القاهرة ـ أحمد عبدالفتاح
كشف أستاذ القانون الجنائي في جامعة حلوان والمستشار القانوني للمنظمة العربية لحقوق الإنسان الدكتور عماد الفقي، أنَّ حكم محكمة النقض بقبول طعن النيابة ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك يعني أنه سيحاكم مرة أخرى في قضية قتل المتظاهرين، فضلًا عن ثبوت براءة باقي المتهمين من التهم المنسوبة إليهم.
وأوضح الفقي في حوار خاص مع "العرب اليوم" أنَّ المحكمة لم تقتنع بالأدلة التي ساقتها النيابة العامة لإدانة الرئيس الأسبق حسنى مبارك ووزير داخليته ومساعديه في قضية قتل المتظاهرين، وبالتالي فإنَّ الحكم يعني في ما يتعلق بمبارك هو الذي تعاد محاكمته من جديد لأن محكمة الإعادة كانت أصدرت حكمها بألا وجه لإقامة الدعوى ضمنيًا في مواجهته.
وأضاف: "لكن محكمة النقض لم تقنع بهذا التحييد بمعنى أنها لم تعتبر تقاعس النيابة العامة وتأخرها عن رفع الدعوى الجنائية عن مبارك بمثابة تنازل ضمني عن إقامة الدعوى؛ لأن محكمة النقض قد تواترت في ما يتعلق بالأمر الضمني بألا وجه لإقامة الدعوى أن يكون تصرف النيابة العامة يقطع وبطريق اللزوم العقلي على أنَّ النيابة العامة قد صرفت النظر عن تحريك الدعوى الجنائية على المتهم".
وتابع الفقي: "بالتالي فإنَّ محكمة النقض لم تعتبر تأخر الدعوى الجنائية ضد مبارك من النيابة يدل على صرفها النظر عن تحريك الدعوى الجنائية ضده ومن ثم قد نقضت الحكم لهذا السبب وحددت جلسة أخرى لنظر موضوع الدعوى بالنسبة إلى مبارك وفي هذه الحالة تفصل محكمة النقض وكأنها محكمة الجنايات في موضوع الدعوى سواء بالبراءة أو بالإدانة حسبما يتراءى لها وستتبع محكمة النقض كل الإجراءات التي نص عليها القانون لنظر الدعاوى أمام محكمة الجنايات وحينها تترافع النيابة العامة والدفاع عن المتهم وتعتبر نفسها كأنها محكمة جنايات موضوعية".
وبيَّن في ما يتعلق بالمتهمين الآخرين أنَّ البراءة أصبحت بالنسبة إليهم حكمًا باتا لا يقبل الطعن بأي طريقة من طرق الطعن، حيث تحصن الحكم وأصبح حائزًا على قوة أو حجية الأمر المقضي، ولفت إلى أنَّ النائب الأول لرئيس محكمة النقض ورئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المستشار أنور الجابري، سيبلغ سن التقاعد في 30 حزيران/ يونيو الجاري، لكن تقاعد رئيس محكمة النقض لا يؤثر على الإطلاق على القضية؛ لأن الدائرة التي ستنظر الموضوع هي التي ستحكم بصرف النظر عن سير إجراءات الدعوى.
واستدرك: "هناك أكثر من دائرة جنائية في محكمة النقض وكل دائرة مشكلة لها اختصاصها ورئيسها الخاص بها ولا يؤثر ذلك على نظر دعوة مبارك أو غيرها من الدعاوى"، وأوضح أنّ محكمة الجنايات التي تم نقض حكمها بخصوص مبارك استندت إلى أنه ليس هناك في الأوراق ما يشير إلى أن المتهمين ارتكبوا الجرائم المنسوبة إليهم.
واسترسل: "لم تقتنع المحكمة بالأدلة التي ساقتها النيابة العامة تدليلًا على صحة هذه الاتهامات، والقاعدة الجنائية التي تحكم المحاكمات الجنائية قاطبة هي أن أحكام الإدانة تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين، ومؤدى هذه القاعدة أنّ المحكمة إذا لم تر أن هناك أدلة يقينية قاطعة تجزم بصحة الاتهامات المنسوبة إلى المتهم فيتوجب عليها حينئذ أن تقضى بالبراءة لأن الشك يفسر لمصلحة المتهم".
وأشار الفقي إلى أنَّ المحكمة الأولى برئاسة المستشار أحمد رفعت استندت في معاقبة مبارك والعادلي بالمؤبد إلى تغيير القيد والوصف التي أحالتهما بهما النيابة العامة إلى المحكمة إلى جريمة الاشتراك بالامتناع عن قتل المتظاهرين ولكن محكمة النقض لم تؤيد هذا القضاء وقضت بنقض الحكم على أساس أن الاشتراك لا يمكن أن يكون بالامتناع وإنما يكون الاشتراك دومًا بأفعال إيجابية وهي نظرية تثير جدالًا في الفقه والقضاء المصري.