تسعى الإدارة الأمريكية إلى احتواء آثار توسعها فى برامج التجسس الاليكترونى على الهواتف المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعى وشبكات الانترنت وما أحدثه ذلك من جدل أمنى وأخلاقى فى خارج الولايات المتحدة و خارجها وشكك فى مصداقية إلتزام الإدارة الامريكية بقيم الديمقرطية واحترام الحياة الخاصة للأخرين إذا تعلق الأمر بتهديدات أمنية . وتعمل شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تبرئة نفسها أمام الرأى العام الأمريكى من التورط فى برامج التجسس الإليكترونى وتطويرها وتهدف الشركات من وراء ذلك إلى تعزيز علاقاتها مع عملائها واستعادة الثقة لديهم فيما تطرحه لهم من برامج و منتجات جديدة . و كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما قد التقى فى 21 من الشهر الجارى مع6 من قادة و مديرى مؤسسات الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات الأمريكيين لمناقشة برامج التجسس على الاتصالات و شبكات الانترنت التى تقوم بها وكالة الأمن القومى الامريكية . وحاول أوباما خلال اللقاء إقناعهم بأهمية دور التكنولوجيا فى تحقيق القوة الأمريكية الشاملة ومواجهة التحديات الأمنية و الإرهابية وناقش معهم ما يتردد إعلاميا عن نشر وكالة الأمن القومى الأمريكية لبرامج جرثومية أصابت ملايين أجهزة الكمبيوتر فى العالم بفيروس / المالوير / الذى يخترق قواعد البيانات و المراسلات الانترنتية . وتشير التقارير الأمريكية إلى أن نجاح وكالة الأمن القومى الأمريكية فى تطوير نظام رصد ومراقبة للاتصالات الهاتفية يمكنها من المراقبة والتسجيل بنسبة 100 فى المائة للاتصالات فى دولة ما من دول العالم و الاحتفاظ بفحوى الاتصالات لمدة شهر واحد فقط من تسجيلها فور حدوثها . ويرى خبراء أمنيون أمريكيون أن نسبة المتابعة الفعلية لا تتعدى 1 % من مليارات المكالمات المسجلة التى ليست جميعها هامة بطبيعة الحال ، لكن كاتلين هايدن الناطقة باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى قالت إن التهديدات المتصاعدة للأمن القومى والمصالح الأمريكية تستدعى تأمين ومتابعة النظام العالمى للاتصالات الذى بات أكثر اتساعا و تعقيدا بما لا يدع مجالا أمام أجهزة الاستخبارات الامريكية و العالمية الاخرى من التركيز على عمليات اعتراض الاتصالات . من جانبها، تقول فانى فينز الناطقة باسم وكالة الامن القومى الامريكية إن أي تسريبات من موظفى وكالات الاستخبارات الامريكية السابقين حول تقنيات أوآليات معينة لتنفيذ الأنشطة المشروعة لاجهزة الاستخبارات الخارجية الامريكية أوغير ذلك من أسرار اقسموا على كتمانها من شأنه إلحاق الضرر البالغ بالأمن القومى الأمريكى و كذلك بأمن الدول الصديقة و الحليفة للولايات المتحدة وكانت بذلك تشير بصورة غير مباشرة إلى سنودن موظف الاستخبارات الامريكية السابق والمتهم بتسريب معلومات تنطوى على ما يعتبره فضائحا لاجهزة الاستخبارات الامريكية و المطلوب حاليا أمام القضاء الامريكى . وكشفت تسريبات سنودن عن أن إسرائيل نفسها ليست بمنأى عن برامج التجسس الإليكترونى التى تباشرها وكالة الأمن القومى الأمريكية ، كما كشفت عن اختراق الأمن القومى الأمريكى لاتصالات عناصر فرنسية الجنسية جميعها موضع اشتباه بالضلوع فى أنشطة إرهابية بما فى ذلك رسائل (إس إم إس) . وبحسب تسريبات سنودن تستطيع وكالة الأمن القومى الأمريكية اختراق الملايين من مواقع التواصل الاجتماعى مثل التويتر و الفيس بوك و جمع المعلومات عن مستخدميها وكذلك تقوم الوكالة بتطويرألعاب إليكترونية مثل لعبة انجرى بيردز الشهيرة لتجميع معلومات من أجهزة الهاتف أو الكمبيوتر التى يستخدمها اللاعبون حول العالم . وكان الرئيس الأمريكى باراك اوباما قد اقترح على الكونجرس الامريكى اصدار تشريع لتعديل بعض الاوجه فى برامج التجسس الامريكية الاليكترونية التى تقوم بها وكالة الامن القومى الامريكى بما يعطى أشكالا جديدة من الحماية للاجانب الذين تطالهم برامج التنصت الاليكترونى الامريكية ، حيث أكد اوباما أن طبيعة هذه البرامج لا تستهدف عموم البشر حول العالم بطبيعة الحال بل تستهدف أشخاصا بعينهم يشتبه فى تورطهم فى أنشطة إرهابية أو تخطيطهم لها فى أى من بلدان العالم . ويقول كريستوفر سوغيان الخبير فى الاتحاد الامريكى للحريات المدنية إن التاريخ سيسجل قيام أجهزة المخابرات الامريكية فى غضون عامين بالتوسع فى نطاق تغطية برامج تنصتها الاليكترونى جغرافيا وإطالة أمد الاحتفاظ بالمعلومات المسجلة لاغراض تحليلها وفرزها وزيادة عدد المستهدفين من برامج تنتهك الحريات الشخصية ، لكن جيمس كلابر الناطق باسم وزارة الاستخبارات الوطنية الامريكية نفى مثل هذه التصريحات او إعتزام بلاده التوسع فى برامج التنصت الاليكترونى ، مؤكدا أن الترشيد و ليس الاتساع هو المستهدف القيام به على ضوء التعليمات الرئاسية الامريكية الصادرة فى السابع عشر من يناير الماضى .   أ.ش.أ