لندن ـ كاتيا حداد
أوضح مجلس النواب البريطاني أنه يجب على إذاعة "بي بي سي" أن تتوقف على وصف مقاتلي داعش بالمتشددين وأن تدعوهم بالمتطرفين.
وترفض الإذاعة استخدام لفظ متطرفين بحجم الحفاظ على نزاهتها، موضحة أن هذا الوصف يتضمن حكمًا في حين أنه لا يوجد إجماع واضح حول شرعية الجماعات السياسة المسلحة، ويعني هذا أن الملايين من مستمعي الراديو والتلفزيون يسمعون وصف مقاتلي داعش بكونهم مسلحين متشددين.
وانقسم مجلس النواب البريطاني وهاجم سياسة الإذاعة، موضحًا أنه حان الوقت لاستخدام كلمة إنجليزية سلة لوصف القتلة بدم بارد، وعلى الرغم من أن "بي بي سي" لا تحظر كلمة متطرف صراحة، إلا أنها أوضحت للصحافيين أنه يجب تعديل لغتهم، وعندما يغفلون عن ذلك ترسل وحدة السياسة التحريرية للصحافيين بريدًا إلكترونيًا للتذكير بالمعايير، ونتيجة لذلك يستخدم مقدمو البرامج وكتاب هيئة الإذاعة لفظ متشدد أو جاد كبدائل ما لم تكن تنقل تصريحًا مباشرًا لشخص ما، وتستخدم أحيانًا كلمة المجموعة وتستغني عن الصفات تمامًا.
ولم تظهر كلمة تطرف أو متطرف مرة واحدة في موضوع من 1700 كلمة نشر على موقع "بي بي سي" هذا الأسبوع بعنوان "ماذا تعنى الدولة الإسلامية"، رغم أن الموضوع ضم مصدرين من مركز مكافحة التطرف القومي الأميركي.
وأضاف النائب المحافظ أندرو بريدجين: "لا تريد بي بي سي استخدام كلمة تطرف لأنها تحمل حكمًا، وتشير الكلمة إلى الناس الذين يسافرون في جميع أنحاء العالم لارتكاب جريمة قتل بدم بارد".
وذكر النائب العمال جون مان: "يجب أن نطلق عليهم متطرفين لأن هذه حقيقتهم ولا يوجد شك في كونهم متطرفين"، وبيّن النائب المحافظ فيليب ديفيز: "كان الله في عوننا جميعا إذا كانت بي بي سي باعتبارها خدمة عامة ولا يمكن وصف الأشياء بمسمياتها، هل لا يريدون الإساءة إلى المتطرفين؟ إنه أمر غير عادي على الإطلاق".
وأعرب صحافيو "بي بي سي" عن إحباطهم بسبب عدم قدرتهم على وصف مرتكبي هجمات باريس بدقة، وقال أحدهم: "إنه أمر غير مناسب، ينبغي أن يسمح لنا بوصفهم بالمتطرفين"، فيما أوضحت الإذاعة أن كلمة متطرف تحمل الكثير من الأحكام القيمية وهو ما تسعى إلى تجنبه.
وأخبرت الإذاعة الموظفين: "التطرف موضوع صعب وذو مدلول سياسي كبير ويجب الحذر في استخدام اللغة التي تحمل أحكام قيمية، ونحاول تجنب استخدام مصطلح متطرف من دون إسناد، ويجب أن نستخدم كلمات ذات وصف دقيق مثل مفجر، مهاجم، مسلح، خاطف، متمرد، متشدد".
وأفاد مصدر في "بي بي سي" بأنه على الرغم من أهمية هذه القواعد، وخصوصًا خلال تفجيرات الجيش الجمهوري الأيرلندي إلا أن الإذاعة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في معطيات العصر الحالي.
وأردف المصدر: "أتفهم أنه في أيرلندا الشمالية هو ترخيص دافعي الرسوم وقد لا يعتبر جيرمي أدامز متطرفًا، لكني أعتقد بأنه واضح للجميع أن داعش تنظيم متطرف، وهنا تعتبر الإرشادات مسألة سخيفة".
وجاءت "بي بي سي" ببعض الموضوعات الجمعة لتوضيح استثناءات هذه القاعدة، ومن بين ستة موضوعات اشتملت على توصيفات مثل هجمات متطرفة، التهديدات، الجرائم، وصف تنظيم داعش في موضوعين فقط منها بكونه متطرفًا.
وتابع ديفيز: "إنه أمر غير عادي أن لا يتم وصف الأشخاص المنفذين لهجمات باريس وتونس بالمتطرفين، وإن لم يكونوا متطرفين فمن هم؟".
وصرّح محدث باسم الإذاعة: "نحن على يقين من أن الرأي العام البريطاني لا يشك في تغطيتنا بشأن اعتبار هذه المنظمة قاتلة، ولكن بي بي سي تحاول الالتزام بالديمقراطية وتاريخنا يبين ذلك، هدفنا تقديم تقرير دقيق باستخدام المصطلحات المناسبة".
وليست هذه المرة الأولى التي يشير فيها نقاد "بي بي سي" إلى الحظر المفروض على كلمة التطرف، وفي 2013 انتقد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الإذاعة بسبب وصف المتطرفين وراء هجوم الجزائر بالمتشددين، مضيفًا: "هؤلاء إرهابيون ويجب وصفهم على هذا النحو، وكان الهجوم متطرفًا وتم أخذ رهائن وقتلهم، وهو فعل يجب أن ندينه تمامًا".
وتعرضت إذاعة "بي بي سي" للنقد عام 2012 عندما طلبت من الصحافيين عدم وصف واعظ الكراهية أبو قتادة وهو على صلة بتنظيم القاعدة بالمتطرف، وخلال أعمال الشغب في صيف 2011 أشارت الإذاعة مرارًا إلى اللصوص ومثيري الشغب بالمتظاهرين.