبات إلى قرص يسمى ديجوكسين "يُباع تحت اسم العلامة التجارية لانوكسين"، والذي يستخدم لعلاج المرضى الذين يعانون من قصور القلب والرجفان الأذيني "إيقاع القلب غير الطبيعي".
ويعمل عن طريق زيادة مستويات الكالسيوم في عضلة القلب عن طريق ربط الخلايا في القلب التي تضخ الكالسيوم داخله وخارجه، وهذا يقلل من قدرة الخلايا على إزالة الكالسيوم، ما يعزز قوة عضلة القلب على الحمل وتعزز كمية الدم الغنية بالأكسجين، التي يتم ضخها للأعضاء والعضلات والأنسجة في الجسم.
ويحسن إيقاع القلب عن طريق إبطاء معدل ضربات القلب، والحد من "الترفرف" الذي يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدم داخل العضلات "ويزيد من خطر تخثر الدم إلى المخ ويتسبب في السكتة الدماغية"، ومع ذلك، انخفض استخدام الديجوكسين على مر الأعوام، إذ ظهرت أدوية أكثر أمانًا وأكثر فعالية.