المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي

يبدو أن العراق يعيش هذه الأيام موسم إحالة الفاسدين إلى هيئة النزاهة، فبعد أن أعلنت حكومة العبادي أول من أمس، إحالة 15 مسؤولا كبيرا إلى النزاهة، كشف المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي عن أن حكومة العبادي أحالت ملفات أكثر من 5 آلاف مسؤولا للنزاهة منذ تشكيلها نهاية عام 2014، وحتى أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي، كما أكد الحديثي في تصريحات أمس «استكمال 1076 تحقيقا من مجموع الملفات الكلية، وإحالتها إلى القضاء». ولفت إلى «صدور أوامر استقدام بحق 2208 من المسؤولين، 800 منهم صدر بحقهم أوامر قبض، أما الذين صدر بحقهم أوامر قضائية وتمت إدانتهم، فهم 314 مسؤولا». 

وعلى الرغم من الحملة التي تشنها حكومة العبادي هذه الأيام ضد الفاسدين بالتزامن مع الاحتجاجات المتواصلة في البلاد، فإن شكوكا غير قليلة تتمحور حول قدرة العبادي على إحراز تقدم مهم في ملف مكافحة الفساد، خاصة وهو يتحرك في الوقت الضائع من عمر حكومته.

وتتراوح الدرجات الوظيفية المحالة إلى النزاهة، استنادا إلى المتحدث باسم الحكومة، بين وزراء ووكلائهم ومسؤولين ومديرين عامين وأصحاب درجات خاصة ورؤساء مجالس للمحافظات ومحافظين.

وحول المصادقة التي أعلنها العبادي، أول من أمس، وأحال بموجبها 3 وزراء و12 مديرا عاما، ذكر الحديثي أنها «ليست الأخيرة والوحيدة، وهناك خطوة ضمن خطوات لاحقة وستشهد الأيام المقبلة إحالة عدد آخر من المسؤولين». ويرى مراقبون للشأن المحلي أن المشكلة الأكبر التي تواجه العبادي في قضية مكافحة الفساد هي أن «المواطنين العاديين لم يعد بإمكانهم الثقة بأي إجراء تتخذه الحكومة».

ويقول الكاتب الصحافي علي حسين في حديث لـ«الشرق الوسط» إن «الجميع يتذكر عام 2015 حين أخبر العبادي الشعب أنّ الحرب على الفساد بدأت ولن تتوقف حتى سقوط آخر قلعة من قلاعه، لكن شيئا لم يحدث بعد ذلك».

وما جرى بعد ذلك، والكلام لحسين، أن «محافظ البصرة المتهم بالفساد ماجد النصراوي لم يحاسبه أحد، وكذلك عشرات غيره من المسؤولين». ويضيف: «يبدو أن محاكمة أو سجن أو الغرامة على الفاسد أصبحت من الكماليّات في هذه البلاد».

أما الكاتب والإعلامي واثق الجابري، فيرى أن العبادي «يحاول هذه الأيام إطلاق جملة رسائل سياسية في إطار سعيه للحصول على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء». ويتفق الجابري في حديث لـ«الشرق الأوسط» مع الآراء التي ترى أن العبادي فرط بالدعم السياسي والشعبي الذي حصل عليه عام 2015، ولم يحرز أي تقدم في محاربة الفساد، وهو اليوم يسعى إلى «إقناع بعض الأطراف السياسية والمجتمعية بخطواته، عبر تماهيه مع خطاب المرجعية الدينية في النجف التي تؤكد صفة الحزم التي يجب أن يتحلى بها رئيس الوزراء».

ويستبعد الجابري أن «ينجح العبادي في إحراز تقدم كبير في ملف الفساد التي يمتد لنحو 15 عاما، ومع ذلك فأن يرمي حجرة في مياه هذا الملف الراكدة أفضل من ألا يفعل شيئا».

من جانبها، كشفت مديرية تحقيق البصرة في هيئة النزاهة، أمس، عن تمكنها من ضبط عمليات تلاعب بعقارات تبلغ مساحتها أربعة دونمات في قضاء شط العرب بالمحافظة بموجب وثائق مُزورة. وذكرت المديرية في بيان، أنها «نفذت عدة عمليات لضبط حالات التلاعب في خمسة عقاراتٍ تقع في قضاء شط العرب». كما أشارت إلى أن «عملية الاستيلاء على تلك العقارات، تمَّ بموجب وثائق مُزوَّرة بالتواطؤ من قبل موظفي دائرة التسجيل العقاري في شط العرب».