الشاعر الموريتاني أدي ولد آدب
نواكشوط - محمد شينا
فتح أبرز شعراء موريتانيا أدي ولد آدب قلبه في حديث خاص لـ"العرب اليوم" تطرق خلاله للتعريف بنفسه ومناقشة القضايا المثارة على الساحة الثقافية والسياسية والأدبية التي تشهدها البلاد.
وقال الأديب إن أصعبَ سؤال يُوَّجَه إلى الإنسان هو"منْ أنت؟"، لأنَّ هذا السؤالَ
حير العلومَ والفلسفاتِ قديما وحديثا، والذين يَسْتَسْهلون الحديثَ عنه،لا يُدْرِكون طبيعته.
وأضاف أنه ولد في ُ1964،وتَكَلَّلَ مساره الدراسي بدكتوراه في الأدب2011 من جامعة محمد الخامس في المغرب،إضافة إلى دراسة القانون من جامعة نوكشوط2001 ، وشهادة الكفاءة في التعليم الثانوي من المدرسة العليا للتعليم في نواكشوط 1991.
ولفت إلى أنه ولد حاملا لجينات الشعر المُتَسَرِّبة إليه من مُوَرِّثات بلد " المليون شاعر" عموما، ومن مُوَرِّثات "بيت الشعر" الذي ولدتُ فيه خصوها وانطلقتْ صرخةُ ميلادي شاعرًا بالفعل، بعدما كنتُ شاعرا بالقوة،ابتداء من1982،ومنذ ذلك التاريخ وأنا في تفاعل مستمر مع هذا الفن.
ونبه إلى أن ارتباطه بالأدب هواية وتخصصا أكاديميا ومهنيا حيث دراسته طيلة العقود الماضية جَعَلَت منه شاعراً وناقدا يعيشان داخله وبينهما جدَلا مستمرا، ذاك ينتج،وهذا يأخذ دائما من أطراف إنتاجه، كلما تطورت رؤيتي النقدية المواكبة لتجربتي الشعرية ، حتى تمخَّضَتْ خُلاصتها الآن في ديوانين طبعتهما معا وزارة الثقافة الجزائرية 2009، أحدهما بعنوان "تأبط أوراقا" والثاني بعنوان "رحلة بين الحاء والباء" ، فالأول يمثل صوتي المنطلق إلى الخارج، بينما الثاني جاء صدًى لصوتي المُرتدِّ إلى الداخل، فكان الأول حوارا مع الأحداث والوقائع وصدى لانعكاساتها على الذات الشاعرة ، والثاني حديثا مع النفس "مونولوجا داخليا".
وعن تجربته مع برنامج أمير الشعراء ، قال إن كثير من الناس لا يعلم أني شاركت في التصفيات الأولية من النسخة الأولى من برنامج "أمير الشعراء"2007،حيث نجحت قصيدتي،وتعذر علي الحضور لأني كنت يومها في المغرب، فاستمعت لي لجنة التحكيم عبر التلفون ،وأجازتني بإجماع للمرحلة ما قبل الأخيرة، ولكن وضعية إقامتي المنتهية الصلاحية في الإمارات ظلت لا تسمح لي بدخولها، ولما كانتْ النسخة الثانية عاودتُ الكرة، ونجحتُ بالقصيدة ذاتها،وكنتُ أظنُّ أنَّ النسخةَ الثانيةَ ستحاولُ تصحيحَ أخطاء النسخة الأولى،إلا أنني تفاجأت باستمرار التمييز غير الإيجابي الذي نال منه الموريتانيون عبر حلقات البرنامج جميعها، حيث تكرَّسَ من النسخة الأولى أن الموريتانيين وحدهم أقدر على النجاح بالتصويت من أي بلد آخر، فأصبحت اللجنة لا تمنحهم إلا أسوأ نتائجها، تاركة إياهم للنجاح بأصْوات الجمهور، بينما تُخَصِّصُ كُبْرَيات درجاتها و تأهيلاتها لشعراء الدول العربية المعتبرة في نظرها ، والذين لا أمل لهم في تصويت الجمهور، مع أن بعضهم جدير بالتقدير، ولكن ميزان العدل لا يقبل منطقيا أن الشاعر الموريتاني أينما كان،في أي حلقة، من النسخ جميعها، لا يحصل إلا على أسوأ الدرجات.
وأشار إلى أنه " اكتوى بالاستراتيجية ذاتها، ورغم أني لم أطلب من أي شخص أن يصوِّت لي، ولم آخذ من أحد أي أموال دعما في التصويت، فإن أصوات الملايين كانت كلما أمُعَنَت اللجنةُ في إقصائي، تصْعدُ بي على منصة التتويج حتى النهاية".
وخلاصة رأيي في هذا البرنامج أن الدولة الراعية وفَّرَتْ له مقومات النجاح جميعها، غير أن الخطأ الأساسي الذي رافق ميلاد البرنامج وكبر معه، هو تكريس لجنة تحكيم واحدة، كفلتْ لها استمراريتُها أنْ تكسَّرَتْ حواجز التحفظ فيما بين أعضائها، وأصبحت معايير التوازنات والمحاصصة الإقليمية تحرِّكهم، أكثر من المعايير النقدية الفنية الإبداعية الخالصة ،ولو كانت لجنة التحكيم تتجدد كل موسم، لكان هناك تنافسٌ دائمٌ بين اللجان ، سابقها ولاحقها، ولكان في ذلك تشجيعٌ للنقد والشعر معا،وبذلك يصطاد البرنامج عصفورين بحجر واحد.
وعن تقييمه للدورة الحالية من برنامج أمير الشعراء، أوضح أنها لاتكاد تختلف عن سابقاتها، لأن البرنامج مازال يدور بشأن نفسه، في الحلقة المفرغة والتوازنات والانحرافات ذاتها، ومازال نصيب الموريتانيين من درجات اللجنة في ذيل القائمة، ومن أصوات الجمهور في قمة الترتيب، ومازال البرنامج على علته يقدم لجمهور الشعر أصواتا جميلة، وأخرى دون ذلك، وهذه هي قيمة"أمير الشعراء"، فهو يقدم أجيال الشعراء الشباب المعروفين والمغمورين إلى ملايين المشاهدين عبر العالم، فمن استطاع أن يُحْرِزَ إعجابَ تلك الملايين، لنْ يَضُرَّهُ أنْ يَخْسَر أصواتَ اللجنة، ومن خسر موقعه في قلوب هذه الملايين لن ينفعه أيضا كسْبُ درجاتِ اللجنة ولا ثنائها الذين ظلا بدورهما موضع نقد من كبار نقاد العالم العربي، وهذا في نظري يجب أن يكون هو الرهان الأساسي بالنسبة للعابرين جميعها من تصفيات هذه المسابقة.
وفي سؤال لـ"العرب اليوم" بشأن أنه قام بكتابة قصائد رائعة عن القدس وفلسطين، فهل لازالت القدس أولية لديكم؟
فأجاب"ما تزال القدس وفلسطين عموما أولوية بالنسبة لي، لأننا تربَّيْنا على تبنِّي هذه القضية بعمق، وعندما كبُرْنا كبُرتْ معنا القضية، وازددنا اقتناعا بعدالتها الإنسانية،رغم مفاجأتنا بأن بعض أبناء فلسطين لا تعني لهم قضيتهم ما تعنيه لنا.
كما أنني لاحظت أن الموريتانيين كانوا حتى عهد قريب يخاطرون بأنفسهم في خوض المظاهرات العارمة بغية أحداث فلسطين، ولا يخرجون في مظاهرة واحدة بغية مآسيهم،التي قد تكون في بعض الأحيان أسوء من الوضع الفلسطيني نفسه، كما أنهم كانوا يُدَبِّجون فيها القصائدَ ، ولايكتبون حرْفا واحدا عن مآسي وطنهم التي يعيشونها ويعاشونها.
وربما كان مَرَدُّ هذا الحضور الطاغي لهذه القضية في وجداني وشعري معا،هو أنني أشارك الفلسطيني في الإحساس بالغربة والضياع، إذ لكل منا منفاه الاختياري والاضطراري، خارج الوطن وداخله، وكل منا يحمل وطنه أينما رمت به الحياة، ويبحث عنه أينما توجَّهَ.
وعن رؤيته للأحداث الحالية في الوطن العربي ما بعد الربيع؟
قال آدب" الحقيقة أنني استبشرت خيرا، بالهَبَّاتِ الشعبية التي انطلقت فجأة من قلاع الدكتاتوريات، من صميم نبض الشارع العربي، من العمق الشبابي خصوصا، والشعبي عموما، ولم يكن لبداياتها أسس من النخب السياسية والثقافية العتيقة الفاشلة في العالم العربي، وأسس وتحضير من القوى الغربية التي دأبت على هندسة وتخطيط التغييرات السطحية السلبية التي كانت تجريها في عالمنا وفق مصالحها، بالانقلابات المدبَّرَة حينا، والانتخابات المُزَوَّرَة حينا آخر،وقد تفاعلت مع هذه البدايات بمقالات كان من أهمها"تسييس النحو وتصريف السياسة".
وأضاف " لكنني اليوم أشعر بمرارة خيبة الآمال العريضة التي علقناها على بدايات هذه الثورات،حيث لحقت بصفوفها النخب العتيقة الفاشلة، وحتى الفاسدة،ولحقت بها أيادي الغرب،تداركا لمصالحه المهددة بالتضرر، لواستحوذت الثورات الشبابية على مقاليد السلطة، فاختلطت فيها الأجندات المتداخلة من الداخل والخارج، رغم أن هذه الثورات الشبابية أسقطت رؤوس الدكتاتوريات بطريقة مفاجئة، دون أنْ تُرَاكم من الثقافة الثورية والنضال السياسي ما يكفي لملء الفراغ، كما أنها انصدمت بصلابة البنية العامة للأنظمة الفاسدة، وعدم تهيئة المجتمعات بما يكفي لاحتضان هذه الثورات واستثمارها بحكمة".
ومع كل ذلك تبقى النتيجة الأساسية لهذه الهبَّات، أن الأحكام العربية بعدها لن تفكر في أن تظل كما كانت قبلها، سواء نجحت في النهاية أو فشلت.
وفي سؤال عن دور الشاعر في تغيير الأوضاع السياسية ؟
تابع آدب" الشاعر اليوم يكفيه نجاحا أنْ يُغَيِّرَ ما بنفسه، بحيث لا يرْهن موهبته الجميلة في المواقع والمواقف غير الجميلة ولا المشرفة، أما الزمن الذي كان الشاعر فيه يُشَكِّلُ الواقع وفْق سِحْر بيانه، فيرفع ويخفض، ويقود المظاهرات بكلماته، فقد ولى، ربما إلى غير رجعة، نظرا لأن التاريخ الإنساني تتصارع فيه القيم الروحية والقيم المادية، وتتناوبان مواقع السيادة والتبعية جدليا، ففي الفترات التي تكون الغلبة فيها للقيم الروحية تنتصرالكلمة الطيبة الجميلة، وتؤتي أكلها ضعفين، وفي فترة هيمنة القيم المادية، يكون السيف أصدق أنباء من الكتب، وتكون الدراهم هي اللسان لمن أراد فصاحة، وهذا هو طابع الحقبة الراهنة للأسف.
ومهما يكن، فإن الشعر لا ينبغي أن يركع مستسلما أمام جَبَرُوتِ التّغَوُّل المادي القبيح، بل يجب أن يظل يحاربُ قبْحَ الزمن الرديء بجمال الفن والروح، حيث إن النفوس هي مسرح فاعليته التغيرية، ومن داخل هذه النفوس يأتي التغيير الجذري للواقع.
هل من علاقة بين الشعر والسياسية ؟
وأوضح الشاعر" لقد سبق لي أن قلت عن هذه الثنائية، أن نقطة التقاء الشعر والسياسة، يقتضي قانون المرور عبرها أن تتحول السياسة إلى شعر، ولا يتحول الشعر إلى سياسة".
·يلاحظ البعض تراجعا في أعداد المثقفين وعزوف عن القراءة بالمنطقة العربية ما السبب؟
هناك لاشك أكثر من سبب، لكن ربما كانت هيمنة القيم المادية على القيم الروحية،التي تحدثت عنها قبل قليل ، من أهم أسباب هذه الظاهرة، وضف على ذلك أن تراكم الأحكام العسكرية في عالمنا، عبر العقود الماضية،قد كان من أهم أسباب انكسار منحنيات مشاريع النهضة العربية التي كانت متتنامية في العقود الأولى من القرن العشرين،على مختلف الأصعدة،ثم ترسخت قيمة السيف على حساب قيمة القلم،وظلت الأحكام العسكرية تفعل فعلها في تخريب النظم التعليمية، وتفريغ الأوطان من نخبها تهميشا ونفيا وتهجيرا في أحسن الأحوال،في الوقت الذي كانت المهاجر الغربية تفتح أفواهَها بكل شهيتها لتلقُّف نزيف عقولنا المُهَجَّرَة، لتبني بعبقرياتها المهدورة مشاريعها التنموية المتطورة، التي هي سر تقدمها المتسارع، وهذا ما جعلني أكتب مقالا بعنوان "البنك الدولي للعقول الإسلامية"، نشرته كمشروع مقترح على منظمة المؤتمر الإسلامي، يدعو إلي إشراف هذه المنظمة على بناء قاعدة بيانية تجمع شتات الأدمغة العلمية المتناثرة في بنك معلومات يستثمر في اقتصاد المعرفة،بحيث تتولى هي إدارة هذا الرأسمال الرمزي، وإعادة توزيعه داخل سوقها الداخلي، ثم تسويق فائضه للخارج بعقود دولية محترمة ،تحمي عقولنا من تَخَطُّف الغرب والشرق لها بطرق فردية، ربما تكون مجحفة في حقهم، إلا أنهم يرونها مغرية على كل حال مقارنة مع الضياع الذي شردهم عن أوطانهم،
وقد ضاعت هذه الدعوة في مَهَبِّ اللامسؤولية المتمادية في دولنا ومنظماتنا،رغم أنها قابلة للتطبيق بشكل إقليمي أضيق، وحتى على المستوى القُطْرِي.
·كيف تقيمون الحراك الأدبي والثقافي في الساحة العربية؟
أعتقد أن ركائز تقويم الحراك الأدبي والثقافي هو معدل المُنْجز"كميا"، في النشر والترجمة، والعالم العربي كله لا يستطيع أن يقارن منجزه سنويا، بمنجز دولة واحدة ليست متقدمة أوربيا، هي أسبانيا مثلا، ولا حتى ببعض الدول الإسلامية غير العربية، مثل تركيا وإيران،كما أننا من حيث قياس "الكيف"، ليس لنا حضور معتبر في حصد الجوائز الدولية الكبيرة،رغم ما يشوب تحكيمها من تسييس مشهود، ولعل أهم ملاحظة تعِنُّ لي في هذا السياق، هي أن حظ الرواية والسينما العربيتين أفضل في المشهد الدولي من الشعر، الذي كان ديوان العرب، وتلك مفارقة تقتضي التأمل.
·كشاعر معاصر، اطلعت على آداب وثقافات شعوب أخرى، برأيكم أين وصل الشعر الموريتاني؟
الشعر الموريتاني مازال يتميز بأنه أكثر أصالة من الشعر العربي الراهن ،الذي يبدو أكثر حداثة،وقد لا يكون هذا مدحا مطلقا، ولا قدحا مطلقا بالنسبة لهذا ولا ذاك،لأن التطرف في الاتجاهين سلبي، والتوازن فيهما معا إيجابي،ولعل أسطورة بلاد " المليون شاعر"، هي أكبر وهم يعمينا في الداخل عن إدراك حقيقتنا الإبداعية، وأخطر مُشَوِّش على أفق انتظار المتلقي العربي لشعرنا، حيث يستقبله فإذا صدم بقلة المنجز الشعري كميا، وتواضع الكثير منه كيفيا،كان رد فعله مُحْبَطًا ومُحْبِطًا.
ومن هنا أقترح أن تكون علاقتنا بهذه الأسطورة علاقة بناء وتأسيس فعلي، وليست مجرد علاقة استعارة وانتحال.
ومهما يكن ،فإن الشعر الموريتاني عرف مع أجيال الشباب الجامعية أنتعاشا، يبشر باستمرار النبع في العطاء،بشكل يعِدُ بمسقبل مميز، إذا توفرت مواكبته بالرعاية والصقل والتعميق بشكل دائم،وستبقى موريتانيا آخر معقل للشعر العربي الأصيل إذا انقرض نهائيا في الوطن العربي، وهو احتمال غير مستبعد،أمام تنامي الأنماط الشعرية الهجينة.
·هلا تحدثتم بإيجاز عن مفهوم الشعر الحر؟
أنا أتحفظ على مصطلح الشعر"الحر"، لعدم كفايته الوصفية، حيث إن الحرية لا تمنح ولا تمنع إبداعا، وقد كنت منذ التسعينات إذا سئلت: هل تقول الشعر الحر، أجيب: أنا أقول الشعر"الحار"، ومن هنا بدأت تتشكل رؤيتي"للشعرالحار"، التي أتبناها بديلا لمقاربة الشعر وفق مصطلحات العمودي والحر والقديم والحديث، على اعتبار أن الحرارة ألصق بماهية الشعر، لأنها السمة التي إذا توفرت للشعر لا يضره أن كان عموديا ،أو حرا، أو قديما، أو حديثا ،وإذا فقدها لا ينفعه اتصافه بأية سمة من السمات الآنفة، مما يعني أن "الشعر الحار" أكثر كفاية وصفية من تلك المصطلحات الأخرى المتداولة بصفة ببغائية.
·من هم الشعراء الثلاثة المفضلون لدي أدي ولد آدب قديما وحديثا؟
المفاضلة هي موضوع أطر وحتي في الدكتوراه، وأنا أدرك مدى صعوبتها، بين الشعراء، لاسيما بهذا الإطلاق، فلا يكاد يوجد شاعر يعجبك مطلقا، أو لايعجك مطلقا، وخروجا من الإحراج سأنحي موريتانيا جانبا،وأختار المتنبي،نزار قباني، محمود درويش.
·من هم الفنانون الثلاثة الأقرب إلى قلب أدي ولد آدب من موريتانيا وخارجها ؟
سوف أخرج موريتانيا من دائرة السؤال،للسبب الآنف ذاته،فالموضوع هنا أكثر حساسية،لأعلن أم كلثوم،فيروز،كاظم الساهر.
·ما هي أجمل قصيدة كتبها أدي ولد آدب؟
سأظل أرى أجمل قصائدي هي التي لم أكتبها بعد، و ذلك ضروري لتستمر رحلتي" بين الحاء والباء"،بحثا عن الأفضل أبدا، "متأبطا أوراقي"، مطاردا "القصائد الهاربة" .